انطلاق فعاليات النسخة الثالثة من منتدى مرصد الأزهر «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لسنوات النقل بالدقهلية    "التقويم الذاتي للبرامج التعليمية".. دورة تدريبية بجامعة بنها    سها جندي: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    تكريم طلاب جامعة الإسماعيلية الفائزين بجوائز المهرجان الرياضي (صور)    وزير التعليم العالي يبحث مع وفد جامعة الشارقة آليات التعاون المشترك    سعر الذهب اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 في مصر: بكام ي أصفر؟    8 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    تبدأ من 3 مساءً. مواعيد قطع الكهرباء الجديدة    8 مايو 2024.. تباين مؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    شركة سيارات كهربائية أمريكية تعلن إفلاسها    محافظ كفر الشيخ: إتاحة خدمة التصالح في مخالفات البناء عبر «أبلكيشن» على المحمول (تفاصيل)    من أموال السلطة الفلسطينية.. سموتريتش يتهم نتنياهو بعرقلة مبادرة لخفض تكاليف المعيشة    إسرائيل تعيد فتح معبر كرم أبو سالم لدخول المساعدات إلى غزة    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 477 ألفًا و430 جنديًا منذ بدء العملية العسكرية    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    واشنطن تلوح بعقوبات ضد الجنائية الدولية حال قررت اعتقال مسؤولين إسرائيليين    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    شوبير يوجه الشكر لوزير الشباب والرياضة لهذا السبب| تفاصيل    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تعرف على قيمة المكافآة الخاصة للاعبي الزمالك من أجل التتويج بكأس الكونفدرالية (خاص)    حالة الطقس اليوم الأربعاء 8-5-2024 في محافظة قنا    السجن 15 عاما لمتهم بالتحرش بطالب وتهديده في الإسكندرية    مصرع صبي صعقا بالكهرباء في الشرقية    بعد إخلاء سبيله.. مجدي شطة تتصدر التريند    حادث تصادم في بلقاس يصيب 5 أشخاص    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    بعد تصدر فيديو ياسمين عبد العزيز «التريند».. هل يرد العوضي ؟    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    في ذكراه.. اعتزال أحمد مظهر بسبب سعاد حسني وشارك بحرب فلسطين 48    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الصدر خلال 3 أشهر    هيئة الدواء تقدم 12 نصيحة لمرضى الربو    ضبط 20 قطعة سلاح بحوزة ميكانيكي في قنا    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء.. عز ب 42 ألف جنيه    وكيل «أوقاف الإسكندرية» يشدد على الأئمة بعدم الدعوة لجمع التبرعات تحت أي مسمى    توصيل المياه ل100 أسرة من الأولى بالرعاية في قرى ومراكز الشرقية مجانا    «القاهرة الإخبارية»: إطلاق نار من زوارق الاحتلال الإسرائيلي باتجاه رفح الفلسطينية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب بالجملة من الفوز على الاتحاد السكندري    برج العذراء اليوم الأربعاء.. ماذا يخبئ شهر مايو لملك الأبراج الترابية 2024؟    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    متى عيد الاضحى 2024 العد التنازلي.. وحكم الوقوف على جبل عرفة    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    هل أدوية العلاج النفسي آمنة وفعالة؟.. الأمانة العامة للصحة النفسية تُجيب    انطلاق القافلة الطبية المجانية بمنطقة وادي ماجد بمرسى مطروح.. لمدة يومين    يطالبون بصفقة رهائن|متظاهرون إسرائيليون يغلقون أهم الطرق في تل أبيب قبل وصول بيرنز    يوم مفتوح بثقافة حاجر العديسات بالأقصر    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    المتحدث الرسمي للزمالك: مفأجات كارثية في ملف بوطيب.. ونستعد بقوة لنهضة بركان    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ضاعت؟!

كلها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟ كلمات صاغها الشاعر إيليا أبوماضى عن أيام حياته. لكن أطرحها هنا عن فلسطين وكيف ضاعت. ضاعت لأننا أنكرنا الواقع ورفضنا مواجهته ولعلنا نتدارك ذلك بعد فوات الأوان وقبل مزيد من الخسارة. بدأ التفوق الإسرائيلى قبل قيام الدولة بوقت طويل بالاهتمام بالعلم وإنشاء المؤسسات العلمية مثل إنشاء معهد التخنيون العلمى عام 1912 وجامعة القدس العبرية عام 1925.
ومن جانب آخر أسست القوى العاملة اتحاد العمال الهستدروت عام 1920 وحركة الكيبوتز عام 1909 وبنك ليومى عام 1902 وحزب ماباى عام 1930 وأسست عددا من الصحف مثل هاآرتس عام 1919 ويديعوت أحرونوت عام 1939 وجيروزاليم بوست التى تصدر بالإنجليزية والفرنسية عام 1932.
