قال الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية إن العالم يعيش حاليا فترة تحول لم يحدث لها مثيل في تاريخ الإنسانية، ليس فقط على مستوى تطور التكنولوجيا ولكن في تغيير نوعية المعرفة، لافتا إلى أن هناك سبعة أعمدة لتلك المعرفة الجديدة يجب على الجميع أن يعرفها ويستوعبها ويواجهها لمسايرة هذا التطور الهائل ولمواكبة العالم المتقدم. وأوضح سراج الدين خلال محاضرة ألقاها بالمجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان الأعمدة السبعة للمعرفة، أن الركيزة الأولى للمعرفة الجديدة هي التقسيم الحيوي، واصفا المعرفة والمنهج والتكنولوجيا بالضفيرة المتشابكة المتداخلة مع بعضها بصورة لم تكن موجودة من قبل، مشيرا إلى أن الكتاب عندما يتم نشره لا يمكن تغيير ما فيه إلا عند إصدار طبعات جديدة، في حين يتم حاليا تجديد الأوعية المعلوماتية كل دقيقة وكل يوم بفضل الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة. وأضاف أنه حدث كذلك تغير في البناء المعرفي، حيث كنا نسير قديما من خلال مقدمة وتمهيد ثم منهج وبراهين وتحليل واستنتاجات ثم المراجع،إلا أن هذه التركيبة تغيرت؛ وأصبحت الوحدة المعرفية تبدأ بصفحة الويب وليس مهما أن تكون معرفة كاملة ولكن قد تكون جزءا منها ثم منها نصل إلى معلومات أخرى من خلال الهايبر تكست. وتحدث سراج الدين عن الركيزة الثانية التي تعد ظاهرة جديدة وهي علاقة" الصورة بالنص " مؤكدا اننا أصبحنا نعتمد على الصورة بشكل كبير، والتي يمكن من خلالها أن نحصل على كم كبير من المعلومات الوفيرة؛ إذ أنه من خلال الصورة يمكن تحليل مضمونها ويمكن لخريطة أن تعطي كما من المعلومات الهائلة مثل خريطة تشرح نظام المترو في مدينة مثل نيويورك. وأشار د. إسماعيل سراج الدين إلى أن الركيزة الثالثة للمعرفة تكمن في تداخل العلم والتكنولوجيا، حيث إنهما يتفاعلان مع بعضهما كما حدث في علم البيولوجي الذي لم يكن ليشهد تطورات هائلة لولا استخدام الكمبيوتر، وخاصة الكمبيوتر فائق السرعة (سوبر كمبيوتر) الذي دشنته مكتبة الإسكندرية مؤخرا، والذي يمكنه إجراء عشرة آلاف مليار عملية حسابية في الثانية. وأكد أن التفاعل بين العلم والتكنولوجيا سيؤدي بنا إلى الركيزة الرابعة للمعرفة الجديدة وهي التعقيد والفوضوية لافتا إلى أنه في السابق عند قياس أي موضوع وتكون النتيجة غير دقيقة نقول: زائد أو ناقص خمسة بالمائة مثلا، أما في هذا الوضع الجديد فالموضوع يختلف فلا توجد حدود معينة. وعبر مدير مكتبة الإسكندرية عن الركيزة الخامسة بما أسماه "سباق الأبحاث"، موضحا أن الجميع كان ينظر إلى الكمبيوتر على أنه أداة نستخدمها مثل الآلة الحاسبة على نطاق أكبر، بينما الآن وجدنا أن الكم المعرفي الكبير انتقل من مجرد تجميع للمعلومات إلى إقامة صلات وروابط بينها.وأضاف أن الركيزة السادسة هي تغيير العلوم الذي ظهرت بوادره بالفعل وسيحدث بقوة في الفترة القادم، وانتقل إلى الركيزة السابعة والأخيرة وهي التخصص، حيث إن الكم المعرفي يحتاج إلى التخصص الدقيق، كما أن المشكلات التي تواجهها البشرية تحتاج إلى مجموعات عمل تضم تخصصات مختلفة للعمل على حلها. وشدد الدكتور إسماعيل على أن العالم العربي لديه مشكلة معرفية كبيرة ومصر بصفة خاصة، داعيا إلى ضرورة إصلاح أنفسنا وأن نكون منتجين للعلم والمعرفة وليس مجرد مستهلكين للتكنولوجيا. واختتم المحاضرة بالقول إن الخريطة المعرفية الجديدة مختلفة تماما عما كانت عليه في السابق، مشيرا إلى أن مكتبة الإسكندرية تقدم العديد من المشاريع التكنولوجية وتطرح المعرفة الجديدة بالاشتراك مع الهيئات الإقليمية والدولية من أجل الشباب والأجيال القادمة ومن أجل إعلاء شأن بلادنا.