منذ بداية ظهور الدعم السلعى، فيما يعرف ببطاقات التموين، تربى طه البطل، فى محل ورثه عن جده لأمه، مختص فى بيع السلع المدعمة.. فى محل صغير يمتلكه جده فى أحد أحياء الجيزة، تخصص فى بيع السلع التموينية المدعومة منذ عام 45 حينما بدأت مصر تعرف كلمة البطاقة التموينية، شب طه البطل، 36 عاما، معتادا على رؤية طوابير المواطنين فى بداية كل شهر للحصول على السلع المدعومة المختلفة. وبالإضافة إلى عمله فى مهنة المحاماة فى فترة الصباح، وحتى الساعة الثانية ظهرا، اختار طه الذى درس فى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، أن يعمل فى محل جده منذ عام 96 شأنه فى ذلك شأن العشرات من الجيل الثالث لبائعى التموين لأن قانون التموين لا يسمح لصاحب الرخصة أن يؤجر محله للغير. ويقول البطل إن مهنة بائع التموين فى الوقت الحالى غير مربحة، على عكس ما كانت فى فترة الستينيات، عندما كانت الحكومة تدعم كل السلع الضرورية، ومنها الفول، والعدس، والزيت، والمكرونة، والجاز، والمسلى، والرابسو، والقماش الكستور، والذى كان يمنح لصاحب البطاقة التموينية، مرتين فى العام، مع بداية فصل الصيف، وبداية الشتاء. «ربح صاحب محل بيع السلع التموينية، فى الماضى كان أكثر عشرات المرات من الوقت الحالى، السلع على البطاقة كانت أكثر، والكميات، التى كانت تمنح لكل فرد كانت أكثر» تبعا لكلام طه. العائد الذى يحصل عليه بائع السلع التموينية، يتمثل فى الفارق بين الأسعار التى يحصل بها على تلك السلع من الشركة المصرية لتجارة الجملة، وهى الشركة المسئولة عن توزيع السلع التموينية والأسعار التى تباع بها السلع، كما تحددها الدولة. ويقول طه إن محله الصغير يقدم كل شهر احتياجات حملة 2000 بطاقة. البطاقة التموينية التى تقدم الدعم السلعى للمواطنين، تسمح للفرد بالحصول على نصف كيلو زيت، يصل سعره إلى خمسين قرشا، وكيلو سكر يباع بستين قرشا، لكن الدعم السلعى لا يتوقف عند هذا الحد، لكل صاحب بطاقة تموينية أن يأخذ عن كل فرد مقيد فى البطاقة، نصف كيلو زيت إضافية، ب4.25 للكيلو، وكيلو سكر بسعر 1.75 قرش للكيلو، وكيلو أرز ب1.5 جنيه، وبحد أقصى 4 كيلو زيت، و8 كيلو أرز، و4 كيلو سكر إضافية. يقول طه البطل أنه يحصل على 4 قروش مكسب، من كل كيلو سكر أساسى يبيعه إلى أصحاب البطاقات التموينية، بينما يحصل من بيع كيلو السكر الإضافى على 12 قرشا، بينما يزداد المكسب فى بيع كيلو الزيت، ليصل إلى 8 قروش، تزداد إلى 12 قرشا فى الزيت الإضافى. ويستطيع طه أن يسدد قيمة السلع التى يحصل عليها على أقساط بحيث يدفع التاجر إلى الشركة ثمن ما يحصل عليه من سلع فقط، وغير مطالب بأن يسدد كامل سعر حصته من السلع التموينية بالكامل دفعة واحدة. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن هناك 63 مليون مواطن مصرى، يستفيدون من الدعم السلعى سنويا، ومقيدين على البطاقات التموينية، والتى يبلغ عددها 12 مليون بطاقة. يقول بائع الدعم، إن التجارة فى السلع التموينية فى الوقت الحالى أصعب من تجارة المخدرات، لأنها سلع تدعمها الدولة من ميزانيتها، ولا تتهاون فى حق المخطىء أو سارق الدعم. «بائع التموين الذى يثبت انه تربح من جراء بيع سلع مدعومة تصل قيمتها إلى 4000 جنيه، يتعرض إلى غلق محله لمدة شهر، وفى حالة التكرار يتم سحب رخصته، وتوزع حصته على أقرب محل فى المنطقة التى يوجد فيها، أو على أقرب جمعية من محله». أما إذا قلت قيمة السلع المباعه حتى بجنيه واحد عن 4000 جنيه فتقتصر العقوبة على الغرامة. وحسب بيانات وزارة التنمية الاقتصادية فإن الدعم السلعى يكلف الدولة، فى ميزانية العام الماضى 2008/2009، نحو 23 مليار جنيه. «محال بيع السلع المدعمة تقريبا يشغلها الآن أبناء الجيل الثالث، الذين ورثوا عن أبائهم، وأجدادهم هذه المهنة، ولا يوجد دخلاء على هذه المهنة التى أوقفت الحكومة تراخيصها منذ عامين لذا فإن الجهات الرقابية الآن تتشدد فى الرقابة على بائعى السلع التموينية « تبعا لبائع التموين. وقد بدأ نظام السلع التموينية فى عام 45، فى عهد حكومة نوبار باشا، وكان الغلاء الذى بدأت تشهده أسعار جميع السلع الأساسية فى مصر، فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، السبب الذى دفع الحكومة فى أن تفكر فى إعطاء المواطنين سلع مدعمة. وللحصول على هذه الرخصة،قبل أن يتم وقف منح رخص جديدة قبل عامين، يقول صاحب محل السلع التموينية أنه كان يشترط على المتقدم أن يكون لديه بطاقة سجل تجارى، وأن يكون للمحل الذى ينوى أن يبيع فيه السلع المدعمة رخصة سارية لمدة عام، وأن يستطيع المتقدم أن يجمع 100 صاحب بطاقة على الأقل سيستفيدون من محله، فى حالة الموافقة عليه من الجهات الرقابية. مديرية التموين التى يتبعها المحل تشن حملات تفتيش مفاجئة عليه، ويقول البطل إن مديرية التموين تشترط على كل صاحب محل أن يعلق قائمة بأسعار السلع التموينية، فى مكان ظاهر من المحل، وفى حالة مخالفة هذا الأمر يتعرض صاحب المحل إلى غرامة. وتراقب وزارة التضامن بائع التموين من خلال دفتر يقوم فيه بتقييد الكميات التى حصل عليها كل صاحب بطاقة، وتشترط الوزارة أن يكون هناك توقيع من صاحب البطاقة، «وإلا تعرض صاحب المحل إلى غرامة» تبعا لطه. العقوبات التى قد يتعرض لها صاحب محل التموين، تختلف حسب نوع المخالفة، وحسب حجم السلع التى قد يثبت أنه قام بتهريبها أو بيعها فى الأسواق بأسعارها الحقيقية بعيدا عن أسعار الدعم. بينما تنحصر التكاليف الرسمية التى يتحملها المحل فى رواتب البائعين، يشير طه إلى أن هناك بندا آخر يبتلع جزءا كبيرا من داخل المحل. اضطر أحيانا إلى دفع رواتب شهرية لمفتشين التموين لا ضمن عدم التعرض لمضايقاتهم أو حتى لا يتعرض لشكاوى كيدية من أحد منهم.