فى مقابلة مع كريس والاس على قناة فوكس الإخبارية يوم الأحد قبل الماضى، تنبأت سارة بالين بعدم انتخاب الرئيس باراك أوباما مرة أخرى، غير إنها سرعان ما أضافت توضيحا يتعلق بحالة الاقتصاد؛ فإذا نجح الرئيس أوباما فى إصلاح الاقتصاد المتداعى، فسيكون من المؤكد تقريبا إعادة انتخابه. وعلى أى حال، يمثل الاقتصاد المتعثر مصدر مشكلاته السياسية حيث يثير الإحباط المتعلق بالاقتصاد الغضب والاضطراب لدى كل من اليمين واليسار على السواء. ولدى الجمهوريين، أمثال بالين، الحق فى مراقبة تلك الأرقام الاقتصادية بقلق. فإذا استطاع أوباما خلق فرص عمل، فسيكون طريقه لإعادة الانتخاب آمنا بكل تأكيد. ولكن ذلك لم يكن يدور فى ذهن بالين عندما تنبأت بما يمكن أن يكون أداة لتغيير اللعبة عام 2012 (وقد يحول بينها وبين تحدى أوباما الذى لا يقهر فى ذلك الحين). وقالت بالين لوالاس: «لنفترض أنه قرر الحرب ضد إيران أو قرر فعلا بذل قصارى جهده لدعم إسرائيل، وهو ما أود أن يفعله، فسوف يغير ذلك الديناميكيات التى يمكن من خلالها توقع ما سيحدث من الآن وحتى ثلاثة أعوام قادمة». وفوجئ والاس بتلك الإجابة، وسألها عما إذا كانت ترى أن أوباما قد يلعب «بورقة الحرب» من أجل الفوز. فأجابت بالنفى قائلة: «لا أرى ذلك، وإنما أقول، إنه لو قام بذلك لتغيرت الأمور على نحو درامى للغاية..». غير أن ذلك ينطبق فحسب على الجزء الخاص ب«ورقة الحرب». فبالين تعتقد بالفعل أن أضمن طريقة لحصول الرئيس على تأييد شعبى هى «إعلان الحرب على إيران» وأيضا «بذل قصارى جهده لمساندة إسرائيل». غير أن جميع المهتمين بإسرائيل يعلمون أن إدارة أوباما غير راغبة فى مطالبة إسرائيل بما لا تقبل الدولة العبرية القيام به. وأوباما يساند إسرائيل بالكامل فعلا، وهو يقول ذلك كلما سنحت له الفرصة. فمن أين جاءت بهذا الكلام؟ الأمر واضح تماما.. ففيما يتعلق بالسياسة الخارجية، سارة الآن صنيعة المحافظين الجدد الوحيدون فى أمريكا الذين يعتقدون أن شن حرب على إيران من شأنه أن يحول سخط الأمريكيين بشأن الاقتصاد إلى حماس بشأن فرصة خوض حرب أخرى ضد المسلمين. كما أنها الورقة البيضاء التى يمكن لوليام كريستول (من مؤيدى بالين المتحمسين) ورفاقه أن يعيدوا عليها نقش السياسات الكارثية التى كانت مطبقة فى ظل الإدارة السابقة. وربما لا تدرك بالين نفسها تماما إلى أى حد يستغلها المحافظون الجدد. فعندما سألها والاس من أين جاءتها فكرة أنه يمكن إعادة انتخاب أوباما إذا قرر الحرب على إيران، قالت إنها كونت الفكرة من «قراءة مقال كتبه بات باكونان». غير أن باكونان معاد لإسرائيل (وهو معروف عنه أنه لا يحمل مودة لليهود بشكل عام)، ويعارض تدخل الولاياتالمتحدة فى الشرق الأوسط. كما أنه آخر شخص يمكن أن يؤيد قيام حرب أخرى فى الشرق الأوسط أو حتى دعم بنيامين نتنياهو على نحو أكبر. وقد كتب باكونان بالفعل مقالا ذى صلة ولكنه يفند الفكرة التى تبنتها بالين. فمقاله جاء ردا على عمود كتبه المحافظ الجديد العتيد دانييل بايبس فى جيروزاليم بوست تحت عنوان: «لإنقاذ رئاسة أوباما.. اقصفوا إيران». وفى المقال رفض باكونان بشدة اقتراح بايبس. ولكن من الواضح أن بالين قرأت، أو أخبرها شخص ما عن خطة بايبس وأن باكونان رفضها، لكنها ظنت بطريقة سحرية ما أنها فكرة باكونان. وربما يكون المحافظون الجدد قد أفرطوا فى برمجتها. ولكنها لا تلاحظ ذلك نهائيا. فكل ما تلاحظه تقريبا هو أن هناك مجموعة من مثقفى نيويورك وواشنطن صاروا فجأة لا يستخفون بها على النحو الذى يفعله معظم المثقفين، بل إنهم يحبونها. وقد كتب عدد منهم مقالات تشجب من لا يتقبلون مواقفها اليمينية. وأنا لا أعتقد أن سارة بالين قد تتولى رئاسة الولاياتالمتحدة ولكن إذا حدث ذلك، لا قدر الله فسوف يصاب المحافظون الجدد بخيبة أمل. فهى بالتأكيد سوف تردد ما يقولونه لها. ولكنها، رغم سذاجتها، ليست دمية، ولا تحب أن تستغل. والأرجح أنها قد تصبح «مارقة» بالنسبة لكريستول وبايبس وغيرهما مثلما فعلت فى حملة جون ماكين الانتخابية. فرغم كل شىء، سوف يخبرها شخص ما، أن المحافظين الجدد لا تشكل المصالح الأمريكية أولوية لهم، بينما هى أولوية بالنسبة لها. فربما تكون مخطئة وهى دائما كذلك تقريبا لكنها تحب هذا البلد، وهو ما يعنى أنها من المستبعد أن تتعمد إرسال أمريكيين ليموتوا خدمة لأيديولوجية تحمل تارخا طويلا بشعا من الفشل. New York Times Syndication Service