خلال السنوات الماضية، ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، بأدائه اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، شهدت مصر تطورات واسعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، عمل خلالها الرئيس بخطوات سريعة وحاسمة على تنفيذ سلسلة من المشروعات القومية العملاقة، التي أسهمت في دخول اقتصاد البلاد طور التعافي، وزيادة الدخل القومي وجذب الاستثمارات الأجنبية. وفي الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو تستعرض الشروق جوانب من النهضة السريعة وصور التغيير والتطوير التي شهدتها المجالات الخدمية والمرفقية المختلفة وثيقة الصلة بحياة المواطنين، لتحسين أوضاعهم المعيشية، تعرضها لكم "الشروق" مع التركيز على المشروعات الجديدة التي انتشرت في ربوع مصر كافة، لتضع حجر الأساس للتنمية المستدامة وفق خطة مصر- 2030.
منذ عودتها كاملة للسيادة المصرية، بعد اتفاقية كامب ديفيد التي عقدتها القاهرة مع تل أبيب عام 1979، عانت سيناء لعقود طويلة من التهميش وقلة الاهتمام بتطويرها أو تنميتها، حتى تقلد الرئيس السيسي مقاليد الحكم، وبدأ بخطته الإصلاحية، التي كانت مشاريع تنمية سيناء حاضرة فيها بقوة، فمن التصريحات المتكررة بأهميتها بالنسبة له إلى التوجيهات بسرعة تنفيذ مشاريعها القومية، خاض السيسي معركته لتنمية وتطوير أرض الفيروز، وللحفاظ عليها من الإرهاب المحتمل.
في أبريل الماضي، أصدر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة خاصة بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء، تحت عنوان "سيناء: رؤية جديدة للتنمية"، بمشاركة نخبة من خبراء المركز والباحثين، أكد فيها أن ما يجري في سيناء من حركة تعمير وتطوير لم تشهده أراضيها من قبل، وسيلبي حتمًا أهداف الدولة بوضع سيناء على قدم المُساواة مع باقي الأقاليم المصرية.
وأشارت الدراسة إلى أنه بالرغم من مجهودات التنمية الجدية، التي بذلت خلال العقود الماضية لتطوير شبه جزيرة سيناء، لاسيما بعد تحريرها، فإنها لم تضاه ما تقدمه الدولة لها خلال مدة زمنية من حكم السيسي (2014-2021)، فقد أخذت الحكومة الحالية على عاتقها نهجا جديدا في تطوير المنطقة بمشاريعها الخدمية والاقتصادية المختلفة.
وفي سيناء، كانت الأولوية لمشاريع البنية التحتية، التي لطالما كانت حجر الأساس لجذب الاستثمارات وتسهيلها، والمدن الجديدة والمناطق الصناعية، الهادفة لبناء حياة أفضل للمواطن المصري القاطن بشبه جزيرة سيناء، لتتضافر الجهود مع عملية قوات الجيش المصري المسلحة الشاملة لتقويض الإرهاب المستهدف لحياة المواطنين.
أولا: العملية الشاملة للقضاء على الإرهاب على مدار السنوات، شهدت سيناء العديد من العمليات الإرهابية، التي أودت بحياة الجنود والمواطنين من أبناء الوطن، والتي مثلت تحديا كبيرا واجه الرئيس السيسي في بداية حكمه، حتى جاءت الحادثة الفاصلة، عندما قام مسلحون بالهجوم على مسجد الروضة بمركز بئر العبد في العريش، في 24 نوفمبر 2017، وقتلوا 305 من المصلين خلال أداء شعائر صلاة الجمعة.
وردا على الحادث الإرهابي الغاشم، خرج الرئيس السيسي، في 29 نوفمبر 2017، معلنا استخدام كل القوة الغاشمة للقوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب حتى اقتلاعه من جذوره، وهي الخطوة التي مهدت -بعد ذلك- إلى إطلاق "العملية الشاملة سيناء 2018"، للقوات المسلحة بالتنسيق مع قوات إنفاذ القانون والشرطة المدنية، في 9 فبراير 2018، للقضاء على الجماعات الإرهابية والتكفيرية في شمال ووسط سيناء.
