ألقت دراسة علمية صادرة عن جامعة عين شمس بالمسئولية فى حادث قطارى العياط، الذى وقع فى نهاية أكتوبر الماضى، على هيئة السكك الحديدية. ووجهت الدراسة التى أعدها د.هانى صبحى، أستاذ هندسة السكك الحديدية، اتهاما واضحا للهيئة، بعدم تشغيل النظام الأوتوماتيكى، «التقاطر»، للمنطقة بين أبوالنمرس وبنى سويف، والذى كان كفيلا بمنع وقوع الحادث. وأوضحت الدراسة، التى اطلعت «الشروق» على نسخة منها، أنه باستخدام النظام الأوتوماتيكى كان يمكن إخطار سائق قطار 188 المتجه للصعيد بالتوقف بسبب وجود قطار 152 الذى كان يسبقه على نفس الخط. كما طالبت الدراسة بإعادة تفريغ شريط الatc، وهو بمثابة الصندوق الأسود للقطار، لوجود معالم غير واضحة أثناء قراءته لتحليله، أخفت تفاصيل سير السائق ومدى تجاوزه لدلالات السيمافورات. وأكدت الدراسة، التى تزمع هيئة الدفاع عن السائقين استخدامها فى المرافعات المقبلة بالقضية، أن جرار قطار 188، من الطرازات الجديدة، لكنه توقف عن التشغيل خلال شهر الحادث لمدة 11 يوما، كما تعطل يوم الحادث من الساعة الحادية عشرة ظهرا حتى الخامسة مساء. كذلك عند تفريغ atc لجرار القطار 188، وجد أنه لم يسجل الرحلات السابقة، وتبين تغييره قبيل الحادث، لأن الشريط كان تالفا وغير قابل للعرض والتحليل، وهو ما يؤكد وجود أعطال بجرار قطار 188، كما أكد التقرير أن تفريغ جهاز atc لم يكن كاملا عند إجراء اللجنة الفنية لمحاكاة الحادث. كما أثبتت الدراسة وجود عيوب بقاطرة المحاكاة للقطار 188 بالإضاءة الأمامية التى اعتبرها التقرير غير كافية جزئيا، كذلك افتقر القطار 152 لفوانيس الإضاءة الخلفية. وأشارت الدراسة إلى عدم مراعاة المحاكاة لعنصر المفاجأة الذى تعرض له سائق 188، حيث كانت محاكاة فرملة قطار 188 على بعد 700 متر، فى حين أن فرملة سائق 188 على بعد 325 متر، واعتبرت الدراسة أن ظروف المحاكاة تختلف تماما عن الواقع وبالتالى فإن المقارنة ظالمة. وأشارت الدراسة إلى أن الحادث كان من السهل تفاديه، لو أعطى مراقب برج كفرعمار تعليمات لسائق قطار 152 بتهدئة السرعة، لوجود جسم سيصطدم به «الجاموسة»، كذلك إعطاء تعليمات لسائق 188 بوجود قطار متوقف أمامه. كما أغفل تقرير اللجنة الفنية وجود عطل بتليفون مزلقان جرزا «مكان الحادث» لذلك استمر قطار 188 بسرعته دون تهدئة. ولاحظت الدراسة أن مراقب برج الرقة لم يعلم، حتى وقوع الحادث بتجاوز قطار 188 للسيمافور الحامى لقطار 152، مع أنه من المفترض فنيا أن يظهر هذا التجاوز على لوحة البرج، «وهو ما يؤكد وجود عيوب فنية فى تشغيل السيمافورات وربطها بلوحات التشغيل». كما أثبتت الدراسة، من واقع كشف حركة القطارات أن رئيس الإدارة المركزية للرقابة على التشغيل، قام بتمزيق أصل الصفحة رقم 826746 من دفتر الحركة، بحجة أنه تتم مراجعتها، «مما يعنى أن السائق لم يخطر بوجود قطار أمامه، كما أنه كان يسير بالقطار دون سيطرة». وقالت الدراسة إن سائق قطار 152 كان بوسعه استكمال المسير بعد اصطدامه بالجاموسة لإخلاء الخط، إذا كان جرار القطار به جزرة طوارئ هواء 70 «المسئولة عن عمل فرملة فجائية لأنها بمثابة صمام يصرف هواء الفرامل لمواصلة القطار المسير»، لكنها غير موجودة أساسا فى طراز الجرارات القديمة، وكان من المفترض أن تقوم الهيئة بتركيبها. وأضافت الدراسة، أنه عند تفريغ المكالمات التليفونية بين عمال الحركة «مراقبى الأبراج»، أكدوا أن تليفون مزلقان جرزا «مكان وقوع الحادث» معطل، لكن تقرير اللجنة الفنية، أكد أن التليفون ليس به أى أعطال، لذلك افترضت الدراسة أن الأمر نفسه ينطبق على «السيمافورات» حيث تم إصلاحها، خاصة أن الفترة الزمنية بين الحادث والمعاينة كافية لقيام مسئولى الهيئة بإصلاحها، حتى تثبت للرأى العام أنها تحاكى أحدث نظم التشغيل العالمية. وفندت الدراسة الاتهام الذى وجهته اللجنة الفنية لسائق القطار188، بإغلاق «جزرة الهواء بجهاز الatc»، مما أفقده القدرة على الاتصال بالسيمافورات من خلال رؤيتها على الشاشة، وتجاوز السائق للسرعة لأنه لم ير الإشارة الحمراء التى تعطيه أمر التوقف. لكن الدراسة افترضت فى حالة إغلاق السائق لجزرة الرباط فليس هناك أى ضرر، لأن السائق ملتزم بسرعة أقل من 120 كيلومترا. كما أوضحت الدراسة أن عمال الصيانة وضعوا شريط الatc لقطار 152 مقلوبا، مما تطلب جهدا فى قراءة تفريغ الشريط، «لذلك ليس من المستبعد أن يغلقوا جزرة قطار 188 دون علم السائق»، كما يفترض الدكتور هانى صبحى. ورأى التقرير أن اللجنة الفنية أغفلت إثبات أن برج كفرعمار كان خاليا من المراقبين، حيث ترك أحدهما عمله قبل نهاية ورديته بأربع ساعات، واستقل الآخر القطار 152 قبل انتهاء ورديته، وكان ضمن المتوفين بالحادثة. كما أنه ثبت اللوحة أتوماتيكيا قبل وصول 188، على وضع الإشارة الخضراء، لكن المفروض أن تبقى حمراء لإيقاف القطار 188. وتساءل صبحى «كيف سيغفل السائق عن مراحل الإشارات قبل وصول للإشارة الحمراء، وهى الأصفر والأصفر المتقطع، والأخضر، خاصة أن بين كل إشارة تبعد عن الأخرى ما لا يقل عن ألف متر، مما يعنى كان لديه فرصة 3 كيلومترات للتوقف. كما أشارت الدراسة إلى أن الأجهزة الخاصة بالاتصالات كانت شبه معطلة وقت الحادث، مما استدعى سائق قطار 152 ومساعده الاستعانة بالجمهور واستخدام المحمول لاتصال بمراقب برج كفرعمار.