ملامحها الصعيدية المصرية تكشف عن وجود إرادة قوية لدى هذه المرأة فى تحدى العصبية القبلية، التى تتحكم فى التصويت بالانتخابات البرلمانية فى الصعيد، وتحدى المجتمع وإثبات قدرة المرأة الصعيدية على خوض الانتخابات والقيام بدور فاعل فى الحياة السياسية. راوية فرج (30 سنة) من مواليد سوهاج، لكنها عاشت بالقاهرة مع أسرتها بعد استقرار عمل الأب فى العاصمة، لكن راوية لم تنسى للحظة مكان ميلادها وعائلتها، «طول ما أنا فى القاهرة بحس إننا فرع وجذورنا فى مكان تانى». راوية تؤكد أن أباها وأمها حرصا على عدم انسلاخ الأبناء من الطبيعة الصعيدية حتى فى اللهجة، «نتحدث فى البيت صعيدى مع بعض». عرفت راوية طريقها للعمل العام وخاصة الاجتماعى منذ عام 2004، حيث انضمت للهلال الأحمر المصرى واشتركت فى عدد من الأنشطة الرياضية والثقافية، التى يقوم بها الهلال، وتلقت عددا من الدورات التدريبية فى الخدمة الاجتماعية. تقول راوية «تولد لدى منذ هذا العام شغف ورغبة فى العمل الاجتماعى». ولكنها فضلت تكثيف جهود العمل الاجتماعى بين أبناء سوهاج، وتوضح أنها كانت تجلس مع المتزوجات صغار السن اللاتى لم يكملن تعليمهن، وتتحدث معهن فى موضوعات متعلقة بالتوعية الصحية والثقافية، وتضيف: «فى هذا الوقت كان ينتشر مرض إنفلونزا الطيور وبدأت فى توعية السيدات بكيفية التعامل مع الطيور وضرورة عزل الأبناء عنها». تقول راوية: «مع بداية هذه الأنشطة شعرت أنه فى قبول لدى الناس ولدىّ قدرة على العمل الاجتماعى ورغبت فى توظيف هذا سياسيا». وتوضح أن جزءا من أهدافها تغيير الصورة النمطية للمرأة الصعيدية بأنها مهمشة وبلا دور. وتشير إلى خوض المرأة الصعيدية لمجالات عمل متعددة مثل الطب والتدريس والهندسة وغيرها، قائلة: «غير صحيح أن بنات الصعيد منغلقات، لكن فيه قطاع كبير منهم يرغب فى المنافسة والظهور وإثبات الذات». شعرت راوية أن تحقيق أهدافها التى تتمناها سواء لسوهاج أو لمصر لن يحدث إلا من خلال بوابة الحزب الوطنى، «الحزب الوطنى له وجود، لم أر فى سوهاج أى أحزاب أخرى». «لو لم يرشحنى الحزب سأخوض الانتخابات مستقلة». تعكس هذه الكلمات إصرار راوية على خوض التجربة، لكنها تؤكد أنه فى حالة دخولها مجلس الشعب كعضو مستقل فلن تعود للانضمام للحزب مرة أخرى، «اتلسعنا قبل كده من الكلام ده ومش هعمله طبعا». «العصبية القبلية مش قادرة أعرف مدى تأثيرها على حتى الآن لكن أتمنى أن الناس يكون عندها وعى أكبر»، بهذه الكلمات تتمنى راوية ألا تؤثر الانتماءات العائلية والقبلية على التصويت فى الانتخابات المقبلة وأن يتم التصويت بناء على اقتناع كل شخص بالمرشح الذى يصوت له بعيدا عن العائلة. ووسط هذه العائلة الصعيدية تتمتع راوية بتأييد معظم أفراد عائلتها بدءا من زوجها، الذى يقول لها: «إنتى فخر لنا وعايزك تضعى قدمك فى المكان الصحيح». وتوضح راوية أن زوجها يساعدها عمليا وليس بمجرد الأقوال التشجيعية، «هو متعاون معى ويسمح لى بتخصيص وقت أكبر للعمل العام والسفر وقضاء وقت أطول فى سوهاج». أما الدعم الأهم الذى تتلقاه راوية فهو التشجيع المستمر من جانب والدها ووالدتها. أم راوية عيناها مليئة بالأمل وتدعو لإبنتها بتحقيق هدفها، وتقول: «أنا غير متعلمة لكن بكون سعيدة جدا لما أشوف بنات متعلمة وبتشتغل فى كل حاجة وعايزة بنتى تبقى حاجة كبيرة قوى». وعن تصورات راوية لمشكلات مصر تشير إلى مشكلة تآكل الطبقة الوسطى، «الطبقة الوسطى تقريبا مش موجودة، وأكثر شىء يعانى منه المجتمع سوء الأوضاع الاقتصادية». وتدعو راوية لتبنى سياسات تشجع على التصنيع والإنتاج، وتتساءل: «لماذا يكتفى رجال الأعمال بتجميع المنتجات مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر.. أين نحن من تصنيع هذه الأجهزة»؟ وتوضح راوية عددا من المشكلات التى تعانى منها محافظة سوهاج خاصة أنها من أفقر محافظات مصر رغم أن عددا من كبار رجال الأعمال من هذه المحافظة، وتقول: «رجل الأعمال يبنى استثمارات خارج سوهاج ولا يعمل على تنمية المحافظة». وتشير إلى عدم الاهتمام بتطوير شباب سوهاج، موضحة النقص فى خدمات تنمية المهارات التكنولوجية واللغوية فى المحافظة، «الصعيد محروم من حاجات كثيرة». لكنها فى الوقت نفسه تدافع عن خطط الحزب الوطنى تجاه تنمية الصعيد، قائلة: «الصعيد على أجندة الحزب ولكن كل قرية علشان تشم نفسها محتاجة وقت طويل».