مكتب التنسيق يعلن آخر موعد لقبول أوراق الحاصلين على الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    الخارجية: أولوية الوزارة الحفاظ على مصالح المصريين في الخارج    مدارس التمريض بالفيوم تفتح أبوابها ل298 طالبًا مع بدء الدراسة    أسعار كتب المدارس التجريبية للعام الدراسي الجديد تبدأ من 830 جنيهًا    50 فرصة عمل في الإمارات برواتب تتخطى 91 ألف جنيه    استقرار أسعار الدولار في البنوك المصرية خلال تعاملات اليوم    التضامن: 257 مليون جنيه دعمًا للجمعيات الأهلية في 6 أشهر    ضبط مواطن متلبسًا بسرقة كشافات إنارة بكورنيش شبين الكوم    استعدادًا لافتتاح المتحف الكبير.. "مدبولي" يتفقد تطوير مطار سفنكس الدولي    مدير المركز العربي للدراسات السياسية: الضربة الإسرائيلية في الدوحة خرق للسيادة و"صدمة مزدوجة"    القوات الروسية تتسلل عبر نفق إلى كوبيانسك الأوكرانية    وزير الخارجية: قضية المياه تمثل التحدي الأول والأكبر لمصر    الزمالك ينهي الشوط الأول متقدمًا على المصري بهدف عدي الدباغ    بمشاركة إبراهيم عادل والنني.. الجزيرة يتعادل مع النصر    لجان إلكترونية ضده.. أحمد حسن يدافع عن حسام غالي بعد تصريحاته عن الأهلي    بالصور.. محافظ أسوان يستقبل وفد "سفينة النيل للشباب العربي"    بالأسماء.. تفاصيل حبس 9 متهمين بينهم سيدتان فى واقعة مشاجرة المرسى السياحي بالكورنيش الغربي بسوهاج "خاص"    "وضع يده في الفيشة".. مصرع طفل بصعق كهربائي بالمنيا    جنايات قنا تعاقب 15 شخصًا بالسجن المشدد بسبب مشاجرة مسلحة بجزيرة دندرة    مصرع شخص سقط من علو في العجوزة    "ديجافو" تفاصيل الحلقة 1 من حكاية جديدة لمسلسل ما تراه ليس كما يبدو    هيثم نبيل: عمرو دياب ساحر الأجيال وإحنا بنتعلم منه    فستان شفاف وجريء.. مايا دياب بإطلالة مثيرة للجدل    مراسل القاهرة الإخبارية يرصد آخر الأعمال التحضيرية للقمة العربية في قطر    ما حكم الصلاة خلف إمام ألدغ؟.. أمين الفتوى: صحيحة بشرط (فيديو)    بعد إقالة مديرها، رئيس هيئة التأمين الصحي يجري جولة مفاجئة ب مستشفي 6 أكتوبر    إقبال كبير على «أهلاً مدارس» |120 معرضًا إضافيًا والتخفيضات حتى 40 %    وزير الخارجية: ما يصل قطاع غزة لا يلبي الاحتياجات وهناك حاجة يومية إلى 700 شاحنة    هل هناك ترادف فى القرآن الكريم؟ .. الشيخ خالد الجندي يجيب    تغيرات مفاجئة في درجات الحرارة.. هل انتهى فصل الصيف؟    بداية جديدة.. قافلة طبية مجانية لأهالى قرية المرابعين فى كفر الشيخ    ننشر تفاصيل لقاء محافظ أسوان بأهالى غرب سهيل النوبية    أول بيان من «الداخلية» بشأن حقيقة قيام ضابط بمرور البحيرة بالقيادة دون رخصة وفاميه    وزير الخارجية: ماسبيرو «أُم» المؤسسات الإعلامية في العالم العربي    نقابة المهن الموسيقية تنعى أرملة الموسيقار سيد مكاوي    تشكيل بايرن ميونخ وهامبورج في قمة الدوري الألماني    مهرجان بورسعيد يعلن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة الطلبة    المستشار السابق لبوتين: الاقتصاد الروسي صامد رغم ضغوط الغرب    60 فنانوا العالم فى «آرت شرم الشيخ»    «الصحة» تنظم ورشة عمل حول البرنامج الإلكتروني للترصد الحشري    أنس صالح معدًا بدنيًا لطائرة الزمالك    قصف إسرائيلي يستهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون في حي تل الهوى جنوبي مدينة غزة    تدمير