حاول الفنانون فى العالم خلق حالة لكسر ما سببته إجراءات العزل الصحى والتباعد الاجتماعى نتيجة انتشار وباء كوروبا، وبعض الفنانين المصريين حاولوا التفاعل فنيا مع تأثير أزمات فيروس كورونا، منهم الفنان التشكيلى عبدالرازق عكاشة، الذى يقيم فى باريس؛ حيث أعد مجموعة من اللوحات الفنية التى تعبر عن سياقات مختلفة للحالة العامة التى صنعها فيروس كورونا، إذ يرى عكاشة أن الأزمة قد أثرت على مناحٍ مختلفة من الحياة، ولكنها لم تجعله يتوقف عن الرسم، قائلا: «على الصعيد المادى أثر الوضع؛ حيث أغلقت قاعات العرض، فلم نجد لمدة شهرين أدوات لرسم وتلوين اللوحات الكبيرة التى قد تصل إلى مترين، ولكنى بحثت عن طريقة بديلة وهى أنى أرسم على الكمامة»، موضحا أنه استعاض عن الكمامة الطبية الأصلية بفلتر القهوة الإيطالى الذى وجد أنه يشبه الكمامة شبها شديدا، ثم بدأت الرسم عليها؛ لأنها لا تحتاج إلى ألوان كثيرة، كما بدأت أصنع ألوانا بنفسى، وكل مجموعة من الأكياس تعبر عن جدارية تحمل فكرة معينة، ومنها الحياة الاجتماعية فى ظل الكمامة»، وقد لاقت هذه الجدرايات ترحيبا ومدحا ومن بينهم الفنانة التشكيلية البرازيلية إليانا ميلينو، التى كتبت عن انتصار فنان مصرى فرنسى على أزمة غياب الألوان والخامات، ومن الأفكار الأخرى التى تناولها فى رسوماته، مفهوم الحب والحميمية بين الرجل والمرأة فى ظل الأزمة الحالية، وكان منها «استديو كورونا للزواج». ومن باريس إلى المنيا فى صعيد مصر، تحديدا فى كلية الفنون الجميلة؛ حيث رأى أحد أساتذتها، أن عليه أن يكون هو وطلابه جزءا معبرا بل وفعالا فى أزمة فيروس كورونا، من خلال أعمالهم الفنية، فقام الدكتور إيهاب عبدالله الأسيوطى، أستاذ ورئيس قسم النحت بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، بتوجيه طلابه للتعبير عن الحالة التى خلقها فيروس كورونا بأدواتهم البسيطة، خلال محاضراته معهم عن بعد، فقاموا بمنحوتات عديدة تعبر عن تأثير كورونا، مثل نحت وشوش مرتدية الكمامة الطبية. وقال الأسيوطى ل«الشروق»: «الفنان بشكل عام هو أول من يتأثر بقضايا المجتمع وما يحدث به من أحداث على الصعيد العالمى والمحلى، وكورونا هو فيروس نال من العالم كله ومن الطبيعى أول من يتأثر به هو الفنان التشكيلى»، كما شاركت الفنانة التشكيلية إيمان خطاب، المقيمة فى إيطاليا، فى معرض يضم مجموعة من الأعمال الفنية لفنانين حول العالم كمشاركة منهم للتفاعل مع أزمة كورونا، وقالت ل«الشروق»: «الأزمات والتجارب المؤلمة بالنسبة للفنان، تعتبر تجربة جديدة وحافزا، ربما دون أن يشعر.. وعندما جاءت الفرصة للاشتراك فى معرض عالمى بإيطاليا، به العشرات من الفنانين تحت عنوان Be Part، وكان التحدى أولا فى حجم اللوحات، وهى 10/10 سم، وكذلك الموضوع ولكننى وجدت فى نفسى ميلا شديدا لتجسيد هذا العالم الجديد». وظهر تأثر إيمان بالحالة الجديدة التى صنعتها كورونا، عندما وجدت نفسها ترسم بورتريهات، تحتوى على عيون واضحة، دون اهتمام ببقية الوجه، وفسرت ذلك أنه نتيجة للتأثر بارتداء الكمامة، واختفاء الوجه البشرى خلفها، وعبرت قائلة: «فكان هذا التصور دون سابق تخطيط منى لكى أجسد تلك الحالة من الاختفاء اللاإرادى لكل ملامح الوجه الإنسانى، وأصبح التعامل بين البشر جميعا على وجه الأرض بالعيون»، وأكملت: «تناولت هذه الفكرة بشكل فنى مع مراعاة التكوينات غير المعتادة والألوان الصارخة بعض الشىء، والخطوط التى تبدو أحيانا عشوائية، فكانت معبرة بالفعل عن الحالة التى وصل إليها البشر من الذعر والتخبط والعزلة».