يجد أكثر من 55 ألف فلسطيني يعيشون في بعض أحياء القدسالشرقية الواقعة ضمن نفوذ البلدية الإسرائيلية أنفسهم محرومين من الخدمات الأساسية فيما عزلهم الجدار الفاصل عن باقي أنحاء المدينة. فالفلسطينيون في أحياء كفر عقب وسميراميس ومخيم شعفاط وراس خميس لا يخضعون لسيادة فلسطينية أو إسرائيلية. وفي شوارع كفر عقب الذي بات في الجانب الفلسطيني من الجدار لكن الشرطة الفلسطينية تمنع من العمل فيه، تكثر الحفر وتحرق القمامة أمام المنازل وتغطي المياه والطين الشوارع بينما يكثر البناء العشوائي. وقال سميح أبو رميلة مسؤول جمعية الحي إن "كفر عقب يدفع ضرائب" لبلدية القدس "لكن لا يوجد خدمات ولا يوجد سلطة للقانون الفلسطيني أو الإسرائيلي والمواطنين يضعوا قوانينهم الخاصة ويطبقونها كما يشاؤون". وأضاف إن "إسرائيل تهدف إلى تهجير المقدسيين على المدى البعيد". وتابع أن "اليهود لا يريدون أن يخرجوا من هنا ويتخذون كل الإجراءات التي تجعل الناس يرحلون طوعا". وأوضح أبو رميلة "كنت انقل قمامتي من كفر عقب إلى مكان عملي في تل أبيب" إلى أن تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن هذه المسألة مما اضطر البلدية لوضع حاويات في الحي. وأضاف "قمنا نحن سكان الحي بتمديد مجاري على حسابنا الشخصي لكن لا يوجد عندنا شبكات لتصريف مياه الأمطار ولا بنية تحتية وهذه الأمور تنفذها دولا وليس أفراد". وسميح مدير إداري لمدرسة المعرفة في كفر عقب التابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية. وتدرس المدرسة اللغة العبرية والمناهج الفلسطينية لكن "بدون شعار السلطة الفلسطينية"، على حد تعبيره. وتمنع وزارة المعارف إدارة المدرسة من اصطحاب التلاميذ المقدسيين الذين تعتبرهم حسب القانون إسرائيليين، في رحلات إلى مدينة أريحا لأنها مدينة فلسطينية بينما تسمح لهم برحلة إلى مدينة عسقلان "لأنها إسرائيلية". وروى سميح حادثة جرت قبل شهر، قائلا أن "تلميذا في كفر عقب اقتحم بقوة السلاح مدرسة البلدية فاختبأ التلاميذ والمدرسات في المراحيض لمدة ساعة ونصف الساعة". وأضاف "اتصلنا بالشرطة الإسرائيلية المسؤولة عن المنطقة فقالت أنها لا تستطيع الوصول إلى المدرسة". وتابع أن "الشرطة الفلسطينية أيضا قالت أنها منطقة نفوذ إسرائيلية لا يستطيعون الوصول إليها لأن الجيش الإسرائيلي سيعتقلهم"، موضحا أن "شباب التنظيم (فتح) تدخلوا في نهاية المطاف وحلوا المشكلة". ولا تمول بلدية القدس ووزارة المعارف سوى المدارس العامة. وقال أبو رميلة أن "الجانب الإسرائيلي يفعل كل شيئ ليفصلنا عن القدس ويتخلص منا لكن بدون الاعتراف بذلك رسميا لأنه يعني أن إسرائيل تتخلى عن قسم من القدسالشرقية". من جهتها، تقول نسرين الميمي (32 عاما) في بيتها الذي يبعد عشرات الأمتار عن الجدار الفاصل "نعيش في سجن كبير ولا نشعر أننا نعيش في مدينة القدس بالرغم من أننا ندفع إيجارات غالية وضرائب باهظة ولا تلقى أي خدمات". وتابعت نسرين وهي أم لأربعة أولاد أن "المعبر العسكري يحدد خطوات حياتنا فقد أردت مراجعة مستشفى هداسا قبل نحو شهر لابنتي التي كسرت ذراعها فبقينا نحو ساعة ونصف الساعة على المعبر وتأخرنا عن الطبيب". وأضافت إن "زوجي يذهب في الساعة الخامسة والنصف صباحا حتى لا يتأخر بسبب المعبر العسكري عن عمله في القدس الذي يبدأ في الساعة الثامنة". وكان مسؤول شؤون العرب في بلدية القدس الإسرائيلية ياكير سيغيف تحدث في مؤتمر صحفي مطلع الشهر الجاري للمرة الأولى عن أحياء القدسالشرقية التي تقع خارج الجدار الفاصل. وقال أن "بلدية القدس ليس لها حاليا أي دور في إدارة هذه الأحياء وغير قادرة على التعامل مع أمور معقدة يواجهها نحو 55 ألف يقيمون في هذه الأحياء من السكان". وأضاف أن "دولة إسرائيل تخلت عن هذه الأحياء التي هي اليوم خارج نطاقها وبالتأكيد خارج نطاق البلدية". أما الإسرائيلية اورلي نوي من جمعية "مدينة الشعوب" (عير لعميم) فقالت "إذا أرادت إسرائيل التخلي عن هذه الأحياء فعليها أن تعترف بذلك علنا وتقوم بتسليمها للسلطة الفلسطينة لتسيطر عليها لملئ الفراغ الأمني والبلدي والخدماتي والصحي". وأضافت أن "إسرائيل لا يمكنها أن تتخلى عن مسؤولية أكثر من 55 ألف الفلسطيني بهذه الطريقة وبدون أن تتيح للسلطة الفلسطينية العمل هناك". وأكدت أن إسرائيل "عليها التزامات قانونية وعدم قيامها بالتزاماتها القانونية أمر سيئ للغاية". وأخيرا أكد محمد (68 عاما) الذي يقع بيته قرب الجدار أن "إسرائيل تأخذ كل شئ ولا تقدم شيئا بحجة أنها لا تستطيع، فلا ترسل إسعاف ولا تدع إسعافا فلسطينيا يصل إلى مستشفى المقاصد ولا تصل شرطتها لضبط القضايا المدنية لكن مخابراتها وحرس حدودها يصلون في أي وقت". وأضاف "عندما يرشق ولد حجرا من خلف الجدار يريدون منا أن نصبح حراسا لهم على الجدار وإلا ينكلون بنا وبأولادنا ويعكرون صفو حياتنا بمداهماتهم الليلة".