مدرسة وإخلاء للمدنيين.. جيش الاحتلال يواصل قصفه لمخيم الشاطئ    هدنة 3 أشهر.. تفاصيل بيان مصر والسعودية والإمارات بشأن الحرب في السودان    «التعليم» تطلق مدارس تكنولوجيا تطبيقية جديدة في تخصص الدواء    إنزاجي يستقر على تشكيل الهلال ضد القادسية في الدوري السعودي    اختيار جامعة القاهرة ضمن قائمة الأفضل عالميا في مجال الاستدامة البيئية خلال 2025    محافظ البنك المركزى: الموارد المحلية من العملة الأجنبية سجلت مستوى قياسيا فى أغسطس    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع «جنة 4» بالشيخ زايد    الأنبا بقطر يرسم 117 شمامسة للخدمة في إيبارشية ديرمواس    صحة الإسكندرية تتخطى أكثر من 5 ملايين خدمة صحية خلال شهرين    الصحة: إجراء 2 مليون و863 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : اهلاً بالفرح !?    157 يومًا على رمضان 2026.. يبدأ 19 فبراير فلكيًّا    طقس الإسكندرية اليوم.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة والعظمى 31 درجة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري.. الدباغ يقود الهجوم    عاجل - من البر إلى الجو.. كيف ضربت إسرائيل الجهود القطرية والمصرية والأميركية في هجوم الدوحة؟    «البحوث الإسلامية» يحذر من خطورة تراجع القيم والتشكيك فى ثوابت الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من النظام الدولى إلى النظام العالمى
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 05 - 2020

النظام الدولى هو نظام دول هى الفاعلة الوحيدة فيه وهو يتشكل منها ومن العلاقات فيما بينها. للدول ولاية على إقليم كل منها وهى تعبر عن المجتمعات والاقتصادات الموجودة فيها وتمثلها. هذا التصور للعلاقات بين المجتمعات والاقتصادات على كوكب الأرض وَجَدَ ترجمته فى النظام المؤسسى الدولى كما تمثله منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية. فى هذا النظام المؤسسى، وباستثناءات نادرة، الدول هى وحدها الأعضاء وتمثلها حكوماتها، أى إن الحكومات تنتهى إلى تمثيل مجتمع واقتصاد كل منها.
غير أن الحياة تطور. تبيّن من عمل النظام الدولى أن كلا من المجتمعات والاقتصادات ومكوناتها تتصرف بشكل مستقل عن الحكومات، وأن الاقتصادات بالذات قد تضغط على الحكومات من أجل تحقيق مصالح خاصة بها، ثم إن الاقتصادات والمجتمعات فى البلدان المختلفة، تتلاقى وتنشئ العلاقات فيما بينها. هكذا اتضح أن التصور الأصلى للنظام الدولى ولطرائق عمله لم يكن فى محله. زاد اتضاح ذلك بمرور الوقت وبازدياد استقلالية المجتمعات والاقتصادات، وهو ما ترتب على عاملين، الأول هو تغيير فى طرائق عمل النظام الدولى، والثانى هو التقدم العلمى والتكنولوجى. نعنى فى هذا المقال أساسا بجوانب من التغيير فى طرائق عمل النظام الدولى، ونركز فيها على التغيير فى ثلاثة أنظمة فرعية رئيسية له، ألا وهى النظام الاقتصادى الدولى، والنظام المؤسسى الدولى، وأنظمة الحكم فى داخل كل دولة فى النظام الدولى. حجتنا هى أنه بالإضافة إلى عدم سلامة أن العلاقات بين البشر والاقتصادات والمجتمعات تنتظم فى نظام دولى كالموصوف أعلاه، فإن التغييرات فى طرائق عمل نفس هذا النظام أدّت كذلك إلى تقويضه. المفارقة هى أن الدول المصنعة الكبرى المستفيدة من النظام الدولى هى التى دفعت من أجل إدخال التغييرات على طرائق عمله، ثم صارت تشتكى من آثارها!
