بعد انتهاء المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر فى السودان، بدا وكأن البلدين تحولا لجبهتى حرب كلامية وأن العلاقات الودية بين الشعبين لن تعود لطبيعتها قريبا، ولكن بعض الشباب كان لهم رأى آخر. حملة «لن نفترق» التى أطلقها مصطفى النجار (طبيب الأسنان) وعمرو مجدى( طبيب الامتياز) عبر مجموعة على الفيس بوك كانت إحدى التعبيرات عن ذلك. سعى الشابان المصريان بوسائل عديدة نشر الحملة على الإنترنت أو الاتصال برموز من البلدين. يقول عمرو مجدى إنه فى أثناء النقاشات على المجموعة لاحظ هو ومصطفى أن شبابا من الجزائر متحمسون للحملة فتواصلوا معهم وأصبحوا مشاركين فى التنسيق للحملة. جروب الحملة زادت عضويته حتى وصلت 8500، وهذا لا يعنى أن كلهم مؤيدون، فعمرو ومصطفى وجدا مشاكل كثيرة فى إدارة الشجارات التى نشبت فى ساحات حوار المجموعة. يقول عمرو مجدى: «مجموعات الفيس بوك مفيدة فى الانتشار وجمع الناس بشكل سريع، ولكنها غير فعالة فى تنظيم عمل جماعى ناجح. لم نجد طريقة للسيطرة على الشجارات إلا بغلق ساحة حوار المجموعة لفترات، لا توجد ساحة داخلية لحوار مديرين المجموعة. أنا أعتقد أن الإدارة تشكل جمهورها لا العكس. فى المنتديات عندما تضع محاذير وضوابط وتطبقها يلتزم بها العضو أو يرحل. مجموعات الفيس بوك تفتقر للأدوات اللازمة لذلك أنشأنا منتدى حواريا تابعا لموقع خاص بالحملة». ما يتحدث عنه عمرو هو نفسه ما يراه علاء عبدالفتاح إحدى المشكلات التى أعاقت حركة 6 إبريل، التى بدا أنها حشدت عددا كبيرا بفضل العدد الضخم لعضوية مجموعة الفيس بوك: «الأداة الرئيسية فى التنظيم خذلتهم تماما، ضخامة المجموعة على الفيس بوك كانت كارثة لأنه لا يوجد أى آليات لخلق سمعة وثقة وتاريخ للحركة أو رموزها بين هذا العدد. على حائط المجموعة كل الرسائل متساوية، ووسط طوفان الرسائل ينشر كل عضو رسالة ولا يعرف إن كان أحد قد اهتم بها أو رآها. ولذلك لا توجد وسيلة لظهور قيادات أخرى جديدة غير مديرين المجموعة الفعليين أو من يختارونهم، كما حدث لاحقا عندما سيطر على حركة 6 إبريل من لديه حزب وتربيط وآليات تنظيم خارج الفيس بوك». وفى الغالب هى المجموعة الأساسية التى دشنت الفكرة مع إضافات قليلة! أين ذهب إذن عشرات الآلاف؟ هذا الانتشار السريع والكبير لا ينتهى إلى لاشىء، حتى مع فشل التنظيم، فمجرد ضخامة العدد تشير إلى جاذبية الفكرة وقابليتها لأن تكون أكثر انتشارا بين الدوائر المختلفة. بالمثل قد نشك إذا كان كل أعضاء مجموعات ترشيح البرادعى سينزلون من منازلهم فعلا للتصويت لو نجح فى الترشح أو سيتظاهرون من أجل تعديل الدستور ليتمكن من الترشح، ولكن بالتأكيد الفكرة تعكس ميلا ما لوجه جديد وناجح، كما أنه يلخص أحلام شباب كثر يرون أن السياسة ما هى إلا إدارة ناجحة رشيدة من شخص مرموق عالميا. تبدو الشبكات الاجتماعية الجديدة القائمة على مجتمع المعارف والأصدقاء قاصرة فى تشكيل رموز من بينها ولكنها تلجأ لاستيراد رموز من خارجها على الدوام. وسيط المدونات أثناء «فورة التغيير» فى 2005 وما بعدها رغم أنه كان أقل زخما إلا أنه شكل رموزا من شباب المدونين وسمعة لمدونات ومواقع لا تزال تتمتع بقدر من المصداقية والمتابعة مثل «الوعى المصرى» و»التعذيب فى مصر» وغيرهما. وفى رأى علاء عبدالفتاح أن المدونة تصنع بتاريخها ثقة وسمعة وبروابطها مع المدونات الأخرى سياقا لما هو مكتوب فيها، كما أن الفارق بين وسيط المدونات ووسيط الفيس بوك يؤثر على الخطاب، فى المدونة يشعر الفرد فى الغالب أنه ممثل لجماعة ما أو يقدم شيئا ما لجمهور. ولكن المدوّنات كانت جذابة للأفراد الذين لديهم شىء ما ليكتبوه أو ينشروه، بينما كل مستخدم فى الفيس بوك موجود ويعبر عن ذاته ويتفاعل مع شبكته بأشكال مختلفة بدون أن يكون بالضرورة كاتبا أو يريد أن ينشر شيئا أيا كان. فى المدونات لا تزال هناك فكرة «النخبة» و«الجمهور» ولكن بشكل جديد. جزء من الجمهور صار النخبة التى تدون ومن بينهم هناك نخبة المدونين المشهورين.