افتتح الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، اليوم الأربعاء، مؤتمر "الهجرة غير الشرعية في حوض البحر المتوسط"، والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية ويستمر لمدة يومين، وتشهد جلسات المؤتمر استعراضًا لجهود مؤسسات الدولة المصرية والجمعيات غير الأهلية، فضلًا عن السياق الإقليمي لقضية الهجرة غير الشرعية، وأبعادها المختلفة. وشارك في الجلسة الافتتاحية السفيرة نائلة جبر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والدكتورة سحر السنباطي الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، ووجهت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي كلمة للمؤتمر في رسالة مسجلة. قال الدكتور مصطفى الفقي إن هذا المؤتمر له أهمية كبيرة لسببين رئيسيين، أولهما هو أن مصر حققت إنجازًا كبيرًا في التصدي للهجرة غير الشرعية، فبعد أن كانت مصر دولة ممر للهجرة غير الشرعية، استطاعت بإحكام الرقابة وتنفيذ السياسات الرشيدة أن تجعل نسبة الخروج من مصر صفر بشهادة المؤسسات المعنية. أما السبب الثاني فهو اهتمام مكتبة الإسكندرية بحوار الحضارات وخاصة حضارات البحر المتوسط، مؤكدًا أن حوض البحر المتوسط هو أيقونة العالم وهو في صميم عمل المكتبة. وأضاف الفقي أن موضوع الهجرة غير الشرعية متشعب يمس قضايا سياسية واقتصادية اجتماعية وإنسانية وأخلاقية، مؤكدًا أهمية النظر إلى الوجه الآخر ودراسة الأسباب التي تدفع الشخص للقيام بعمل غير مشروع قد يكلفه حياته. ولفت إلى أن مصر أعطت قضية الهجرة غير الشرعية اهتمامًا كبيرًا، مضيفًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتم بهذه القضية من ضمن العديد من الملفات التي كانت منسية، وهو الذي أوحى لنا بضرورة النقاش بحضور الأجهزة المعنية بمكافحة الهجرة غير الشرعية. وشدد على أن مصر دولة محورية في هذه القضية سواء بمنع الخروج منها أو محاربة هذا العمل في السواحل المختلفة، داعيًا إلى أهمية تقديم مقترحات وتوصيات خاصة وأن العديد من الدول تنظر لمصر وتقتدي بها في هذه القضية. وفي كلمتها، أكدت السفيرة نائلة جبر على وجود تحرك مؤسسي تشريعي عملياتي من الدولة للتصدي لقضية الهجرة غير الشرعية، ويتمثل الدور المؤسسي في دور الهيئة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدة أن المؤتمر يأتي في توقيت مناسب حيث أطلقت الهيئة مؤخرًا خطة العمل الوطنية الثالثة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية للفترة من (2023-2021)، وأن الهيئة تضم الآن 30 وزارة وهيئة معظمهم متواجدين في المؤتمر. وعن الجانب التشريعي، تحدثت السفيرة نائلة جبر عن قانون رقم 82 لسنة 2016 لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، وهو أول قانون في منطقة الشرق الأوسط يعرف جريمة تهريب المهاجرين ويضع عقوبات رادعة للمهربين. وقالت إن الهيئة تتعاون مع عدد كبير من المؤسسات منها مركز البحوث الاجتماعية والجنائية لتقديم دراسات عن قضية الهجرة غير الشرعية للشباب والأطفال غير المصحوبين، لتقديم تصور لتحرك عملي واستراتيجية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتم وضع أول خريطة في مصر توضح المحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية وقراها، وتم إرسالها للمحافظين. وأوضحت تنفيذ الهيئة أنشطة تدريبية على مدار العام، وحملات إعلامية، وأنشطة في المحافظات لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وعمليات الاستغلال التي يتعرض لها المهاجرين، وأن الهيئة تهتم في استراتيجيتها التوعوية بتقديم البدائل للشباب، من خلال عرض مشروعات ومبادرات جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والتنمية المحلية وعرض التجارب الناجحة