وعلى مدار عامين، شن الجيش المصري حرباً شرسة على معاقل الإرهاب داخل سيناء وعلى حدود الأراضي المصرية بالكامل، أظهر خلالهم قدرة وجدية الدولة في مكافحة الإرهاب، وحقق من خلال "العملية الشاملة" مجموعة من النجاحات في مكافحة الإرهاب.
لم يكن الرئيس السيسي موجها فقط في الحرب ضد الإرهاب، بل كان داعم ومشجع ومحفز لجنود الجيش المصري في خط المعركة، ففي 23 مارس 2018، وبعد حوالي شهر من إطلاق "العملية الشاملة"، زار السيسي القوات المشاركة في إحدى القواعد الجوية بسيناء، مرتديا الزي العسكري، متعهدا بالانتصار على "خوارج العصر"، ومعربا عن "اعتزازه والشعب المصري بالدور الوطني الذين تقوم به القوات في دحر الإرهاب واستعادة الأمن".
ثانيا: خطة التنمية الشاملة في سيناء بالتوازي مع عملية تطهيرها من التنظيمات الإرهابية، بدأ الرئيس السيسي خطة شاملة لتنمية سيناء، شملت عدداً من المشاريع الكبرى على مستوى البنية التحتية، وتوسعات الطرق، وتطوير قطاعي الصحة والتعليم، ومحطات توليد الكهرباء، وتنقية المياه، والصرف الصحي، والتوسعات الزراعية، والمزارع السمكية، وغيرها من المشاريع التي تعمل على ربط سيناء بباقي محافظات الجمهورية.
شبكة الطرق والكباري والأنفاق والمطارات من أنفاق قناة السويس، البالغ عددها خمسة، إلى نفق الشهيد أحمد حمدي، والتي تم الانتهاء من إنشائها في عام 2019، سعى الرئيس السيسي إلى ربط غرب مدن القناة بشرقها لتسهيل حركة التجارة، وربط سيناء بدلتا النيل وإنهاء معاناة المواطنين شبه اليومية في الانتقال من مكان لآخر. وداخل سيناء، تم تشييد عدد من الكباري العائمة، الهادفة إلى تسهيل حركة عبور المواطنين والبضائع والقضاء على مشكلة الزحام والتكدس بسبب المعديات.
ومن إنشاء الطريق الأوسط بشرم الشيخ، الذي تم افتتاحه في ديسمبر 2015، مرورا بطريق شرم الشيخ الجديد، وطريق وادي سعال - سانت كاترين، ومحور 30 يونيو، وطريق الجلالة، نهاية بطريق العين السخنة – الزعفرانة، انطلقت المشاريع القومية الضخمة لتشييد شبكة الطرق، التي وجه بها الرئيس السيسي، لدعم خطة التنمية في سيناء، وتسهيل حركة التجارة بين مصر ودول قارة إفريقيا.
وشملت خطة التنمية للرئيس السيسي، إنشاء بعض المطارات، التي من شأنها أن تخدم سيناء، فبدءً من تدشين مطار البردويل، الذي تم افتتاحه في 2018، مرورا بمطار سانت كاترين، انتهاءا بمطار رأس سدر الدولي، عملت الدولة على تسهيل حركة التنقل لمواطني المحافظات المصرية من وإلى سيناء.
الخدمات الأساسية.. المياه والكهرباء لم تكن لتنجح خطة التنمية الشاملة في سيناء، بدون إعطاء الأولوية والاهتمام للخدمات الأساسية، لذلك، بدأت الهيئة الهندسية بإنشاء 20 محطة لتحلية مياه البحر، بطاقة إنتاجية 600 مليون متر مكعب سنويًّا، بهدف توفير مياه تخدم الأغراض التنموية وتُمهد لاستقبال سُكان المنطقة الجُدد، كمحطة مياه أبو الجلود، بحر البقر، حي المساعيد، مدينة الطور، دهب، محطة تحلية نويبع، مدينة الجلالة، ومحطة معالجة مياه مصرف المحسمة.
