نظم اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا) مساء أمس الأربعاء بالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية، ورشة عمل حول التعاطي الإعلامي مع تداعيات حقوق الطفل في ظل أزمة كورونا، بحضور 250 إعلامياً من منسوبي وكالات الأنباء والإذاعات والقنوات التليفزيونية والصحف والمنصات الاليكترونية، من 40 دولة من دول "التعاون الإسلامي" ومن أبناء الأقليات المسلمة في الخارج، وذلك بالشراكة مع إدارة الإعلام بالمنظمة واتحاد الإذاعات الإسلامية. قدمت باللغة العربية مصحوبة بترجمة إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وحاضر فيها أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة المصرية، الدكتور أحمد زايد، الذي شدد على أهمية تقديم أنشطة مدرسية تعلم الأطفال مواجهة المشاكلات، وتصميم أفلام وألعاب إليكترونية لتعليمهم كيفية مواجهة الخطر والإدارة الإيجابية للذات، وتوفر حلول بديلة ومبتكرة تمنعهم بحقوقهم في الراحة والترفيه والتسلية وممارسة الأنشطة الثقافية والفنية.
ويعد ذلك أمرا أساسيا لصحة الأطفال وتنمية إبداعهم وخيالهم وثقتهم بأنفسهم، وتطوير مهاراتهم البدنية، والاجتماعية، والمعرفية، والعاطفية، وتحديد استراتيجيات مرنة للتواصل عن بعد مع المجتمعات لتعزيز آليات الصمود الآمنة، والعمل مع القادة المجتمعيين والدينيين والإعلاميين لتكييف الممارسات التقليدية مع الأوضاع المستقبلية الجديدة بعد الجائحة.
ودعا زايد، في الورشة التي أدارها رئيس الشؤون الخارجية باتحاد "يونا" حازم عبده، إلى استحداث خطة للتعافي لمرحلة ما بعد الوباء، والعمل بروح التعاون مع الأطفال والمراهقين لسد الفجوات بين الأجيال، وتعزيز التضامن بينها، ونشر رسائل مجتمعية ملائمة للأطفال حول الأخطار ونقاط الضعف التي يواجهونها، واستحداث الجلسات ومجموعات الدعم على الإنترنت.
وتطرق الدكتور زايد، إلى التأثيرات الصحية لجائحة كورونا على الأطفال الذي أدى إلى التعطل الذي تتعرض له الأسر والصداقات والبرامج اليومية والمجتمع، من تبعات سلبية على صحة الأطفال ونمائهم وحمايتهم، ووفقا لتقديرات موثقة، فإنّ تعليق حملات التطعيم ضد الحصبة في 23 دولة على الأقلّ أثّر حتّى اليوم على أكثر من 78 مليون طفل ممن يبلغون 9 سنوات وما دون.
أما عن التأثيرات النفسية، فقد خلفت الجائحة حالة من القلق بسبب الإصابة بالفيروس أو فقدان العمل، وهذه الحالة يمكن أن تكون نقلت إلى الأطفال بفعل تعطل الروتين اليومي لهم وتعرضهم لضغط نفسي بسبب الوفيات بين أحبائهم أو مرضهم أو انفصالهم عنهم، أو الخشية من المرض، وازدياد مستويات التوتر بسبب العزل، وما تثيره إجراءات الحجر الصحي من خوف وهلع.
ولفت المحاضر إلى ازدياد الإساءات والعنف المنزلي ضد الأطفال، وازدياد خطر الاستغلال الجنسي لهم، والزواج المبكر القسري، محذراً مما يمكن أن يؤدي إليه الحبس المطول في المنزل من زيادة احتمالية تعرض الأطفال للعنف الجسدي والنفسي.
كما تحدث الدكتور زايد عن التأثيرات التربوية وعلى رأسها فقدان التمدرس المنظم بعد أن تم تعطيل الحقّ في التعليم لأكثر من 1.6 مليار طفل حول العالم، حيث فرضت 190 دولة إقفال المدارس، وكذلك فجوة التحصيل الدراسي بين التحصيل المنزلي وبين المدرسي، وفقدان العلاقة بالمعلم.
وتناولت الورشة تداعيات الأزمة على حقوق الطفل حيث قد يؤدي الانشغال بالمخاوف إلى تحول المسؤولية العامة عن الطفولة إلى اهتمامات أخرى، بعدما أدت ظروف الوباء إلى مضاعفة هشاشة بعض الفئات، ومنها ذوي الإعاقة، والفقراء، وأطفال الشارع، واللاجئين، ومن يعانون من ظروف صحية من قبل الجائحة.