على الشباب. ومن جانبها، قالت الدكتورة سحر السنباطي، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، إن المجلس يعد شريكًا أساسيًا وداعمًا لقضية مكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة فيما يخص الأطفال غير المصحوبين وغير المستدل على أسرهم، مشيرة إلى أن المجلس يؤدي دوره في مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال عدة محاور؛ هي: التوعية بالمخاطر، والعمل على العودة الطوعية للأطفال الراغبين في العودة، وتحسين البيئة الداخلية في أماكن تصدير الهجرة غير الشرعية للأطفال. وعلى جانب آخر، وجهت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، رسالة مسجلة إلى المؤتمر، أكدت فيها الحرص على تكاتف الجهود الوطنية والدولية لاستكمال الطريق الذي أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي شرارته الأولى في عام 2016، والتوجيه بتجفيف منابع الهجرة غير الشرعية، وأن الموضوع يرتبط بالعديد من المحاور منها العنصر البشري التي تحاول الدولة الاستثمار فيه، وقضايا الولاء والانتماء، والوضع الاقتصادي في دول المنشأ أو المقصد، والعلاقات الدولية. وأضافت: "نفخر بأنه منذ عام 2016 أعلنت مصر أنه لم تخرج مركب غير شرعية واحدة من السواحل المصرية"، ويرجع ذلك لجهود متكاملة ومتعددة الجوانب سواء كانت قانونية أو أمنية أو إعلامية أو إنسانية، وأن الجانب القانوني يتمثل في قانون 82 لسنة 2016 الذي يغلظ العقوبات لمن يرتكب جريمة تهريب المهاجرين، بينما يتمثل الجانب الأمني في تكثيف جهود حماية حدود البلاد وتضييق المساحة على سماسرة التهريب. وأشارت "القباج" إلى أهمية تكثيف الحملات الإعلامية وفتح قنوات الحوار مع الشباب وإبراز مخاطر الهجرة غير الشرعية، وتوضيح البدائل وفرص العمل للشباب، موضحة دور البعثات الدبلوماسية والقنصلية في تقديم أوجه المساعدة للمواطنين المصريين العاملين في الخارج، وأهمية حث وتشجيع الشباب على إقامة المشروعات التنموية والتدريب المهني والحرفي. وتحدثت عن دور الوزارة في مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال عدة محاور، منها شمول العمالة غير المنتظمة تحت مظلة شبكات الأمان الاجتماعي، وفتح سبل المشاركة في العمل العام للشباب من خلال برنامج "مواطنة" وتعزيز روح الولاء والانتماء، وفتح قنوات لاكتشاف المواهب وإعطاء مساحة أكبر للابتكار العلمي والفني والأدبي، وتعزيز مفاهيم الأسرة الموحدة من أجل صالح الأبناء وتعزيز حماية الأطفال والنساء وإعادة دمج العائدين من الخارج. يذكر أن الجلسة الأولى للمؤتمر التي تعقب الافتتاح سوف تتناول جهود مؤسسات الدولة المصرية في مواجهة الهجرة غير الشرعية، ويتحدث فيها ممثل هيئة الرقابة الإدارية، والنائب محمد عبد العزيز وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، والمستشار أحمد عثمان رئيس النيابة بمكتب النائب العام، والدكتور صابر سليمان مساعد وزير الهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور أحمد سعدة معاون وزير التضامن الاجتماعي، والدكتور ناصر مسلم الخبير في ملف الأطفال غير المصحوبين بالمجلس القومي للطفولة والأمومة. وسيتحدث في جلسات المؤتمر السيد لوران دي بوك رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية لدى مصر، والسيدة أمينة الشيباني من جامعة الدول العربية، والدكتور محمد الحشاني رئيس الجمعية المغاربية لدراسات الهجرة، وأستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، وعدد من الخبراء في هذا المجال. وتشمل جلسات المؤتمر في يومه الثاني، بالإضافة إلى البعد الإقليمي للهجرة غير الشرعية، نماذج من المشروعات التي تقوم بها الجمعيات الأهلية لمواجهة هذه الظاهرة في عدد من المحافظات.