عندما أعلنت بريطانيا نهاية الانتداب عام 1948 كان المكون اليهودى من شعب فلسطين معبأ تعبئة حديثة سياسيا واقتصاديا وعلميا وعماليا وإعلاميا فى حين بقى أغلبية الشعب العربى مشرذما، غير متماسك، ضعيفا، غير قادر على حماية نفسه من غلواء الأقلية اليهودية.
ثم كانت الحرب وتدخلت سبع دول عربية بجيوشها النظامية ضد ما أسميناه لسنوات طويلة العصابات الصهيونية وظللنا نرجع الهزيمة إلى الخيانة والأسلحة الفاسدة والقيادة البريطانية التى جعلت القوات العراقية تردد الكلمة التى شهرناها «ماكو أوامر» دون أن نواجه الحقيقة المرة بأن الدول السبع لم تقدر على حشد أكثر من خمسين ألف مقاتل فى حين أن إسرائيل حشدت مائة وعشرين ألف مقاتل معظمهم من يهود أوروبا الذين اكتسبوا خبرة قتالية فى الحرب العالمية الثانية ومنهم الفيلق اليهودى بالجيش البريطانى الذى تمركز فى فلسطين وسرحته بريطانيا عشية رفع الانتداب ليكون نواة للجيش الإسرائيلى.
***
اعتمدت إسرائيل حتى قبل نشأتها كدولة على دعم الدول الكبرى، بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ونفس الشيء بالنسبة للدول العربية التى اعتمدت على دعم الدول الكبرى، الخليج على الولايات المتحدة ومصر الناصرية على الاتحاد السوفيتى والأردن على بريطانيا مع فارق أن علاقة الدول العربية مع الدول الكبرى هى علاقة منح حسب تفضيل المانح، أما إسرائيل فقد استطاعت أن تخلق جماعات مصالح وضغط ولوبيهات تفرض شروطها على المانح. وكان لأسرة روتشيلد اليهودية دور كبير فى أوروبا ونجحت الوكالة اليهودية فى استقطاب لويد جورج، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الأولى الذى كان محامى الوكالة قبل الحرب، ورسمت فى عهده خارطة العالم العربى حسب اتفاقية سايكس بيكو وصدر وعد بلفور، وفى الولايات المتحدة تأسست لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الأمريكية AIPAC التى تمثل أقوى لوبى ضاغط من أجل مصلحة إسرائيل وبذلك تمكنت إسرائيل من ضمان سياسة أمريكية تكفل التفوق النوعى للسلاح الإسرائيلى فى حين ترضى البلاد العربية بما تجود به الدول الكبرى. وعندما حاولت الدول العربية تكوين لوبى ضاغط لصالحها أوكلت الأمر إلى شركات دعاية وعلاقات عامة دون أن تدرك أن هناك فرقا بين الترويج للمياه الغازية والترويج لمصالح الدول. رغم أن المجتمع الإسرائيلى تكون من عناصر أتت من أركان العالم الأربعة من الدول العربية وروسيا وشرق أوروبا وغربها والأمريكتين وآسيا، كانوا يتحدثون لغات مختلفة ومن نظم سياسية متعارضة إلا أنها نجحت فى خلق مجتمع قوى متماسك متجانس. أما العرب فانقسموا بين مسلمين ومسيحيين، وانقسم المسلمون إلى شيعة وسنة، وانقسم السنة إلى سلفيين وصوفية وأكراد وأمازيغ، وتحاربت مصر مع السعودية بالوكالة فى اليمن، وقامت الحرب بين المغرب والجزائر، وحارب العراق إيران ثم غزا الكويت. فاستنفد العرب قوتهم فى الحروب فيما بينهم بينما بنت إسرائيل قوتها وعظمتها.
***
ولعل من أفدح الأخطاء أن القضية الفلسطينية صارت أداة للمزايدة بين العرب بحيث أن النظم باتت تستمد شرعيتها من قدر دعمها للقضية، فأطلق يد الفلسطينيين للتحرك دون ضابط أو رادع. وفى أوج أزمة العرب فى عام 1970 أرادوا فرض وصايتهم على الأردن فحدثت المواجهة الكارثية مع الجيش الأردنى فى أيلول الأسود وتكرر السيناريو فى لبنان فأدى إلى حرب أهلية أحرقت البلاد وأدت إلى اجتياح إسرائيلى تركها ممزقة بعد مرور خمسة وأربعين سنة. وانتقلوا إلى مصر فبنوا الأنفاق التى تسلل منها الإرهاب، وأهدر العرب فرصة التفاوض على السلام من موقع قوة وهم جبهة واحدة عندما انصرفوا عن مصر حينما بادرت بالسلام غير واعين بأن الحشد للسلم لا يقل أهمية عن الحشد للحرب.
