كشف الرئيس السوري بشار الأسد النقاب عن تفاصيل ونتائج مباحثات السلام التي كانت ترعاها الحكومة التركية بين إسرائيل ودمشق ، والتي تمخضت عن موافقة رئيس الوزراء إيهود أولمرت على الانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة ، بحسب تأكيده. وقال الأسد في الحوار الذي أجرته معه صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية يوم الأربعاء وأبرزته الصحف الإسرائيلية ومن بينها هآرتس وجيروزاليم بوست إن أولمرت أعرب لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن استعداده للتخلي عن هضبة الجولان لسوريا ، وأضاف الأسد أن الطرفين اقتربا بشدة من تحقيق نتائج طيبة ، وأنه كان يتببقي فقط بعض التفاصيل النهائية التي ستنهي مشكلة الحدود بين الدولتين. وكانت المباحثات قد توقفت لفترة بناء على طلب أولمرت الذي قال إنه يريد استشارة حكومته في بعض النقاط , لكن لم يمض وقت طويل حتى شنت إسرائيل هجومها الدموي على قطاع غزة في ال27 من يناير والذي أسفر عن استشهاد 1300 فلسطيني وتدمير البنية التحتية في المنطقة. وقال الأسد للصحيفة : "لقد شعرت تركيا بغضب شديد , لأنها أحست بأن إسرائيل تخدعها". ويشعر الرئيس السوري بقلق على مستقبل مباحثات السلام مع الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي سيشكلها بنيامين نيتانياهو ، حيث قال : "أرى خط نهاية الصراع يبتعد شيئاً فشيئاً , لست خائفا من نيتانياهو , ولكني متخوف من حقيقة أن إسرائيل انتخبت حكومة يمينية , وهو الأمر الذي سيشكل إعاقة كبيرة لعملية السلام". كما أعرب الأسد عن رغبته في لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما , وأبدى أيضا استعداده للوساطة بين الولاياتالمتحدةوإيران ، حيث قال : "أثبت أوباما أنه رجل صاحب كلمة بعد تنفيذه لوعوده وذلك بعد الانسحاب الأمريكي من العراق والاستعداد لعقد السلام , وإغلاق معتقل جوانتانامو" , وذلك في إشارة منه إلى المعتقل الذي اعتقلت فيه الولاياتالمتحدة العديد من المشتبه في علاقتهم بتنظيم القاعدة بدون محاكمة. إلا أن الأسد قال إن الوقت ما زال مبكرا للحكم على "تغيير تاريخي" في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وعندما سأله المحاور عما إذا كان يريد مقابلة أوباما , رد الأسد قائلا : "نعم أنا موافق من حيث المبدأ ، لأنها ستكون بادرة إيجابية ، لكن لا أريد الذهاب لمجرد أن يتم التقاط صور معه ، المهم هو أن نتحدث معا". وكان أوباما قد قرر إعادة النظر في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه سوريا ، بما في ذلك تفكيره في عودة السفير الأمريكي إلى دمشق ، وفي بداية هذا الشهر أرسل بالفعل مبعوثين لزيارة دمشق في بادرة جيدة لتغيير نبرة العداء الأمريكية تجاه سوريا , وقال أحد هؤلاء المبعوثين إنه وجد أرضاً مشتركة للحوار مع السوريين. يذكر أن واشنطن كانت قد سحبت سفيرها من سوريا عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري , وألقت الولاياتالمتحدة – التي تضع سوريا في قائمة الدول الراعية للإرهاب - اللوم على سوريا ، التي نفت بدورها أي علاقة لها بهذا الحادث. وقال الأسد أيضا إن الولاياتالمتحدة تحت حكم أوباما يمكن أن تلعب دورا فاعلا لإحلال السلام في المنطقة ، وعلى الرغم من تأكيد ثقته في الدور الفرنسي والتركي في المنطقة ، فإنه قال أيضا إن واشنطن وحدها هي القادرة على الضغط على إسرائيل. وبالنسبة لإيران التي تعتقد الولاياتالمتحدة بأنها تسعى للحصول على أسلحة نووية على الرغم من النفي الإيراني المستمر ، أعرب الرئيس السوري عن استعداده للوساطة بين واشنطن وطهران. وحث الأسد الغرب على تقديم حوافز مرضية لإيران - لأنها سواء أحبوا ذلك أم لم يحبوه - دوله مهمة ، بحسب تعبيره ، حيث قال : "مستعد للوساطة , لكن الشئ المفقود عند التعامل مع إيران هو عدم وجود خطط وقواعد محددة يمكن تقديمها لطهران , لأن الوساطة بدون آليه فعالة لا تكفي". وعن الدور الإيراني في العراق , شدد الأسد على أنه لا يجب أن يُرى الأمر من منظور سلبي لأنه دور مبني على الاحترام المتبادل بين الدولتين.