انطلقت الجلسة الثانية لمؤتمر "مستقبل الإعلام فى العالم"، بعنوان "الظواهر الإعلامية الجديدة فى عصر العولمة والتكنولوجيا". وأدار الجلسة الصحفي المصري ومنتج المحتوى الرقمي بقناة سكاي نيوز عربية فى أبو ظبى أبانوب عماد، وتضمنت الجلسة نقاشا بين كل من هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وجمال هلال، المترجم والدبلوماسى والمستشار السابق للبيت الأبيض، وحنان البدرى، الكاتبة والصحفية وخبيرة الشئون الدولية وخاصة فى الشأن الأمريكى، وهشام الناظر مدير شركة جوجل بمصر، وداليا الشيخ، دكتورة الاتصال السياسي بجامعة بورنموث بالمملكة المتحدة، وطارق العبادى، مدير مختبرات مايكروسوفت للابتكار بأوروبا والشرق الأوسط، والمحرر الهندى راجيش مينون الذى يعمل لدى تايمز أوف انديا. وافتتح عماد الجلسة بالإشارة إلى ظهور كثير من الأشكال الصحفية على السطح مؤخراً وحظيت بانتشار واسع على صفحات القنوات والصحف من خلال إنتاج التقارير باستخدام الموبايل أو ما يعرف بصحافة "الموجو" البودكاست، القصص الصحفية المدعومة بالبيانات، وألقى كذلك الضوء على العديد من التحديات التى تواجه الإعلام الرقمى مثل تحدى مواجهة الأخبار الكاذبة أو fake news، والتحديات التي تواجه صانع المحتوى نتيجة لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى صناعة المحتوى وتقديم الأخبار. وفى إطار الحديث عن الأخبار الكاذبة، أشار جمال هلال الدبلوماسى وكبير مستشاري البيت الأبيض سابقا فى كلمته إلى أننا نعيش الآن فى عصر ثورة رقمية عصرية غير مرتبطة بمجتمع معين، فيمكن لمدون واحد لديه عدد كبير من المتابعين أن ينشر معلومة تحقق انتشار واسع فى وقت قصير، حيث أعطت التكنولوجيا للفرد القدرة الوصول على المعلومة ونشرها لعدد غير محدود، وأصبح لدى المتلقى مصادر متعددة للمعلومات ويستطيع أن يحكم بنفسه عن مدى صحة المعلومة، وفى نفس السياق، أضاف هلال أنه لا يوجد حل سحرى للثورة الرقمية، مشيرا إلى أهمية التأقلم مع آثار الثورة الرقمية، مؤكدا وجود مزايا للثورة الرقمية بالأخص للإعلام التقليدي الذي ترك المنافسة على نشر الخبر العاجل إلى المنصات الرقمية لتقوم بذلك، وتحول دوره إلى تحري دقة المعلومات المنشورة على منصات التواصل الرقمى. ثم تحدثت الكاتبة والصحفية وخبيرة الشئون الدولية حنان البدرى حول مزايا وعيوب الإعلام الورقي والإعلام الرقمي، وكيفية تطوير أدوات المحتوى الأكثر تأثيرا، أما عن الأخبار الكاذبة فسلطت الضوء على قواعد "صنع الحقيقة" وجمع المعلومات والقدرة على الفرز في عصر الإعلام الرقمي وصحافة الموبايل ومعضلة التعامل مع المحتوي المضلل- المزيف- الانتقائي - ومحتوى الإثارة. ومن جانبها، تحدثت هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة فى كلمتها، عن التغييرات التى أثرت فى المفاهيم والظواهر الإعلامية، حيث تغير المحتوى الإعلامى فى الشكل وطريقة التوزيع فأصبح من يقدم الرسالة الإعلامية فى الوقت الحالى مختلف. بمعنى أن مقدمى المحتوى لم يصبحوا كيان منظم بل أصبحوا مجموعة من النشطاء والمدونين. مع تغير المفاهيم فى مجال الإعلام نتيجة للتكنولوجيا والتحول الرقمى، أصبح المستخدم هو قائد الاتصال من حيث القراءة والتوزيع مع اختلاف أنماط استهلاك المستخدمين. وقالت إن صحافة المحمول ازدادت فى السنوات الأخيرة بشكل كبير وملحوظ وفرضت واقعا جديدا وليس فقط على المشهد الإعلامى بل على المؤسسات التعليمية والأكاديمية. وبناءً على ذلك، تم تغيير أقسام كليات الإعلام وأصبحت تتضمن المقررات التى تؤهل الشباب والباحثين لمواكبة التحول الرقمى مثل صحافة البيانات والوسائط المتعددة. وتابعت مصطفى أن الصحافة التقليدية تواجه تحدى انخفاض معدل الإعلانات لظهور العديد من الوسائل الرقمية التى لديها تنوع هائل فى المعلومات وبتكلفة أقل من الإعلام التقليدى التى لا تتحمل تكلفتها إلا الشركات الكبرى. وأكدت أهمية مواكبة التطور والتغيير الذى نتج عن الظواهر الإعلامية التى خلقتها تكنولوجيا الاتصال وتطورها من خلال دمج الظواهر الإعلامية الحديثة فى دراسة الإعلام للطلبة والباحثين. واستكملت: "القضية ليست قضية تنافسية على قدر ما هى قضية تكاملية لتوفير احتياجات الجمهور المتنوعة وأننا ما زلنا بحاجة إلى الإعلام التقليدى مع الإعلام الرقمى ولكن مع تطوير المحتوى والتركيز على قضية مهمة وهى المصداقية. ويجب أن يتم التركيز على دمج المهارات اللازمة لتطوير الإعلام للطلبة والباحثين وفى إطار أخلاقى يتضمن ضوابط وأخلاقيات". ثم تحدثت الدكتورة داليا الشيخ، أستاذة الاتصال السياسي بجامعة بورنموث بالمملكة المتحدة، خلال مداخلتها عن تجربة المملكة المتحدة فيما يخص صناعة الإعلام بالأخص بعد انتشار جائحة الكورونا، وأشارت إلى ضرورة محو الأمية العاطفية للصحفيين، وكيفية جذب جيل Z والنظر فى استخدامه المنصات الرقمية. وأكدت وجود تغيير فى سلوكيات الجمهور وعلى وجود تدريبات للصحفيين البريطانيين لمواكبة هذا التغيير واستخدام الذكاء الاصطناعى في غرف الأخبار، أما عن موضوع الأخبار الكاذبة فى وسائل التواصل الاجتماعي، فأوضحت تجارب بريطانيا على محو الأمية الإعلامية فى المدارس والجامعات للتعريف بمصادر المعلومات الصحيحة. وأشارت إلى أن المؤسسة الإعلامية يجب أن تعكس جميع الخلفيات العرقية والدينية والمجتمعية سواء من خلال العاملين فى المؤسسة أو الضيوف، وينعكس ذلك على طبيعية المعلنيين فى تلك المؤسسات الإعلامية. وبالحديث عن الصحافة والتحول الرقمي، ذكر المحرر بطبعة تايمز اوف انديا، "راجيش مينون" أن العالم يشهد تحول تاريخي في إنتاج المحتوى والأخبار، حيث الإنترنت ومنصات التواصل الإجتماعى أصبحت من أهم مصادر القوة للإعلام ومصدر الأخبار للمواطن. ومع ذلك، أصبح الإنترنت مصدر للعديد من العناصر الغير أخلاقية والأخبار المغلوطة والتي أصبحت في حد ذاتها صناعة بعينها. كما بسبب المواقع الإلكترونية التى تشكل العديد من الأيديولوجيات المنحازة، تم إفساد الصحافة ولم تعد تفرض الإحترام الذي اعتادت أن تفرضه من قبل. وأشار راجيش من جانبه إلى ضرورة كتابة الأخبار بناءً على الحقائق والتحليل والمصداقية، وتفادي الأخطاء. وفى إطار الحديث عن التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى وتأثيره على صناعة الإعلام، تحدث طارق العبادى، مدير مختبرات مايكروسوفت للابتكار بأوروبا والشرق الأوسط عن السبب وراء ظهور الذكاء الاصطناعي، فأوضح أن التطور فى الحصول على بيانات المستخدمين من خلال التقنيات الموجودة فى الهواتف و الساعات و خطوط التليفون والسيارات. والذى تسبب فى الحصول على العديد من البيانات الغير مجدولة ساهم في توظيف الذكاء الاصطناعى لتلك البيانات كما لو كانت الآلة يمكنها فهم والتصرف فى بيانات الأشخاص كمساعد صناعى دخل فى الصناعات المختلفة وأصبح يعطى قيمة مادية أو قيمة معلوماتية للبيانات. وأشار العبادى إلى وجود التحديات الخاصة بالذكاء الاصطناعى من خرق للخصوصية وضرورة استحداث قوانين حماية المعلومات، العدل فى استخدام الذكاء الاصطناعى وعدم التحيز فى استخدامة فى قضايا العنصرية، والالتزام بقوانين الذكاء الاصطناعى. وأكد هشام الناظر، مدير شركة جوجل بمصر، ضرورة نشر الحقائق ومكافحة التضليل والمعلومات المغلوطة عن طريق نشر المعلومات الموثوقة ومعلومات عالية الجودة لجميع الأشخاص. وذكر أن "مستقبل الإعلام سيكون رقمي، لذلك نأمل الاستمرار فى تكريس جهودنا للصحافة وتحقيق استفادة لأكبر عدد ممكن من صانعي الأخبار والناشرين والصحفيين المصريين مع ضرورة استدامة جودة الصحافة لمواكبة التطور الرقمى".