***
التغييرات فى طرائق عمل النظام الاقتصادى أطلقت العنان للرأسمالية العالمية. الرأسمالية العالمية متخطية للدول مجالها العالم وبلدانه، تتعامل وحداتها، أى شركاتها ومؤسساتها ومصارفها، فيما بينها وتمرّ عبر الفراغات العديدة التى تتركها ولايات الدول، كل على إقليمها وحده. الرأسمالية عالمية وهى لا يضبطها نظام يتصور العالم دولا تنشأ العلاقات الأساسية داخل كل منها. بدلا من أن تملأ الفراغات وتتتبع الرأسمالية المتحركة، زادت الدول الرأسمالية المتقدمة المستفيدة من النظام طينها بلةً بأن عملت على تفكيك ضوابط كل دولة على اقتصادها فتحرر النظام الرأسمالى تماما وأصبح مجال عمله وبشكل شرعى خالص العالم كله. كانت هذه هى النتيجة الطبيعية لسياسات تفكيك الضوابط، والخصخصة، وإعادة الهيكلة، وتقليص موارد الدولة وجهازها، وفتح أسواقها السلعية والمالية، أى السياسات المسماة بالنيوليبرالية التى دشنتها رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر والرئيس الأمريكى رونالد ريجان فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضى، ثم عُمِّمَت على البلدان المتقدمة والنامية معا. واكتملت هذه السياسات بتحرير التجارة العالمية فى السلع والخدمات فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى. كان الوعد هو أنه بهذا التحرير سترتفع معدلات النمو وتزدهر الشعوب ويعمّ الرخاء. أما ما حدث فعلا فهو أن الساحة صارت ممهدةً لانتقال رءوس الأموال والصناعات إلى حيث تنخفض تكاليف الإنتاج لتنتج ثم تصدّر بلا عائق الجانب الأعظم من إنتاجها إلى نفس البلدان التى أتت منها رءوس الأموال والصناعات وهى البلدان الأكثر تقدما وعلى رأسها الولايات المتحدة. ليس ثمة تجسيد أكثر بساطةً لهذه العملية من انتقال الصناعات إلى الصين، وإن لم تكن الصين وحدها المستفيدة من هذا الانتقال، وتصدير ما تنتجه إلى الولايات المتحدة وبلدان متقدمة أوروبية أخرى. الولايات المتحدة على عهد رئيسها الحالى بشكل خاص تشكو من العجز الهائل فى ميزانها التجارى مع الصين، متناسية أنها كانت المحرضة والدافعة إلى تحرير التجارة العالمية، من جانب، وأن الصين تستثمر جانبا معتبرا من الفائض فى ميزان مدفوعاتها فى أذون الخزانة الأمريكية. أدّى ذلك بالرئيس الأمريكى إلى شنّ حرب تجارية على الصين ليقلص من العجز فى الميزان التجارى معها وهو دعا إلى حماية الصناعة الأمريكية. ولما نشب الوباء العالمى الحالى، اكتشفت الولايات المتحدة ومعها بلدان أوروبية متقدمة أن صناعة الكمامات انتقلت إلى الصين وأنها أصبحت معتمدة عليها بشكل شبه كامل فى تموينها بالكمامات. لذلك، فى أوروبا بدورها نشأت دعوات إلى إعادة توطين بعض الصناعات من أجل تحقيق الأمن الصحى أولا، ثم أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أنه لن يوافق بعد الآن على انتقال صناعة السيارات التى للدولة نصيب فيها إلى خارج فرنسا وذلك لتحقيق ما أسماه «بالسيادة الصناعية». هكذا لعق الداعون إلى تحرير التجارة العالمية وعودهم ورجعوا إلى ممارسات وشعارات كانوا يدينونها عندما كانت ترفعها بلدان نامية ترغب فى حماية صناعاتها الناشئة. أى شرعية تبقى بعد ذلك للنظام الاقتصادى الدولى وهل يمكن حقا اعتباره فرعا للنظام الدولى بعد أن حرر الرأسمالية العالمية من كل لجام فصارت أكبر منه ومن قواعده؟ أما أغلبية البلدان النامية وشعوبها فهى تضررت من تحرير التجارة العالمية فى ظل السياسات النيوليبرالية التى اضطرت إلى اتباعها ثم وقفت متفرجة على الحرب التجارية بين قطبى النظام ثم على الرجوع فى قواعده التى كانت قد بُشِّرَت بخيرها. لم تنخفض معدلات الفقر فيها ولا ارتفع مستوى التشغيل وشروط العمل وظروفه ولا بالطبع تحسنت مستويات المعيشة.