وطرح المحاضر ثلاثة سيناريوهات لواقع الطفل بعد أزمة كورونا تتضمن مزيدا من الاهتمام بالأطفال والمواثيق الدولية، ومزيدا من الاهتمام بالأطفال في الظروف الخاصة، مثل الحروب، والإيواء، التشرد، الاحتجاز، العنف الاستغلال القسري، المهاجرين، والعاملين في مهن خطرة...إلخ، ومزيدا من الاهتمام بالأسرة، والمواثيق المحلية والدولية المتصلة بدعمها في زمن الخطر وظروف الاستثناء.
من جهته، أشاد مساعد المدير العام المكلف محمد اليامي، في كلمة الاتحاد بالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية، لخدمة قطاع عريض من قطاعات المجتمع، الذي انطلق بورشة "التعاطي الإعلامي مع تداعيات حقوق الطفل في ظل أزمة كورونا".
وعبر اليامي قائلا: "لقد سارعنا في اتحاد يونا بالاستجابة الباكرة لتداعيات جائحة كورونا، بالتعاطي الإعلامي الواعي بالتعاون مع وكالات الأنباء الأعضاء، ضمن منظومة العمل الشاملة لمنظمة التعاون الإسلامي التي استنفرت كل مواردها وإمكاناتها، وطاقات أجهزتها ومؤسساتها لتقديم الدعم والمساندة لدول المنظمة".
يذكر أن اتحاد يونا أطلق ملتقاه الأول في 16 مايو الماضي، الموافق 23 رمضان، تحت عنوان "دور وكالات الأنباء في مساندة جهود مكافحة كورونا"، وذلك برعاية الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، وزير الإعلام المكلف ورئيس المجلس التنفيذي للاتحاد.
وأوضح مساعد المدير العام المكلف أن المشروع التدريبي لتنمية مهارات الإعلاميين، كان أحد مخرجات الملتقى، الذي يستهدف في مرحلته الأولى تدريب 2200 إعلامي، ونفذ منه ورشتي عمل باللغتين العربية والفرنسية حول طرق تدقيق الأخبار في الأزمات وانتشار الشائعات، استفاد منهما 300 إعلامي، فيما تم إطلاق المنتدى الإعلامي للاتحاد، يوم الثلاثاء، بضيافة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وحضور 140 إعلامياً ودبلوماسياً.
وتوجه اليامي بالشكر إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين على الدعم اللامحدود للاتحاد الذي تستضيف المملكة مقره، وتوفر له كل الدعم لخدمة الإعلام بدول منظمة التعاون الإسلامي.
وفي كلمته نقل الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية الدكتور حسن البيلاوي لحضور الورشة تحيات رئيس المجلس الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، مشيداً بالتعاون مع اتحاد يونا من خلال الشراكة الفاعلة، لافتاً إلى أن الورشة تأتي تواصلًا للجهود التي يقوم بها المجلس، لما شكلته جائحة كورونا من خطر وتحد فرضا واجب المشاركة والمبادرة لحماية الأطفال والأسر والمعوزين، من بينها إطلاق حملة توعية على مواقع التواصل الاجتماعي والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدعم الأطفال اللاجئين، وكذلك مع منظمة اليونيسف، والمنظمة الكشفية العربية، مع استمرار العمل_بدعم برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"_نحو تطبيق نموذج المجلس لتنشئة الطفل العربي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ودعم وتمكين الطفل العربي لدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة.
ودعا الأمين العام للمجلس إلى التعامل مع تأثيرات كورونا، بالتكاتف والتعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للنظر إلى مستقبل تعدل فيه السلوكيات وطرائق الحياة لتنمية سبل الرعاية والحماية للأطفال، والعمل على إرساء سياسات حماية اجتماعية، وتحويل هذه السياسات إلى تشريعات وقوانين وثقافة لحياة كريمة للطفل والمرأة والمهمشين.
وتم فتح المداخلات حيث تحدث كل من المدير الإقليمي للمنظمة الكشفية العربية الدكتور عمرو حمدي، وخبير التنمية الاجتماعية، الدكتور نبيل صموئيل، وريتا كرم أمين عام المجلس الأعلى للطفولة بلبنان، وأستاذ التربية المغربي الدكتور أحمد أوزي، ونائب رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية فتحي أبوالحمد، ومدير تحرير وكالة الأنباء اليمنية حمدان الرحبي، وعبداللطيف الضويحي مدير الإعلام ببرنامج الخليج للتنمية "أجفند"، وقدم الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية حسن البيلاوي تعقيباً ختامياً.