أثار نجاح مصر في استعادة خمس لوحات جدارية فرعونية من متحف اللوفر الفرنسي في زمن قياسي ودون الدخول في متاهات القوانين الدولية دهشة كبيرة في فرنسا والعالم عكست مدى تسلح مصر بإرادة سياسية قوية تنبئ بإمكانية أن تتوج جهود مصر الرامية لاستعادة مجموعة نادرة من الآثار التي هربت خارج أراضيها بطرق غير مشروعة على رأسها تمثال نفرتيتي وحجر رشيد والقبة السماوية وتمثال مهندس هرم خوفو. وجاء حرص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على تسليم إحدى هذه الجداريات إلى الرئيس حسنى مبارك خلال زيارته مؤخرا لباريس ليعكس مدى إدراك فرنسا لقوة الضغوط التي تمارسها مصر لاستعادة آثارها المنهوبة خاصة بعد أن باتت مصر على أعتاب امتلاك أحدث متحفين في العالم احدهما بالفسطاط والأخر بالجيزة. وتم تصميم هذين المتحفين على أحدث الطرق التكنولوجية الحديثة بحيث يوفران الحماية النموذجية للقطع الأثرية التي تطالب مصر باستعادتها والتي تعد من أهم القطع الأثرية في العالم وإن لم تكن أهمها على الإطلاق خاصة رأس نفرتيتي زوجة الملك اخناتون أول من دعا إلى التوحيد وحجر رشيد الذي فك طلاسم اللغة الهيروغليفية. ويرى جون جاك نوييه المحامي المتخصص في النزاعات المتعلقة بتهريب بالآثار والأعمال الفنية أن نجاح مصر في استعادة الجداريات الخمس من متحف اللوفر دون اللجوء للقوانين الدولية يعكس مدى قوة الضغوط التي مارستها مصر على فرنسا خاصة قرار وقف جميع التعاملات مع متحف اللوفر ما لم يبادر بإعادة هذه الجداريات التي هربت من مصر في الثمانينيات من القرن الماضي بشكل غير مشروع. وأضاف نوييه في تصريحات لمجلة "لوبوان" الفرنسية أنه كان بإمكان مصر استعادة هذه الجداريات الخمس لو لجأت للقوانين الدولية لاسيما اتفاقية عام 1970 الصادرة عن منظمة اليونسكو غير أنه أشار إلى أن إجراءات التقاضي كانت يمكن أن تستغرق سنوات طويلة. ويذكر أن اتفاقية اليونسكو لعام 1970 تحظر على الدول الموقعة عليها الحصول على القطع الأثرية أو الفنية بشكل غير مشروع، ووقعت فرنسا على هذه الاتفاقية في نفس سنة صدورها في حين وقعت عليها مصر في عام 1972. وتجبر اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الدول الموقعة عليها باتخاذ كافة الإجراءات لمنع متاحفها من الحصول على قطع أثرية وفنية بطرق غير مشروعة، كما تجبر في نفس الوقت الدول الموقعة على الاتفاقية على إعادتها إلى بلادها الأصلية. ويذكر أن اتفاقية اليونسكو لا تطبق إلا على عمليات تهريب الآثار والقطع الفنية التي جرت بعد عام 1970 أما القطع المهربة قبل ذلك التاريخ فإنها تخرج عن إطار قوة هذه الاتفاقية. وتجدر الإشارة إلى أن هناك اتفاقية أخرى كانت قد وقعت في عام 1907 لحماية الآثار من السرقة والنهب والتهريب وهى اتفاقية لاهاي لكنها اتفاقية لا تطبق إلا في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة ولا يمكن لأي دولة الاستناد عليها لاستعادة آثارها المنهوبة في الأوقات العادية. وقد حظى اليهود باستثناء خاص حين صدر قانون دولي سمح لليهود باستعادة جميع القطع الفنية التي أخذت منهم خلال الحرب العالمية الثانية مهما كانت طرق الحصول عليها بعد أن صنفت عمليات الاستيلاء أو الحصول على ممتلكات اليهود الفنية بأنها "جرائم ضد الإنسانية".