بعد إعلان اعتزامه عدم الترشح للانتخابات المقبلة، قالت مصادر فى السلطة الفلسطينية إن الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) يفكر فى تفكيك السلطة الفلسطينية، وإعلان فشل عملية السلام مع إسرائيل، احتجاجا على إخفاق الولاياتالمتحدة فى إقناع الحكومة الإسرائيلية بتجميد تام للاستيطان. وبينما قال فهمى الزعارير المتحدث باسم حركة فتح وعضو لجنتها الثورية ل«الشروق» إن «كل الخيارات مطروحة»، اعتبر فوزى برهوم المتحدث باسم حركة حماس فى تصريح ل«الشروق» أيضا أن «الرئيس عباس يتمادى فى مناورته»، متمنيا أن يحل السلطة بالفعل. وأضافت المصادر الفلسطينية فى تصريحات لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية نشرت أمس أن الرئيس عباس (74 عاما) لن يتخذ أى قرار قبل أن يرى هل ستمارس إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما والأطراف الأخرى ضغوطا كافية على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لتجميد الاستيطان فى الضفة الغربيةالمحتلة، بما فيها مدينة القدسالشرقية، تمهيدا لاستئناف عملية السلام المتوقفة منذ العدوان الإسرائيلى على غزة ما بين السابع والعشرين من ديسمبر والثامن عشر من يناير الماضيين. وبينت المصادر أن أبومازن «مستاء خصوصا من (وزيرة الخارجية الأمريكية) هيلارى كلينتون لشعوره بأنها الشخص الذى أقنع الرئيس أوباما بتليين موقفه فى قضية المستوطنات»، فبعد أن كان متمسكا بوقف تام للاستيطان، دعت كلينتون خلال جولتها فى المنطقة الأسبوع الماضى إلى استئناف محادثات السلام قبل وقف الاستيطان، وهو ما يرفضه الرئيس الفلسطينى. ما نقلته «جيروزاليم بوست» أقره المتحدث باسم فتح بقوله إنه: «فى ظل استمرار الوضع القائم من جمود عملية السلام، وتواصل الاستيطان، واستشراء التهويد، فإننا نتجه والمنطقة إلى المجهول، ومن ثم فإن كل الخيارات، ومن بينها حل السلطة، مطروحة على الطاولة». وبين الزعارير ل«الشروق» أن «ثمة مناقشات حول خيارات المرحلة المقبلة، وإذا وجدنا أن إيجابيات حل السلطة أكثر من سلبياتها فسنحلها». واعتبر أن «حل السلطة لا يعنى وضع الأراضى الفلسطينية المحتلة تحت الوصاية الدولية، فهناك مؤسسات قائمة، ومنها منظمة التحرير». أما المتحدث باسم حركة حماس، المسيطرة على غزة منذ يونيو 2007، فرأى أن «أبومازن يتمادى فى مغامرته التى بدأها الخميس الماضى بإعلان عدم اعتزامه الترشح للانتخابات المقبلة.. فهو ليس صادقا، وكل ما يريده هو التخلص من أزماتها العديدة، ومنها فضيحة سحبه لتقرير ريتشارد جولدستون من مجلس حقوق الإنسان (قبل أن يتم إقراره فى وقت لاحق)، وانسداد أفق التسوية، وفشل الرهان على إدارة أوباما، فضلا عن أزمته الداخلية وعدم دستورية وجوده على رأس السلطة». وأضاف أن أبومازن «يريد من هذه المناورة استعادة شعبيته فى الضفة، وكسب تعاطف إقليمى بعد أن أصبح رقما غير مهم، إضافة إلى الضغط على واشنطن وتل أبيب لتعزيز وجوده بمنحه ولو قدرا يسيرا من حقوقنا بعد 16 عاما من اتفاقات أوسلو». وتمنى برهوم لو كان أبومازن صادقا فى حل السلطة، معتبرا أن «هذه السلطة صنيعة الأمريكان والإسرائيليين، ولم تقدم شيئا للشعب الفلسطينى، بل إنها أوهمت العالم بأن لدينا سلطة وحكومة ومجلس تشريعى (برلمان)، وهو ما ضلل الرأى العام العالمى، وخفف ضغوطه على إسرائيل، وكبل مشروع المقاومة من خلال التنسيق الأمنى بين السلطة وإسرائيل». بموازاة ذلك، كشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أمس عن قلق متصاعد داخل حكومة نتنياهو إثر وصول تقارير إلى تل أبيب تفيد بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال فى رام الله سلام فياض توصل فى وقت سابق إلى تفاهم سرى مع الرئيس أوباما على إعلان دولة فلسطينية من جانب واحد على حدود عام 1967، وهى الفكرة التى تدعمها أيضا دول أوروبية. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو طلب من إدارة أوباما أن تستخدم الفيتو (حق النقض) فى وجه مثل هذا المقترح. وبحسب مصادر فى واشنطن فإن أوباما سيلتقى نتنياهو اليوم خلال مشاركة الأخير فى اجتماع الجاليات اليهوديّة. لكن الزعارير استبعد صحة هذا التقرير قائلا: «لا توجد لفياض صلاحية تجعله الواجهة السياسية للسلطة، فمهمته الأصيلة هى مساعدة الرئيس عباس على التنفيذ». بينما قد برهوم تفسيرا مختلفا بقوله إن «واشنطن وتل أبيب ودول إقليمية قد تتخلى عن أبومازن لتتحول مناورته إلى مغامرة تكلفه منصبه غير الدستورى، ومن هذا المنطلق يعمل فياض على تلميع نفسه». واتهم رئيس الوزراء بأنه «مثل أبومازن صنيعة الاحتلال والولاياتالمتحدة، فبضغوط أمريكية اضطر الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات لتعيين فياض وزيرا للمالية فى الحكومة التى شكلها أبومازن عام 2003»، مشددا على أن «فياض يقدم نفسه لواشنطن حاليا خليفة لأبومازن». ولإثنائه عن قراره عدم خوض الانتخابات المقبلة، تلقى الرئيس عباس رسالتى دعم من كل من مصر وإسرائيل، إذ دعاه الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز إلى التراجع عن قراره و«عدم التخلى عن عملية السلام»، فيما سلمه السفير المصرى لدى السلطة الوطنية ياسر عثمان رسالة دعم وتأييد من القيادة المصرية.