حازت هذه الواحة على سمعة عالمية فى مجال اكتشافات الحفريات العملاقة النادرة ألقبها بواحة الديناصورات. تقع الواحة على مسافة 365 كيلومترا جنوب غرب مدينة السادس من أكتوبر، ومساحتها نحو 1800 كيلومتر مربع، وتبعد عن نهر النيل مسافة 170 كيلومترا غربا، وتتبع محافظة الجيزة. الموسوعة الكاملة عن هذه الواحة، والتى كتبت بحب واضح وتشمل جميع تفاصيل الواحة، كتبها الأستاذ الدكتور/ أحمد فخري رحمه الله أستاذ الآثار وعاشق الصحراء ويعد من أهم من كتب عن تاريخ وتفاصيل الواحات المصرية بالصحراء الغربية، وهو الذى كتب أنه «من بين واحات الصحراء الغربية كلها لا يشعر الزائر بفتنة الواحة كما يشعر بها فى واحة البحرية.. فالبحرية مصرية تماما، ولعل أجمل عين فى الصحراوات المصرية هى عين البشمو فى الباويطى). تتميز هذه الواحة بوجود عدد 398 عينا طبيعية وكبريتية: منها عين حلفا، وعين حكيمة، وعين البشمو التى بها مصدر للمياه الباردة ومصدر آخر للمياه الساخنة، وهو ما يجذب نشاط السياحة العلاجية للعلاج من الأمراض الجلدية والروماتيزمية، وآبار القصمة. تضم الواحة نحو نصف مليون نخلة مثمرة تنتج 25 ألف طن من أجود التمور سنويا، ونحو ربع مليون شجرة زيتون مثمرة، ومائة ألف شجرة مشمش مثمرة. تجذب الواحة السياحة البيئية من رحلات السفارى والتخييم خاصة بالصحراء السوداء والمغطاة بالرواسب البازلتية والتى تحتوى أجزاؤها على أكسيد الحديد بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء، بها ثمانية وعشرون فندقا ومخيما كلها كاملة التجهيزات والأساسيات المطلوبة لاستقبال السياحة الدولية والمحلية. معظم العاملين بها من مواطنى الواحة وجارى تقييمها من جانب وزارة السياحة لمنحها النجوم الموازية للإمكانيات والخدمات المتوافرة بها.
• • •
يوجد بالواحة آثار هامة مثل وأدى المومياوات الذهبية والذى اكتُشف بمحض المصادفة دون عناء أو تنقيب أو بحث؛ مثلما حدث عام 1990 عندما ارتطم حافر حصان كانت تركبه سائحة أمريكية بالصحراء المجاورة لقرية نزلة السمان بالهرم بجسم صلب لتسقط وليكتشف أنه ركن لجدار من الطوب اللبن خاص بجبانة بناة الأهرام، وهو اكتشاف مدوى تم دون تنقيب أو دراسة أو بحث، ولا يقارن بالسبع سنوات من التنقيب المجهد والبحث بوادى الملوك بالأقصر؛ والذى قام به البريطانى هاوارد كارتر بتمويل من النبيل البريطانى اللورد كارنرفن ونتج عنه اكتشاف كنوز توت عنخ آمون عام 1923.. فى يوم الثانى من مارس عام 1996 مساء أثناء عودة الغفير الشيخ/ عبدالموجود على حماره من خدمته النهارية غاص حافر الحمار فجأة فى الرمال ليتسبب فى حفرة أخذت تتسع بسرعة وبعمق ليفاجأ الغفير بقناع لوجه من الذهب عيونه متجهة له فدقق النظر ليستنتج أنها لمومياء فرعونية، فأسرع لمكتب مدير آثار الواحة ليبلغه بالواقعة، ليتحرك المسئولون من هيئة الآثار الأيام والشهور التالية للقيام بعمليات رفع الرمال والتنقيب ليكتشفوا أنها لجبانة ضخمة بها نحو عشرة آلاف مومياء تعود للقرن الأول والثانى الميلاديين عندما كانت مصر تحت حكم الرومان؛ كلها ذات أقنعة وصدور ذهبية مزخرفة بنقوش هيروغليفية ورسومات دينية توضح استمرارية الديانة المصرية على الرغم من وجود المعتقدات اليونانية والرومانية الخاصة بحكام تلك الفترة.. وتم نقل عدد منها لمتحف الواحة، كما تم أخيرا نقل عدد منها للمتحف الكبير بجوار أهرامات الجيزة. كما يوجد بالواحة أضخم مقبرة لدفن الطائر المقدس إبيس (البطلمي)، ومنطقة الحيز التى بها آثار كنائس وقصور ومقابر من العصر الرومانى، ومقبرة بنانيتو فى منطقة يوسف سليم والتى على جدرانها رسومات رائعة، ومقبرة زوجة حاكم الواحات البحرية فى عهد الملك أحمس الثانى بمنطقة الباويطى والتى تبعد 6 كيلومترات من وادى المومياوات الذهبية واكتشفت أوائل عام 2001 وعثر فى موميائها ولأول مرة على مائة من التمائم الذهبية فى مومياء واحدة كل منها يمثل تحفة أثرية نادرة أبدع فيها الفنان المصرى القديم. قام عالم الحفريات الألمانى الشهير/ أرنست ستومر فون ريخينباخ، والمنحدر من أسرة نبيلة، بعدة عمليات تنقيب ناجحة بجبل قطرانى شمال الفيوم فى أوائل القرن الماضى عام 1910، اكتشف خلالها هياكل للفيلة والثعابين البحرية الضخمة والخرتيت والقرود والتماسيح، ثم قرر التحرك جنوبا بأربعة جمال إلى منخفض واحة البحرية ومعه مصرى مسئول عن الجمال وطاهى ومرشد وخادم، وذكر أنه كان يسير على آلاف من قشر بيض النعام والحفريات والخشب المتحجر والشعاب المرجانية والمنتشرة على سطح الرمال وأنهم بلغوا منخفض واحة البحرية يوم 1911/1/11 والتى كانت معروفة وقتها بالواحة الصغيرة، فقاموا بنصب الخيام ثم بدأ بالتنقيب ودراسة أرضية المنخفض وسجل أنه كان يسير على حفريات تمثل حقبة تاريخية هامة من عمر الكرة الأرضية، حيث كانت أقدم بثلاثة أضعاف من حفريات الفيوم والتى كانت تمثل حقبة الثدييات صغيرة الحجم وهو ما كاد يصيبه بالإحباط ولم يدر أنه كان يسير لاكتشاف حقبة الديناصورات العملاقة، والتى ستشغله لبقية حياته وتضعه على قمة علماء العالم فى هذا المجال. فى يوم 1911/1/18 اكتشف على الجانب الجنوبى لجبل الدست ثلاثة عظام ضخمة بأطوال تعدت المتر للقطعة الواحدة، وتأكد له أنه أمام هيكل ديناصور خصوصا عندما اكتشف أنه مخلب ضخم، فسجل أنه اكتشف أول ديناصورات مصر وأول ديناصور يكتشف فى كامل القارة الأفريقية. وقضى ثلاثة أيام أخرى ليكتشف هياكل أخرى. وبعد تغليفها بعناية نقلها للقاهرة حيث ألقى عدة محاضرات عن اكتشافه المدوى ثم لميونخ لمتحف وأكاديمية ألترا، ليقضى السنين التالية فى نقل باقى الهياكل من واحة البحرية وتركيبها، ونجح فى تجميع وتركيب أربعة هياكل عملاقة كاملة مصرية لم تكن معروفة من قبل عمرها خمسة وتسعين مليون سنة. قامت الحرب العالمية الثانية وألقت بريطانيا يوم 25/ 4/ 1944 قاذفات ثقيلة فى غارة على مدينة ميونخ، مقر ولادة الحزب النازى وقاعدة انطلاقه، دمر على إثرها البنية الأساسية للمدينة وأكثر من سبعة آلاف مبنى، منها أكاديمية ألترا ومتحفها والتى كانت أعظم مراكز الدراسات الجيولوجية العلمية فى العالم وتضم أهم وأكمل وأندر الهياكل العظمية، ومنها هياكل الديناصورات المصرية الأربعة من واحة البحرية.
• • •
اكتشفت بعثة علماء أمريكان عام 1999 بقيادة الخبير الأول على مستوى العالم من جامعة بنسلفانيا والمتخصصين فى علم المتحجرات الحيوانية شمال الواحة بمنطقة الحارة هيكلا لثانى أكبر ديناصور فى العالم ديناصور المد والجزر والذى كان طوله نحو 34 مترا ووزنه ثمانون طنا وارتفاعه 28 مترا، وكان نباتيا يعيش فى مستنقعات المنطقة آنذاك منذ 94 مليون سنة. ونظرا لقصر موسم التنقيب فقد تم رفع ربع الهيكل بعد تغليفه ووضعه فى صناديق وشحنه إلى جامعة بنسلفانيا للترميم الباهظ والدراسة، وذلك بناء على اتفاقية موقعة بين الجانب المصرى (وزارة البترول) والجانب الأمريكى. وهناك تم دراسة أجزاء الهيكل وترميمه وطبع الكتب عن هذا الكشف البالغ الأهمية، ثم تم إعادته لمصر ليتحطم بقرية البضائع بمطار القاهرة الدولى ويتم عرض العظام المحطمة داخل صندوق زجاجى فيما يسمى بالمتحف الجيولوجى المصرى على كورنيش المعادى. تلا ذلك واستكمالا لهذه المأساة أن عادت البعثة الأمريكية فى الموسم التالى لاستكمال التنقيب بواحة البحرية وإخراج باقى هيكل الديناصور العملاق، ليكتشفوا أن موقع الاكتشاف المدوى تم تسليمه لمشروع استصلاح أراض زراعية قاموا بتجريف وتقليب وتمشيط الموقع (دون تفعيل واحترام قانون دراسة الأثر البيئي)، وهو ما أدى لتحطيم باقى الهيكل العملاق ليفقد العالم كشف علمى بالغ الأهمية بل ولحفريات عديدة أخرى بنفس الموقع، ثم ثبت بعد هذا الفعل عدم صلاحية الموقع للزراعة فتم سحب كامل المعدات ونقلها لموقع آخر.