وبالتزامن مع ذلك، تم إنشاء عدد من محطات الطاقة المُتجددة، لتوفير القوة الدافعة للنشاطات الاقتصادية العديدة، التي يجري إنشاؤها في المجالات الصناعية والسياحية والزراعية، كمحطة رياح جبل الزيت، التي تعد من أكبر محطات الرياح في العالم، محطة رياح رأس غارب، بمنطقة خليج السويس، ومحطة أبو غرادق للطاقة الشمسية، التي تعد من المشروعات التنموية المهمة بالمنطقة، بالإضافة إلى مشروعات تطوير ورفع كفاءة شبكة الكهرباء.
القطاعات الخدمية.. التعليم والصحة أولت الدولة أهمية كبرى للاستثمار في التعليم بسيناء، من خلال تنفيذ مشروعات لإنشاء ورفع كفاءة المدارس والإدارات التعليمية، فعلى مستوى التعليم ما قبل الجامعي، وصل عدد المدارس في سيناء إلى 840 مدرسة، بعد تدشين العديد من المدارس، كمدرسة الوادي الرسمية المتميزة للغات بالعريش، ومدرسة الشهيد رائد عمرو خالد حسين للتعليم الأساسي، بشمال سيناء.
وعلى مستوى التعليم الجامعي، فقد تم تدشين عدد من الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد، كجامعة سيناءبالعريش، التي تمثل نموذجًا ناجحًا بصورة كبيرة، وجامعة سلمان بن عبدالعزيز، التي تضم ثلاثة أفرع في الطور وشرم الشيخ ورأس سدر، ومساكن للطلاب، بالإضافة لمعاهد خاصة تسع ل 4 آلاف طالب.
تتميز سيناء بمستوى متميز من الخدمات الصحية التي تفوق معدلاتها في سائر أنحاء الجمهورية، فهناك عدد من المستشفيات الكبرى التي أقامتها القوات المسلحة في كل من العريشوشرم الشيخ، ويستهدف المشروع القومي لتنمية سيناء زيادة عدد أسرّة المستشفيات إلى 6 آلاف سرير لمواكبة الزيادة المتوقعة في عدد السكان، من خلال إنشاء عدد 55 مستشفى تابعة لوزارة الصحة وعدد 23 مستشفى للقطاع الخاص.
القطاعات الإنتاجية.. الصناعة والسياحة تستهدف الدولة تضيق الفجوة التنموية لسيناء مع الوادي والدلتا، تلك الفجوة التي أبقت السُكان من بين الأفقر في مصر، لذلك، عمدت الدولة إلى تحفيز وخلق قطاعات إنتاجية تستغل الموارد الضخمة، ففي قطاع الصناعة، اهتمت الدولة بدمج سيناء في الكيان الاقتصادي لبقية الأقاليم والمناطق المصرية من خلال أعمال التنمية التي تتم في محور قناة السويس، كمجمع مصانع الرخام بجفجافة، ومجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة بالعين السخنة، ومصنع الرفلة الثالث بالسويس.
وعلى صعيد السياحة، عملت الدولة على النهوض بالقطاع السياحي خصوصًا في محافظة جنوبسيناء، بعدما شهد تراجعا كبيرا في ظل السيولة الأمنية وعدم الاستقرار، فقد اتخذت الدولة بعض القرارات، كتشغيل خط طيران جديد بين شرم الشيخ والأقصر، وتشغيل خط مباشر من مطار لندن جاتويك إلى شرم الشيخ، وتدريب العمال بالفنادق والمنتجعات والمطاعم بشرم الشيخ على فنون العمل الفندقي.
المشروعات القومية.. مدن الجيل الرابع والسدود لم تخل خطة تنمية سيناء من المشروعات القومية الكُبرى، كإنشاء مدن الجيل الرابع، التي تهدف لتطوير سبل المعيشة، كما في مدينة رفح الجديدة، التي تقع في شمال سيناء، ومشروع جبل الجلالة، الذي يضم مدينة الجلالة العالمية، ومنتجع الجلالة السياحي، الذي يطل على خليج السويس، وجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجامعة الجلالة للعلوم والتكنولوجيا، والمنطقة الصناعية الجديد، بالإضافة إلى مشاريع حماية سيناء وطابا من خطر السيول، كإنشاء سد البيضا بمدينة دهب.