***
لقد كان قرار الجامعة العربية عام 1974 باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى فى تقديرى، وقد يختلف معى البعض وأقدر وأحترم رأيهم، خطأ كبيرا لأنه أخرج القضية من الإطار القومى العربى إلى الإطار الوطنى الفلسطينى، فأصبحت قضية فلسطينية بعد أن كانت قضية عربية. كتب الجنرال ديجول فى مذكراته أنه كان محبطا فى منفاه فى بريطانيا لاضطراره للرضوخ لإملاءات الحلفاء فى قرارات الحرب الخاصة بفرنسا إلا أن الأيام أثبتت حكمة موقف الحلفاء الذين رفضوا الانصياع لتوجهات حليف أصغر، لكن هذا هو ما حدث مع فلسطين منذ أن طالب العرب بإعادة الضفة والقطاع إلى الفلسطينيين لا إلى الأردن ومصر؛ بحيث تعود الأرض العربية إلى العرب، لكننا طالبنا من إسرائيل أن تفعل ما لم نفعله نحن العرب وتلا ذلك مدريد أوسلو التى خلقت وهم السلطة منزوعة السلاح بلا حول ولا قوة والانقسام بين غزة والضفة وفتح وحماس ثم كانت سلسلة الاغتيالات التى وضعت حاجز الدم الذى نفر الناس من القضية والتى طالت يوسف السباعى وناجى العلى وعصام السرطاوى ووصفى التل والبعثة الأوليمبية الإسرائيلية فى ميونخ واحتجاز وزراء البترول لمنظمة الأوبك فى فيينا التى قادها الإرهابى كارلوس عام 1975 وعمليات خطف الطائرات المتعددة، بينما ركزنا نحن العرب على القوة الناعمة وهى لاشك عنصر هام، إلا أن إسرائيل ركزت على القوة الخشنة وبينما نحن نغنى أخى جاوز الظالمون المدى وجسر العودة استكملت إسرائيل مشروعها النووى فأصبحت من أكثر الدول تقدما فى إنتاج السلاح بواسطة شركات مثل الصناعات الجوية والفضائية الإسرائيلية Israeli Aerospace industries التى ضمنت لها التفوق فى مجال الجو، وأنتجت الصاروخ حيتز «السهم» المضاد للصواريخ وتفوقت فى مجال الإلكترونيات والاتصالات والحاسوب عصب السلاح، وأطلقت مجموعة من الأقمار الصناعية التى تكشف ما يجرى فى كل أراضى الشرق الأوسط وأرسلت مركبة فضائية إلى القمر صنعت بالكامل فى إسرائيل، كلها مع الصواريخ التى حملتها، صنعتها إسرائيل، وأخيرا وليس آخرا سلاح الردع النووى ووسائل إيصالها فى حين أجهضنا نحن العرب المشاريع التى كانت تحقق لنا القدرة مثل برنامج الصواريخ المصرى والهيئة العربية للتصنيع وغيرها.
***
لقد نجحت إسرائيل فى توفير حياة كريمة للمكون اليهودى من الشعب، زادت من تلاحمه وإيمانه بقضيته أما الشعوب العربية فقد تشققت بسبب فظائع ارتكبت ضد قطاعات كبيرة من مكوناته: الأكراد الذين قصفوا بالغازات السامة والمجازر التى ارتكبت فى سوريا والشيعة فى جنوب العراق والأفارقة فى جنوب السودان وكل معارض مهما كانت ملته أو هويته. ومنع التراكم السياسى والاجتماعى من الاكتمال وتجريفه مع كل تحول فى النظام.
هكذا ضاعت فلسطين وضاعت الجولان وهكذا انفض العرب عن القضية وهرولوا نحو إسرائيل.
أنا ما زلت أؤمن بعدالة القضية الفلسطينية ونبلها وبأن إسرائيل تمثل خطرا سرطانيا ينتشر فى الجسم العربى ولكنى على قناعة بأنه من أجل السيطرة على هذا الخطر وتلافى مزيد من الخسائر والانتكاسات علينا أن ننظر- كعرب- إلى التجربة ومواجهة أخطائنا حتى نعالجها وعلينا أن ندرك أن هناك علما اسمه إدارة الصراع Conflict management وأن العرب ضد كل قواعد هذا العلم وأنه يمكن تدريس تناولنا لقضية فلسطين تحت عنوان كيف تخسر صراعا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.