طلقت الصين صباح اليوم الخميس مركبة الفضاء "تيانوين -1"، في أول مهمة مستقلة لها إلى كوكب المريخ، وفي محاولة محفوفة بالمخاطر، تأمل البلاد من خلالها في أن يكون لها نصيب في استكشاف الفضاء، بنفس القدر مثل الولاياتالمتحدة وروسيا. ويشار إلى أن "تيانوين -1"، التي يعني اسمها "أسئلة إلى السماء"، هي مركبة فضائية ومركبة إنزال ومتجولة فضائية، تهدف إلى استكشاف بيئة المريخ والبحث عن علامات على وجود حياة. وقد تم اليوم الخميس إطلاق الصاروخ "لونج مارش 5"، الذي كان يحمل المركبة الفضائية، من موقع "ونتشانج" للاطلاق الفضائي، الواقع فى إقليم هاينان الاستوائي بجنوب الصين، فى الساعة 1241 بالتوقيت المحلي (0441 بتوقيت جرينتش). وسوف تسافر المركبة الفضائية فيما بعد لمدة سبعة أشهر حتى تصل إلى المريخ. وسوف تدور حول الكوكب الأحمر لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل محاولتها الهبوط. وعندئذ يبدأ الجزء الأكثر صعوبة، إلا أن الصين لن تكون الدولة الوحيدة التي تحاول القيام بنفس هذا العمل الفذ. فقد أعلنت الإمارات يوم الاثنين الماضي نجاح إطلاق "مسبار الأمل"، أول مسبار عربي، متجها نحو كوكب المريخ، من قاعدته في اليابان. ويهدف المسبار الإماراتي الى تكوين فهم أفضل عن المريخ حيث يقدم، لأول مرة، صورة شاملة عن الفصول الجوية المختلفة للكوكب الأحمر يضعها في متناول المجتمع العلمي العالمي. ويحمل المسبار 3 آلات علمية لدراسة مناخ المريخ، كما يحمل مقياسا لدراسة درجات الحرارة والجليد وبخار الماء والغبار. من ناحية أخرى، من المقرر أن تطلق وكالة الفضاء الامريكية (ناسا) في الأسبوع المقبل، المركبة الفضائية "برسفيرانس" إلى المريخ، والتي تم تصميمها من أجل البحث عن علامات لحياة ميكروبية في الماضي، ودراسة مناخ وجيولوجيا المريخ، بالإضافة إلى جمع عينات من الصخور والتربة وتخزينها. ومن المتوقع أن تصل المركبات الفضائية الثلاث إلى المريخ في فبراير القادم. ويعتبر السبب وراء قيام الدول الثلاث بإطلاق مهماتها في نفس التوقيت تقريبا، هو أن المسافة بين الأرض والمريخ تكون أقٌرب من العادة ،وهي ظاهرة تحدث كل 26 شهرا، مما يوفر فرصة للقيام برحلات أكثر كفاءة من حيث استهلاك الوقود. وقال خبير الفضاء الاسترالي موريس جونز: "أعتقد أن الصين قادرة على القيام بذلك مثل غيرها، ولكن كوكب المريخ يمثل تحديا ". وكانت المهمات الفضائية السابقة إلى المريخ حققت نسب نجاح قُدرت بنحو 50 بالمئة، حتى عندما كانت تقوم بها دول لديها خبرة أكبر في استكشاف الفضاء. وكانت مركبة إنزال تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، تحطمت على سطح المريخ في عام 2016، وذلك على الرغم من تمكن مركبة فضائية أمريكية من الهبوط بنجاح بعد مرور عامين على الواقعة. ومن جانبه، يقول خبير الفضاء الألماني نوربرت فريشاوف، إن الهبوط على المريخ "يشبه الذهاب إلى نادي قمار، والرهان على الأحمر أو الأسود. ففرص النجاح ليست جيدة." ويشار إلى أن المريخ يوجد به قدر أكبر من الجاذبية عن القمر وغلاف جوي رقيق، مما يجعل من الصعب السيطرة على المكابح أثناء الهبوط. وبينما ستبقى مركبة الفضاء "متوقفة" في مدار المريخ - حيث ستقوم بنقل المعلومات إلى كوكب الأرض - فإن المسبار سوف يندفع إلى أسفل في الغلاف الجوي بسرعة 48 ألف كيلومتر في الثانية، في ظل درجات حرارة تبلغ آلاف الدرجات المئوية، بحسب ما قاله تشانج رونجياو، أحد كبار مصممي المسبار الفضائي، لتليفزيون الصين المركزي. وفي حال سار كل شيء بحسب الخطة، فإن المركبة سوف تطلق طوافة في أبريل القادم، لكي تجوب سطح المريخ وإجراء التجارب. وفي حال نجاح مهمة "تيانوين -1"، سوف تصبح الصين ثالث دولة ترسل مركبة فضاء إلى المريخ بعد الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي سابقا. وقد قامت بكين بتوسيع برنامجها الفضائي - بوتيرة مطردة - على مدار السنوات القليلة الماضية، كما أن لديها مهاما مخططة للعقود المقبلة. يذكر أن الصين صارت في العام الماضي أول دولة تقوم بإنزال جسم على الجانب الأقصى من القمر. وتشمل خطط استكشاف الفضاء الخاصة بالصين، بناء محطة فضائية بحلول عام 2022، وإرسال مهمة إلى كوكب المشتري بحلول عام 2029.