أكدت الدورة العلمية الدولية لاتحاد الإذاعات الإسلامية، أن قضية توضيح وتصحيح المصطلحات والمفاهيم الشرعية وغيرها، ضرورية للإعلامي لاختلاف ثقافة المواطنين وجمهور المتلقين والمتحدثين، وأن المحاور الناجح يعمل على الجوانب المشتركة التي تجمع ولا تفرق. جاء ذلك في فعاليات اليوم الأول للدورة العلمية الدولية لاتحاد الإذاعات الإسلامية، والتي تتم بالتعاون والتنسيق بين الاتحاد ووزارة الأوقاف المصرية وبرعاية كل من وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، والدكتور عمرو الليثي رئيس الاتحاد، والتي جاءت تحت عنوان: "تصحيح المفاهيم المغلوطة" ، و"الأبعاد المشتركة ولغة الحوار"، والتي حاضر فيها كل من عميد كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة الدكتور أحمد حسين، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الإعلامي نشأت الديهي، ويشارك فيها رؤساء ووكلاء ومديري الإذاعات الإسلامية وكبار المسئولين والمذيعين بها بإجمالي (25) مشاركا من واحد وعشرين دولة هي: مصر، والسودان، والنيجر، وجزر القمر، وجيبوتي، وتشاد، والصومال ، والكاميرون ، وقطر ، والسنغال، والسعودية، وتونس، وغينيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والأردن، وماليزيا، ولبنان، باكستان واندونيسيا وتستمر لمدة عشرة أيام. وأكد الدكتور أحمد حسين أن الشريعة الاسلامية بها علومًا شتى تقوم على فكرة المفاهيم، وأنه ليس هناك مفهوم مما شاع إلا وله تعريف وذكر لدى العلماء، مؤكدا أن قضية توضيح وتصحيح المصطلحات والمفاهيم الشرعية وغيرها ضرورية للإعلامي، حيث إنه يخاطب الجماهير على مستويات متعددة من الثقافة، فليس لدى الجميع الإحاطة الكاملة بكل المفاهيم، ولا يمكن لمن يتحدث عن قضية من القضايا أن يكون غير ملم بالمفاهيم الخاصة بها. وأشار حسين في محاضرته - إلى أن طرح القضايا يختلف باختلاف ثقافة المستمع، كما أن هناك العديد من القضايا التي يرجع فيها إلى الأحكام الشرعية في إطار قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ اللهَ حَدَّ حدودًا فلا تَعْتَدُوها، وفرض فرائضَ فلا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ أشياءَ فلا تَنْتَهِكُوها، وتَرَكَ أشياءَ من غيرِ نِسْيَانٍ من ربِّكم ولكن رحمة منه لكم فاقْبَلُوها، ولا تَبْحَثُوا عنها"، وأكد أنه يجب أن نتحلى جميعا بأدب الحوار وأن نفرق بين ما هو مباح وما هو واجب، مؤكدًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يضيق على أمته فيما هو مباح، وأن النصوص مفصلة فيما هو ثابت بينما أجملت فيما هو مباح. وتناول حسين، بعض المصطلحات التي تحتاج إلى تصحيح بالذكر والبيان والتوضيح ومنها مصطلح : التكفير والجهاد والجزية، مبينًا أن الكفر والتكفير لم ينتشرا إلا بظهور الخوارج، وقد جاء النهي عن إطلاق هذه الكلمة، حيث قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "إذا قال الرجلُ لأخيهِ يا كافِرُ باءَ بِه أحَدُهما"، مؤكدًا أن الجهل هو السبب الرئيس لاستعمال الخوارج لمصطلحات التكفير، حيث إنهم لم يتجهزوا بعلوم السنة والشريعة فجعلوا للمرء دائرتين الإيمان والكفر، وفي الجانب الآخر فإن المعتزلة جعلوا الأحكام دائرة بين ثلاثة منازل الإيمان والكفر والمنزلة بين المنزلتين، وحكم كل من الخوارج والمعتزلة على كل من ارتكب ذنبًا بالخلود في النار، سواء أكان هذا الذنب صغيرًا أم كبيرًا. وفيما يتعلق بمصطلح الجهاد أكد حسين: أن هناك فرقًا بين جهاد الدفع وجهاد الطلب وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يرد عنه أنه جاهد جهاد طلب قط، ولكنه كان يدافع ويرد حرب الخصوم، مضيفًا أن الإسلام يؤكد على حرية المعتقدات، حيث يقول الله (عز وجل) : "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"، مضيفًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يبدأ بقتال غيره ولم يغِر على عدوه ابتداءً وإنما كان جهاده جهاد دفع وليس جهاد طلب، مضيفًا أن مصطلح الجزية من المصطلحات التي لم يعد لها استخدام في عصرنا لأن هذا المصطلح نشأ في ظروف معينة وبعد مشاركة غير المسلم للمسلم في الدفاع عن وطنهم وأرضهم لم يعد لهذا المصطلح استخدام في عصرنا الحاضر. كما أشاد حسين بالدورة التي تهدف إلى تلاقي الوجوه وتقارب وجهات النظر وإلى بناء وعي رشيد مستنير، مشيدًا بأكاديمية الأوقاف الدولية، مؤكدًا أنها صرح أكاديمي عظيم يسعى إلى خدمة الدين والشعوب وتصحيح المفاهيم الشرعية المغلوطة. من جهته، أكد الإعلامي نشأت الديهي - في محاضرته التي جاءت تحت عنوان: "الأبعاد المشتركة ولغة الحوار" - أن المحاور الناجح هو الذي يعتمد على الجوانب المشتركة التي تجمع ولا تفرق، وفي الوقت ذاته يبتعد عن نقاط الخلاف، انطلاقًا من قول الله (عز وجل) : "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، مبينًا أن هذه الآية لها دلالات كثيرة وأهمها ما يدعونا إلى تعزيز الجوانب المشتركة فيما بيننا عن طريق الاعتماد على الأبعاد والقواسم المشتركة. وأضاف الديهي ، أن أهم ما يجمعنا هو البعد الإنساني المشترك، ولذلك لابد أن يكون الحوار يعتمد أولًا على أساس البعد الإنساني من حيث أننا جميعًا سواسية لا فرق بيننا في الإنسانية، مع أهمية اعتبار البعد الديني المشترك فيما بيننا، فالدين هو الذي يأمرنا بالحوار الهادف العقلاني، وكل أمور الدين لا تتناقض مع العقل السليم. كما أكد الديهي، أهمية اعتبار البعد الثالث وهو التحديات، وذلك أننا من أمم متقاربة جغرافيًّا أو اقتصاديًّا ولدى كل منا مشاكله الاقتصادية، مضيفًا أن أهم التحديات تتمثل في الخطاب الديني وأهمية أن يكون هناك خطاب ديني قائم على الاعتدال والوسطية، كما تشمل هذه التحديات ما نعانيه من أزمات اقتصادية وغيرها، مبينًا أهمية تحويل الأزمات إلى فرص يمكن استغلالها دائمًا من خلال الكلمة. وأشار الديهي، إلى أن الوعي الوطني والديني عملية طردية، حيث إننا لا يمكن أن نمسك ألسنة الناس عن الكلام أو الكتابة، فيتعين علينا أن نجد حلولا وبدائل من خلال إتاحة منصات جديدة نبث من خلالها الوعي الصحيح للعالم كله، فالوعي يتشكل في وجود الفراغ الفكري، وهذه الدورة فرصة لتلاقي الأفكار وتأليف القلوب.