أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، أن مخرجات التعايش والحوار تظل مجرد حبر على ورق ما لم تتحول إلى برامج عمل حقيقية على أرض الواقع تؤثر في حياة الناس وتجعلهم أكثر تعاوناً وقبولاً لبعضهم بعضا، مشدداً على أن الأزمات العالمية كما حدث في أزمة كورونا محفزة على التعاون الإنساني. وقال العيسى في تعقيبه على مداخلة مشرف التحرير العربي في اتحاد "يونا " سعد العدام ، أثناء المنتدى الإعلامي لاتحاد وكالات أنباء الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في نسخته الثانية الذي انعقد افتراضيا اليوم الخميس ، والتي طرح فيها تساؤلاً حول ما رؤية الرابطة لوجود التنظيمات الإرهابية والمتطرفة من مختلف الثقافات والديانات على شبكات التواصل الاجتماعي، وجهودها لمواجهة الخطابات المناهضة للتعايش والوئام بين أتباع الديانات والثقافات": من الملاحظ أن التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش زاد نشاطها مع انطلاق شبكة الانترنت قبل عدة سنوات، وارتفعت وتيرة ذلك بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي"، مؤكداً أن القضاء على الإرهاب يتطلب اقتلاع جذوره المتمثلة في الأفكار، إذ أن العمل العسكري مع أهميته لا يقضي عليه تماما. وأضاف أن الرابطة لها جهود جبارة في مواجهة الإرهاب عبر وسائط التواصل الاجتماعي، كما تتعاون مع عدد من المنصات الفكرية النشطة في هذا المجال مثل مركز اعتدال وغيره". وفي تعقيبه على سؤال من علي السيد مندوب وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ " ، حول كيفية الاستفادة من الأزمات في توحيد الطاقات البشرية لخدمة الإنسانية وكيفية تفعيل مفهوم التسامح بين أتباع الدين الإسلامي أو الدين الواحد وبين أتباع الديانات؟ قال العيسى : حقيقة الأزمات محفزة للتعاون الإنساني وأكبر دليل على ذلك ما حصل في جائحة كورونا، أثبتت أن العالم كله بحجة إلى بعضه وأن العالم كله أسرة واحدة فمن رحم الأزمات تكون الحلول وتكون المعجزات التي عجز عنها الجميع في فترات ماضية بالتكاسل وبالتخوف المصطنع وبحواجز السلبية التي وضعتها بعض الأفكار وربما المصالح المادية . وأضاف العيسى قائلا : وبالنسبة لتفعيل التسامح يكون من خلال العمل الحقيقي وليس من خلال النظريات والخطب والمؤتمرات التي تنتهي إلى الأرشيف، لذا لا بد أن تتحول النظريات والبرامج والأطروحات والمبادرات إلى برامج عملية يتفق الجميع عليها وأن تبادر الجهات التي تقوم بها سواء عامة أو خاصة وأن تبادر بنفسها لتفعيل ذلك لتكون هي القدوة ويتم تفعيل التسامح من خلال الحوار لا سيما المجامع العلمية الفكرية والثقافية والإعلامية التي تحفل بالعلماء وأن تخرج بمواثيق عمل يتفق الجميع على العمل بها على أرض الواقع فعلياً وعملياً، فالمشكلة في السابق هي أن هذه في غالبها مجرد أمنيات ونظريات ولم تكن فعالة بالقدر المطلوب نحن في رابطة العالم الإسلامي ومع شركائنا حول العالم في العالم الإسلامي وخارجه نقوم بهذا الدور وقد لمسنا أثراً منه وستتبعه الآثار التالية بإذن الله. وفي مداخلته شدد رئيس هيئة إدارة وكالة أنباء أذربيجان (أذرتاج) أصلان أصلانوف على أهمية اغتنام فرصة الأزمة الصحية الناتجة عن جائحة كورونا من أجل ترسيخ دعائم التعايش والتسامح بين شعوب العالم حيث كشفت الأزمة مدى حاجة شعوب العالم للتعاون والتعايش والمساندة، مشيداً بجهود اتحاد "يونا "على تنظيم المنتدى الذي وصفه ب الضروري في أيام الأزمة الصحية. ولفت أصلانوف إلى تزايد مسئولية وسائل الإعلام، ووكالات الانباء نتيجة الوباء وقال تدعم أذرتاج دعما إعلامياً استراتيجية مكافحة الأزمة، وتسعى إلى الإسهام في تخفيف بيئة الذعر الناتجة عن الوباء وتعزيز الطمأنينة والسكينة في قلوب الناس في هذه الفترة الصعبة وتبليغ قيم التسامح والتعايش السلمي. وقال رئيس هيئة إدارة أذرتاج: لم تتمكن الأزمة الدولية من إضعاف التضامن والصداقة بين الناس، بل على العكس تم نقل هذه القيم من البيئة التقليدية إلى العالم الافتراضي، ونحن نثق في انتصار البشرية على هذه الأزمة بالمساعي المشتركة. وتحدث أصلانوف عن الجهود التي قدمتها بلاده من أجل ترسيخ التعايش والتسامح سواء على أرضها أو مع دول العالم وقال: أطلق الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مبادرة لعقد الدورة الاستثنائية للجمعية العامة الأممية لتوحيد مساعي البلدان في مكافحة الوباء وللتوصل الى التضامن الدولي ولقيت المبادرة دعما من قبل أكثر من 130 بلداً، مشيراً إلى أن أذربيجان معروفة في العالم كبلد التسامح. وفي رده على سؤال من نورزان كاسمالييفا من وكالة أنباء قرغيزستان (كابار) : إلى أي مدى ترون أنه من الضروري التأسيس والتأصيل لتعاون حقيقي بين أتباع الأديان من أجل إيجاد حلول حقيقية لما يعانيه العالم من مشكلات وصراعات؟ قال العيسى : تناولنا في الحديث أهمية التعاون المشترك للوصول إلى حوار فعال ونتائج مثمرة وملموسة على أرض الواقع وقلنا ولا بد أن يكون الحوار شفافا ومتناولاً لكافة الموضوعات بتفاصيلها وألا تحوطه المجاملات ولكن أن يتم طرح كل الموضوعات ولا سيما الموضوعات العالقة والمهمة والتي تعتبر حيوية ومفصلية في تحقيق الهدف المنشود وهو التعايش الإيجابي، ولله الحمد هناك جهود لرابطة العالم الإسلامي في هذا الحوار وفي تعزيز فعالية التعايش من خلال زياراتنا لعدد من البلدان ولا سيما بلدان الأقليات ولدينا اتفاقيات تعاون مع عموم المؤسسات الدينية غير الإسلامية فهناك اتفاقيات مع المجلس البابوي للحوار وكنائس أرثوذكسية ومذكرات تفاهم مع كنائس بروتستانتية ومؤسسات يهودية مستقلة، نعمل جميعاً مع هؤلاء لتحقيق الهدف المشترك وهو التعايش السلمي والتعاون الإيجابي وتعزيز الوئام بين أتباع الأديان، ويمتد ذلك إلى التحالف الحضاري والثقافي للوصول إلى ما تم السؤال عنه وهو هدف منشود وخطونا نحوه خطوات ملموسة الأثر ويظل الطموح كبيرا. وفي مداخلته ، دعا الخبير الإعلامي المغربي وأستاذ الإعلام الرقمي حسين ساف ، إلى القيام بمشاريع عمل مشتركة ووضع جداول زمنية لها، في هذا الخصوص ، لاسيما المشاريع المبنية على الذكاء الاصطناعي والذكاء الجماعي وتطوير البحث والتعليم الجامعي في خدمة المواطن لأن المواطن أصبح فاعلاً وأصبح يقيم الاستراتيجيات ويؤثر في الرأي العام، وأغلب المنصات الحالية إما مؤسساتية أو تابعة لجهات أو لمنظمات، والمواطن وجد فراغاً في قنوات التواصل الاجتماعي ، وقال لذا أطلب عدم إغفال كون المواطن أصبح أداة لترسيخ هذا التعايش والوئام والاعتراف به في المجتمعات والمنتديات ، مضيفا : وأعتقد أن هذا المنتدى أجمل فرصة لدعم مشروع جاهز، وهو مشروع عمل مشترك ومستدام وقائم بجدولة زمنية وهو مشروع الإعلام الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي والاجتماعي والدراسات المتعلقة بهذا المشروع الإعلامي الحضاري جاهزة وقد حصد العديد من الجوائز العالمية ومنها جائزة القمة العامية لمجتمع المعلومات، المشكل هو كون المشروع الابتكاري من عام2018 لم يحظى بالدعم والمساندة لكون المستثمرين المحليين يفضلون الربح السريع والاستراتيجيات الوطنية الضيقة. وفي تعقيبه على المداخلة .. قال الدكتور العيسى ، لا شك أن توظيف الذكاء الاصطناعي والذكاء الجماعي مهم جداً وأيضاً أن هذا كله في منظومة التقنية الحديثة وبالنسبة لتفعيل دور المواطن هو المرتكز الرئيس شخصية الاعتدال إذا صيغت صياغة سليمة في كل بلد فإنها تنهض بهذا البلد إلى مطلب الجميع من ناحية الرقي الحضاري والنظرة الإيجابية والتعايش مع الجميع ونظرة التفاعل الإيجابي في كافة حراكنا في عالمنا والمشروع المشترك الذي والمستدام الذي ندعو عليه ونعمل عليه مع شركائنا حول العالم وبالنسبة لأطروحته التي طرحها المتداخل الكريم هي معل اعتبارنا وتقديرنا في رابطة العالم الإسلامي ويمكن أن نلتقى بالمتداخل الكريم ونتباحث معه فيه الأمر فهدفنا مشترك.