تتزايد الضغوط داخل حلف شمال الأطلسى (ناتو) لإزالة المتبقى من الترسانة النووية الأمريكية على الأراضى الأوروبية وإيجاد عقيدة قتالية جديدة للحلف أقل اعتمادا على الرادع النووى. تقود الحكومة الائتلافية الجديدة فى ألمانيا التحرك الأوروبى الحالى، حيث دعت إلى إزالة الأسلحة النووية الأمريكية من الأراضى الألمانية فى إطار إعادة التفكير فى إستراتيجية الناتو ككل. يعد وزير الخارجية الألمانى الجديد جويدو فيسترفيله القوة المحركة وراء السياسة الجديدة، حيث أثار القضية خلال محادثاته فى واشنطن مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون يوم السبت. كان فيسترفيله قد أكد للأمين العام لحلف الناتو أندريس فوج راسموسين الأسبوع الماضى أن ألمانيا سوف تتشاور مع حلفائها بشأن إزالة نحو 20 صاروخا نوويا ما زالت موجودة فى ألمانيا. ويحظى الموقف الألمانى بدعم بلجيكاوهولندا. كما دعت الحكومة النرويجية الجديدة إلى إجراء نقاش داخل الناتو بهدف إعادة صياغة العقيدة القتالية للحلف على أن يكتمل النقاش خلال النصف الأول من العام المقبل. من ناحيته قال ديس براون وزير الدفاع البريطانى الأسبق والرئيس الحالى للجنة برلمانية تبحث نزع السلاح النووى: «هذه التحركات تطرح على الرأى العام قضية ظل بحثها لسنوات طويلة مقصورا على الدوائر الدبلوماسية الضيقة. وهذا يعنى وجود نقاش ثرى بين الحلفاء حول دور الأسلحة النووية فى إستراتيجية الناتو كمجموعة من المفاهيم الإستراتيجية التى تحكم عمل قادة قوات الحلفاء». تقول العقيدة القتالية الحالية لحلف الناتو، والتى تعود إلى 1999 «القوات النووية تتمركز فى أوروبا مع الالتزام بوجود اتصال سياسى وعسكرى جوهرى بين أعضاء الحلف فى أوروبا وأمريكا الشمالية. ولذلك يحتفظ الحلف بعدد كافٍ من الأسلحة النووية فى أوروبا». ولكن الملاحظ الآن تزايد الدعوات المطالبة بتقليص دور السلاح النووى فى إستراتيجية حفظ الأمن العالمى. فقد وقع اثنان من رؤساء وزراء فرنسا السابقين، وهما آلان جوبيه وميشيل روكار بالإضافة إلى جنرال متقاعد بيان لصحيفة لوموند الفرنسية يدعو إلى «التخلص المنهجى من الأسلحة النووية» ويطالب فرنسا بضرورة الاستعداد للتفاوض بشأن نظام ردع خاص بها. ويمثل هذا البيان تحديا للرئيس الفرنسى نيكولاى ساركوزى، الذى يعارض دعوة كل من الرئيس الأمريكى باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطانى جوردون براون إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية. يذكر أن الولاياتالمتحدة تنشر حاليا وتحت مظلة حلف الناتو 200 رأسا نووية تقريبا فى تركيا وإيطاليا وبلجيكاهولنداوألمانيا. وتتزايد الشكوك حول مستقبل الترسانة النووية فى أوروبا مع استعداد الإدارة الأمريكية لإعادة النظر فى الإستراتيجية النووية الأمريكية أوائل العام المقبل. وتقول مصادر أمريكية إن الرئيس باراك أوباما يتدخل بشكل شخصى فى المشروع الذى تعده وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) للإستراتيجية النووية الجديدة لكى تعكس التعهدات، التى قطعها أوباما على نفسه خلال خطابه فى العاصمة التشيكية براغ فى أبريل الماضى عندما قال إن هدف الولاياتالمتحدة هو العودة إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية.