• النساء أكثر عرضة للوفاة نتيجة لتأثيرات تغير المناخ 14 مرة مقارنة بالرجال • صغار المزارعين ينتجون ثلثي إجمالي إمدادات الموارد الغذائية عالميا ويلعبون دورا هاما في البلدان النامية • ناقشنا مع الوزراء المصريين كيفية تمويل المشاريع المرتبطة بدعم المناخ من خلال دفع القطاع الخاص للعب دور في هذا المجال • أظهرت دراسات أُجريت في إفريقيا أنه نتيجة لتغير المناخ فإن ما يصل إلى 80% من الأغذية التي ينتجها صغار المزارعين لن تكون متاحة • علينا تعلم بعض الدروس مما يحدث في أوكرانيا وما تتعرض له من تهديدات بعدم توافر الغذاء وعدم استقرار الأسعار • محاصيل القمح والأرز والذرة تشكل 80% مما نستهلكه وستتأثر بشدة نتيجة لتغير المناخ • أغلب الأزمات العالمية تنتج إما عن نقص في الموارد أو تغيرات المناخ • أهم ما يفعله «إيفاد» هو دعم الأسواق النامية في ظل الصراعات الحالية.. ونسعى لتعزيز وبناء أسواق مستدامة • انعقاد قمة المناخ cop 27 في إفريقيا عامة سيرفع مكانة جدول الأعمال • يجب أن تدرك الدول أن السعي وراء تقليل الانبعاثات الحرارية لمواجهة تغير المناخ لن يقلل من التنمية أعلنت الأمانة العامة لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في 12 نوفمبر 2021، اختيار مصر ممثلًا عن قارة إفريقيا؛ لاستضافة فعاليات الدورة ال27 لمؤتمر الأطراف (cop 27)، المقرر انعقاده نوفمبر 2022 في مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوبسيناء. وسَبَقَ مصر في استضافة القمة من بلدان القارة، المغرب، التي استضافتها مرتين في عامي 2001 و2016، وكينيا، وجنوب إفريقيا. وفي إطار التجهيز للقمة المقرر إقامتها، تجري مساعد المدير التنفيذي لصندوق التنمية الزراعية (إيفاد ifad) التابع للأمم المتحدة، جوي بوري، عدة لقاءات وزيارات في مصر. وعلى هامش هذه المقابلات، أجرت "الشروق" حوارا خاصا معها؛ للوقوف على أبرز التحضيرات التي تقوم بها الوكالة، والتعليق على قضايا المناخ والزراعة. وإلى نص الحوار: • ما هي نتيجة النقاشات الأولى خلال الاجتماعات التي تمت في القاهرة؟ - عقدنا اجتماعات "مثمرة للغاية" مع وزارات (البيئة، والتعاون الدولي، والزراعة واستصلاح الأراضي، والخارجية)، وجميعنا لدينا شيء مشترك واحد، وهو أننا نريد تسليط الضوء على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (الإيفاد) في قمة المناخ cop 27، وهذا مفيد لأنه سينعكس على أفراد بعينهم، وهم "صغار المزارعين"، هؤلاء الأشخاص الذين ينتجون ثلثي إجمالي الموارد الغذائية العالمية؛ لذلك هؤلاء وأسرهم "يلعبون دورا هاما في البلدان النامية"، وهم محور اهتمامنا. وناقشنا أيضا أن "إمدادات الغذاء العالمية مهددة"، لا سيما في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية. والاستثمار في هذه اللحظات مهم، ويجب أن يتم بثبات وصبر، ونجاحنا في تحقيق استثمارات مؤثرة سيكون مساهمة مهمة نحو زيادة المرونة في التعامل مع التغيرات المناخية، وهذا جوهر قمة المناخ cop 27، وهو التركيز على المرونة والتكيف، لأن الأشخاص ستتأثر أكثر بالتغير المناخي؛ لذلك فإن تبادل الخبرات وتوفير التعلم هو ما ينبغي علينا القيام به في هذه الأوقات الحرجة. وتجمعنا مع الوزراء المصريين أفكار مشتركة، مثل كيفية تمويل المشاريع المرتبطة بدعم المناخ، من خلال دفع القطاع الخاص للعب دور في هذا المجال، وذلك في إطار التكيف مع تغير المناخ؛ لذلك عبّر الوزراء عن وجوب أن يكون ل"إيفاد" حضور قوي في cop27، ويجب أن نسلط الضوء على العمل الذي قمنا به مع كل من الحكومة المصرية وخارجها في البلدان النامية، وعلى التجارب التي لدينا فيما يتعلق بالقطاع الخاص، وأنه إذا كان بإمكان الحكومة المصرية و"إيفاد" العمل معًا على تطوير الأدوات والمنهجيات؛ يمكن أن يحفز باقي العالم على القيام بعمل أفضل في نفس الاتجاه. • كيف يمكن للبلدان وخاصة النامية دعم صغار المزارعين والمنتجين؟ - أعتقد أنه من الضروري للغاية أن يدرك صغار المزارعين وجود تهديدات ترتبط بطعامهم الذي ينتجونه بأنفسهم، فهم يساهمون في ثلثي إجمالي إمدادات الغذاء عالميا. وأعتقد أن كثيرا من البلدان تحتاج إلى إدراك أهمية أصحاب الحيازات الصغيرة؛ لأنها إن لم تدرك ذلك لن تكون قادرة على التعامل مع مشكلة المناخ، وبالتالي لن تكون قادرة على التعامل مع فقدان الغذاء؛ ولذلك من المهم حقا التواصل معهم. هؤلاء المزارعون يعيشون في مناطق ريفية نائية وغالبا فقيرة؛ لذلك من المهم الوصول إليهم، وهذا ما نسعى لإنجازه في قارة إفريقيا، وهناك بعض الدراسات الهامة التي تم إنجازها في إفريقيا، أظهرت أنه "نتيجة لتغير المناخ، فإن من 20 إلى 80% من الأغذية التي ينتجها صغار المزارعين -ونحن جميعا نحتاج إليها- لن تكون متاحة"؛ لذلك إذا تمكنت الدول من توضيح ذلك لهم، وسلطت الضوء على ما يمكن أن يحدث من مشكلات؛ سيدركون القضية وأن سبل عيشهم ستتأثر وقد تهلك. وعلينا أن نتعلم بعض الدروس مما يحدث في أوكرانيا، وما تتعرض له من تهديدات بعدم توافر الغذاء وعدم استقرار الأسعار، و"إن لم نحافظ على طعامنا؛ لن نجده على موائدنا"؛ لذلك ما يمكننا فعله هو تنبيه البلدان من أجل حماية بقائنا جميعا. • ما هي المحاصيل الزراعية الأكثر تأثرا بتغير المناخ حول العالم؟ - أجرينا دراسات عديدة في شرق وجنوب ووسط إفريقيا، لقياس نسب المحاصيل المتأثرة، لكن لا يمكننا الجزم أن محصول معين أكثر تهديدا من غيره؛ لأن كل بلد لها محاصيل مختلفة وتتأثر بشكل متباين، لكن التوقعات تشير إلى أن المحاصيل مثل (القمح، والأرز، والذرة) التي تشكل 80% من السعرات الحرارية التي نستهلكها جميعًا، ستتأثر بشدة نتيجة لتغير المناخ، وإن لم نتمكن من التعامل مع هذه الخسارة أو تقليلها؛ لن يكون لدينا الكثير من المواد التي نستهلكها حالياً بكثافة. • بعد الحرب الروسية الأوكرانية، هل سيبقى اهتمام الغرب كما هو بقضايا تغير المناخ؟ - بالفعل، هناك تركيز على الأزمات الناشئة في بعض البلدان، لكن من المهم إدراك أن هذه الأزمة ستحدث، وأن ذلك خارج عن إرادتنا ويمكن أن يمتد لسنوات، ليس فقط في أوكرانيا. لا نعلم المستقبل، ربما هناك كوارث أخرى، أزمة كورونا وأوكرانيا وغيرها من الأشياء الطارئة؛ لذلك من المهم أن نخلق المرونة الكافية في هذا العالم لمواجهة الأزمات المتلاحقة، وهذا ما يجعل قمة المناخ مهمة هذا العام؛ لأن موضوعها هو "المرونة والتأقلم" كما ذكرت. ويجب أن نعلم أنه إذا تعرض سوق في دولة ما لأزمة كبرى -مثل إعصار أو جفاف أو أي شيء آخر- سيؤثر ذلك على أسعار الغذاء في مكان آخر، لأن أغلب الأزمات تنتج إما عن نقص في الموارد أو تغيرات المناخ؛ لذلك أحد أهم الأشياء التي يمكن أن يفعلها "إيفاد" هو دعم الأسواق النامية في ظل الصراعات الحالية، وهي استراتيجية لها أهمية قصوى، لذلك نسعى لتعزيز وبناء أسواق مستدامة. • هل عقد قمة المناخ cop27 في مصر سيلعب دورا في لفت الانتباه إلى تأثير المناخ على الدول النامية في إفريقيا؟ - بالتأكيد إقامة القمة في مصر سيكون له تأثير إيجابي. وبالنظر إلى تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي صدر في 28 فبراير 2022، وأشار إلى أن البلدان في إفريقيا وفي أجزاء من آسيا والدول الصغيرة النامية، هي الدول التي من المرجح أن تتأثر نتيجة لتغير المناخ، وهذه هي الدول التي يجب أن تسير فيها عمليات التكيف بسرعة كبيرة. وأعتقد أن ما تفعله الحكومة المصرية بنجاح هو تقديم صورة جيدة لكيفية تنفيذ الأجندة الشاملة، ومدى جودة الالتزامات التي وعدنا بتنفيذها، وكيف سيتم ذلك على أرض الواقع؛ لذلك أعتقد أن وجودنا في إفريقيا يجعلنا بالقرب من الضعفاء والفقراء، فهم حولنا في كل مكان. "جلاسيكو" مكان بعيد مقارنة بالمقر الحالي، والآن سنكون بالقرب من معاناة الناس؛ لأن انعقاد القمة في إفريقيا -حيث يوجد مستويات مرتفعة من الأزمات المالية وارتفاع الأسعار وعدم استقرار أسعار الطاقة وعدم اليقين بشأن المناخ- سيرفع مكانة جدول أعمال القمة. والحكومة المصرية تُظهِر التزاما واضحا يتقاطع مع الاتحاد الإفريقي والدول النامية، ما يجعلنا ندعم جهود الحكومة المصرية المخلصة، لأننا نسعى لإقامة قمة ناجحة، فهي "إن لم تنجح؛ لن تحرز أجندتها أهدافها". وتركيز الحكومة المصرية على التنفيذ يضمن اهتمامها بمجالات الزراعة وتوفير الطعام، وهي ذاتها اهتمامات الدول النامية والمجتمعات الفقيرة المهمشة، لهذا السبب يوجد كثير من الدعم لهذه القمة، ونعتقد أنها ستكون قمة ناجحة. • هل هناك فجوة في اهتمام الدول بأزمة تغير المناخ؟ - يوجد طرق مختلفة للتعامل مع تغير المناخ، على سبيل المثال، الكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا، الطريقة الرئيسية لديها للتعامل مع تغير المناخ هي "الاستثمار في تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري"، وتم تطوير القطاع الخاص في الأسواق بشكل جيد للغاية، لكنني أعتقد أن المهم حقًا هو إدراك أن "التكيف هو المفتاح"، وكان قد ذُكِر ذلك في اتفاقية تغير المناخ في باريس، التي كانت فكرتها في ذلك الوقت "توزيع التمويل إلى نصفين"، الأول لتخفيف الآثار الناجمة عن تغير المناخ، والآخر للتكيف، بحيث يمكن للدول التي تسببت في الانبعاثات أن تساعد غيرها التي وقع عليها التأثير، في تقليل أعبائها من خلال التمويل الشامل. وأعتقد أن ما نحتاج إلى رؤيته هو المزيد من الموارد التي يتم تكييفها، إنه جزء من الاستراتيجية العامة التي تستخدمها معظم البلدان النامية، لكنني أعتقد أن بالطبع تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أمر هام حتى لا تتأثر الأجيال القادمة؛ لذلك يجب أن يكون هناك توازنا في التعامل مع القضية. • ما موقف "إيفاد" من البلدان التي لا تزال غير مهتمة بأزمة تغير المناخ العالمية؟ - أعتقد أنه في البلدان التي لا يوجد بها الكثير من الاهتمام بتغير المناخ، يتمثل دورنا في التعريف به وشرح مخاطره، ومرة أخرى "نحن خاضعون أو نتعامل مع جدول أعمال شامل تعتمده الدول"، و"إيفاد" يحترم بشدة البلدان التي تحاول تغيير مسارات التنمية واللجوء إلى المسارات البديلة، ونعمل على تزويدها بالمساعدة الفنية، لكي تدرك أن السعي وراء تقليل الانبعاثات الحرارية لمواجهة تغير المناخ "لن يقلل من التنمية". ومن دورنا أيضا شرح مدى أهمية ذلك في الواقع، كفرصة للتعاون مع الجهات التي تدعم استثمارات المناخ؛ لذلك أعتقد أن إقناع الدول الأقل اهتماما بتغيرات المناخ، من خلال تزويدها بالمشورة الفنية والموارد، هي طريقة أساسية تنفذها "إيفاد" بالفعل. • ما الذي تحقق بالفعل من التوصيات المذكورة في قمة المناخ 26؟ - أعتقد أن النتيجة ستتضح مع نهاية cop 27، لرؤية الالتزامات الحقيقية التي نُفِذت من توصيات cop 26. أعني أننا لازلنا في شهر مارس، لم يمر سوى 3 أشهر فقط على القمة السابقة؛ لذا من المبكر جدًا تحديد ذلك، لكني أعتقد أنه بحلول شهر سبتمبر ستتضح الأوضاع، حيث تستغرق كثير من الالتزامات وقتا. على سبيل المثال، "إيفاد" لديه برنامج التكيف مع المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ASAP+، الذي حتما سيتلقى الدعم المطلوب من العديد من الدول، بسبب تركيزه على العديد من البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ؛ لذلك نأمل كثيرًا أن تساهم مختلف البلدان في دعم هذا المشروع؛ دعما لقضية تغير المناخ. • هل هناك تأثيرات جندرية لتغير المناخ؟ - من المؤكد أن التمييز الجندري مؤثر، تم توثيق أن النساء أكثر عرضة 14 مرة من الرجال للوفاة نتيجة لتأثيرات تغير المناخ، و4 مرات للمعاناة مقارنة بالرجال. إذا نظرنا إلى الاستثمار الذي ينفق على الفتيات الصغيرات عندما تحدث مشكلة مناخية، تُهمَل الفتيات أكثر من الذكور؛ لذا فإن التأثيرات الجندرية معروفة وواضحة، والشيء المهم هو إيجاد حل لها، لأن أول كل شيء هو التركيز على الأطفال الذكور والرجال بشكل عام. فعند تقديم المساعدة يكون الرجال أكثر صوتًا ويحصلون على فرص أكبر.