سمع المصريون قبل عقدين عن ثقب الأوزون، وعن الكوارث الصحية والبيئية التى قد تترتب عليه، ولم يهتم أحد. انشغل العالم قبل سنوات بمشكلة الاحتباس الحرارى، وتوقع العلماء أكثر من سيناريو للرعب، ولم يهتم أحد. وقبل أسابيع وصل التحذير إلى شواطئنا: أطلقت اللجنة الأمريكية للتغير المناخى إنذارا واضحا بأن التغيرات المناخية التى يشهدها العالم فى الوقت الراهن، سوف تؤدى إلى عدة كوارث، ما يخص مصر فيها هو احتمال غرق أجزاء من الدلتا، وفى سيناريو أكثر تشاؤما قد يبتلع البحر الأبيض الوديع كل الدلتا. يخرج المواطن المصرى البسيط إلى عمله صباحا، ويعود مساء فى مسلسل يومى رتيب لا تكاد تترك له ضغوط الحياة اليومية فيه، فرصة ليدرك ما تحمله التغيرات المناخية له من سيناريوهات أسوأ فى عمله وغذائه ومسكنه وصحته، وصولا إلى أدق تفاصيل حياته. ربما لا يزال كثيرين لا يعرفون أن ما يقرب من 20% من مساحة الدلتا معرضة للغرق فى المائة سنة القادمة، وأن نحو 6 ملايين من سكانها مهددون بالهجرة. وتمتد الآثار السلبية للتغيرات المناخية لتضرب معها كل شىء تقريبا، حيث تشير الدراسات مثلا إلى أن محاصيل زراعية كثيرة حيوية ستقل إنتاجيتها بمعدلات قد تصل إلى النصف نتيجة للارتفاعات المتوقعة فى درجات الحرارة، وبحلول عام 2030 سنعانى عجزا شديدا فى جميع المنتجات الحيوانية وعلى الأخص فى كل من اللحوم الحمراء والألبان ومنتجاتها، مع ما سيصاحب ذلك من آثار صحية كارثية. عدم انتباه المواطن العادى لمثل هذه المخاطر تحت ضغط انشغاله بالهموم الكثيرة أصلا للحياة اليومية، يهون أمام ضعف ردود فعل الجهات الرسمية المسئولة، وافتقادها إلى إستراتيجية وطنية للتنسيق فيما بينها ومواجهة كارثة التغيرات المناخية، إلى الدرجة التى وصفت معها إحدى الدراسات الجهود المصرية فى هذه الصدد بأنها «تتجسد أكثر فى شكل تقارير ومستندات أكثر من كونها برامج فعلية». وفى محاولة للفت نظر المواطن العادى وصانع القرار إلى التحديات المختلفة التى تفرضها التغيرات المناخية فى مختلف المجالات وكيفية الاستعداد لها، عقد «منتدى شركاء التنمية» الذى يهتم ببحث ودراسة مختلف القضايا والتحديات التى تواجه الواقع المصرى، والذى يشغل الدكتور مصطفى كامل السيد، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، منصب مديره التنفيذى، عقد مؤتمرا قبل نحو شهر بعنوان «التغييرات المناخية وآثارها»، نعرض هنا، بالتزامن مع قمة كوبنهاجن، لأهم النتائج التى توصل إليها والحلول التى اقترحها. واليوم حين يجتمع العالم فى كوبنهاجن فى محاولة لإنقاذ الأرض من التهديدات التى تمثلها التغيرات المناخية، ستكون أحوال مصر البيئية، والمخاطر المتوقعة عليها من الاحتباس الحرارى على طاولة البحث.