بعد نحو أسبوعين، يتوجه الناخبون الأمريكيون لمراكز الاقتراع بالولاياتالمتحدةالأمريكية، لتحديد من سيقود بلادهم لأربع سنوات مقبلة، وذلك في ظل خيارين إما تمديد لدونالد ترامب أو منح فرصة للديموقراطي جو بايدن. وعلى مدى ما يقرب من عامين، حاول المرشحان جذب ناخبيهم بطرق شتى من خلال إقناعهم بالقدرة على تحقيق طموحاتهم ووضع حد لمشكلاتهم. وتناول الشأن الداخلي والمشكلات التي تخص الأمريكين وحدهم، غالبية تركيز المرشحين، خاصة في الأشهر الأخيرة عندما هاجم وباء كورونا الولاياتالمتحدة، وألقى بظلاله المروعة على المستوى الصحي والاقتصادي للبلاد بل على صحة الرئيس نفسه. على جانب آخر، يراقب العالم تلك الانتخابات لما تشكله من أهمية خاصة، ويمكن القول إن نتيجة 3 نوفمبر ستكون الأكثر أهمية في التاريخ الحديث، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية. ومن المعروف، أن جميع الانتخابات الأمريكية لها هذا التأثير العالمي، ولكن هذه المرة هناك قضيتان لهما أهمية وجودية بالنسبة لكوكب الأرض - أزمة المناخ وانتشار الأسلحة النووية - حيث لا يمكن أن يكون المرشحان الرئاسيان بعيدان عنهما. وقدمت ريبيكا ليسنر، كتاب "عالم مفتوح"، وهو كتاب جديد عن النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين، عرضت من خلاله وجهة نظر المرشحين لرئاسة الولاياتالمتحدة عن تلك القضايا. بداية، لم تقل حملة ترامب سوى القليل جدًا عن نواياها، وأنتجت ما يجب أن يكون أقصر بيان في سجلات السياسة الأمريكية، وظهرت في وقت متأخر من الحملة وبها 54 نقطة، خمس منها عن السياسة الخارجية والباقي مقسمة إلى حفنة من الشعارات مثل: "القضاء على الإرهابيين". ولم تظهر كلمة "المناخ"، ولكن هناك نقطتان حول الشراكة مع البلدان الأخرى "لتنظيف" المحيطات، والتعهد ب "الاستمرار في قيادة العالم في الحصول على أنظف مياه شرب وهواء أنظف". (تتجاهل العبارة سلسلة من الفضائح الأمريكية حول رداءة نوعية المياه - وحقيقة أن ملايين الأمريكيين لم يعد بإمكانهم تحمل فواتير المياه الخاصة بهم، على حد وصف الكاتبة). وتتابع، بأنه لا تزال الولاياتالمتحدة ثاني أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، ويبلغ متوسط البصمة الكربونية لأمريكا ضعفي ما لدى المواطن الأوروبي أو الصيني. على الجانب الآخر، تعهد جو بايدن بأن الولاياتالمتحدة ستعود للانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ في اليوم الأول من رئاسته، وشن حملة دبلوماسية لتحقيق أهداف عالمية طموحة. وقد تعهد بجعل أزمة المناخ أولوية للأمن القومي ووضع خطة لإنفاق تريليوني دولار على البنية التحتية للطاقة النظيفة والاستثمارات المناخية الأخرى. وفيما يتعلق بالخطر الوجودي الثاني، هو "انتشار الأسلحة النووية"، أصبح المشهد أكثر قتامة على مدى السنوات الأربع الماضية.؛ والدليل على ذلك إطلاق صاروخ باليستي جديد عابر للقارات في بيونغ يانغ في نهاية الأسبوع الماضي، ما يؤكد أن كوريا الشمالية استمرت في بناء ترسانتها النووية على الرغم من دبلوماسية ترامب الفاشلة وجها لوجه مع كيم يونج أون. كذلك زادت إيران مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب منذ أن سحب ترامب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015، وألمحت طهران إلى أنها ستستمر في تجاهل قيود خطة العمل الشاملة المشتركة على أنشطتها طالما أن الولاياتالمتحدة مستمرةً في فرض عقوبات "أقصى ضغط". وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، يقول بايدن إنه سيبدأ حملة دولية مع الصين وغيرها لمحاولة تقييد بيونغ يانغ، لكن مثل هذه الحملات لم تثبت نجاحها من قبل. لا يمتلك أي من المرشحين استراتيجية مقنعة لجعل كيم ينزع سلاحه؛ لكن هناك اختلاف حاد بشأن إيران. قال بايدن إن إحدى أولى مبادراته في السياسة الخارجية ستكون العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة إذا وافقت طهران على الالتزام بحدودها مرة أخرى. وتختتم ليسنر، أن المرجح أيضًا أن تثبت انتخابات نوفمبر أنها لحظة حاسمة في تحديد كيفية اختيار الولاياتالمتحدة وحلفائها وشركائها في السنوات القادمة. لقد أشعل ترامب نيران المعاهدات المتعددة الأطراف والالتزامات الدولية سعيا وراء العزلة الرائعة لأمريكا أولا، بينما يعد بايدن بدولة أكثر شراكة وانفتاحا على العالم كله.