***
النظام المؤسسى الدولى إطار لتحقيق التعاون بين الدول، وهو يضفى الشرعية على النظام الدولى الأوسع ويكفل استمراريته. غير أن الدول الكبرى التى كانت الأساس فى نشأته والمستفيدة الأولى به تتبرم منه لأنه لم يصبح على هواها. بسبب ذلك تحرشت الولايات المتحدة فى عهد رئيسها الحالى بمنظمة التجارة العالمية وأوقفت عملها، وهى هاجمت منظمة الصحة العالمية وهددتها، ومن قبل ذلك انسحبت من اليونسكو، كما انسحبت قبلها بعقود من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، دعك عن تداخلها فى عمل منظمة الأمم المتحدة وتجاهلها للقانون الدولى وهو ما يتبدى واضحا، فيما يخصنا، فى موقفها من القضية الفلسطينية، وهو موقف مخالف بشكل صارخ لقرارات المنظمة الدولية وللقانون الدولى. هل من تقويض أكثر من ذلك للنظام المؤسسى الدولى؟ فى النظام المؤسسى الدولى أوجه جلية لانعدام العدالة، وبالتالى لانتهاك القيم التى يرفع النظام شعاراتها، خاصة فى منظمة الأمم المتحدة، مثل العضويات الدائمة فى مجلس الأمن الدولى وحق النقض المكفول لها. النظام المؤسسى الدولى لا يمنع عن الدول الأعضاء حقائق توزيع القوة فى النظام الدولى الأشمل، غير أنه مع ذلك يقى البلدان النامية من العلاقات الثنائية مع الدول الأقوى، ويخفف عنها مجتمعة نفوذ هذه الدول، كما أنه قناة لتبادل الخبرات والتعاون الدولى المفيد لتنميتها. النظام المؤسسى ضرورة للبلدان النامية مثلما هو للبلدان المتقدمة وإن كابَرَ بعضها.
الافتراض فى النظام الدولى هو أن النموذج الأمثل للأنظمة السياسية فى البلدان كلها هو النظام الديمقراطى التعددى الليبرالى الذى يحترم حقوق الإنسان السياسية والمدنية، وكذلك الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لذلك ورد احترام هذه الحقوق بين مقاصد الأمم المتحدة فى المادة الأولى من ميثاقها. لهذا النموذج شرعيته التى يستمدها من واقع التعدد فى المجتمعات البشرية ومن الضرورة البديهية لاحترام الإنسان وصون كرامته وتلبية احتياجاته، وكذلك على ضوء نجاح البلدان التى أخذت بهذا النموذج فى التقدم والارتقاء بالنسب الأكبر فى شعوبها. غير أن إطلاق العنان للرأسمالية العالمية وللسياسات النيوليبرالية المشار إليها أعلاه أدى إلى عدم مساواة متزايدة وإلى نمو قوى سياسية شعبوية وصلت إلى السلطة فى بعض البلدان المتقدمة نفسها، وهى قوى معادية للتعددية والديمقراطية أصلا، أضف إلى ذلك أن السياسات النيوليبرالية إلى عجز عدد من هذه البلدان عن تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لقطاعات من سكانها، كما اتضح خلال أزمة كورونا. هذا وجه التقويض الثالث للنظام الدولى.
***
نظام مقوَّض فى دعائم متعددة له يستدعى التدخل لإعادة بنائه حتى يخدم أطرافه ويحقق لهم مصالحهم. النظام فى الأصل لا يأخذ فى الاعتبار تفاعلات موجودة بالفعل كما ذكر فى بداية المقال، وهو جدّت عليه تغييرات ينبغى التعامل معها. مجمل التعاملات لا بدّ أن يترجم فى النظام المؤسسى ليتخذ شكل البناء المتماسك المتفق عليه الذى يمنح التعاملات الشرعية ويكفل للقيم التى تهتدى بها أن تعمّ وتلقى القبول. سينبغى النظر فى الوحدات التى يضبط عملَها النظامُ الجديد والتى تشترك بشكل أو بآخر فى حوكمته. الشركات التى تعمل على تطوير لقاح للحصانة من كورونا، هل تترك لأهواء السوق وقواه لكى يستفيد باللقاح القادرون وحدهم أم هل ينظم عملها لصالح المعرضين للفيروس فى كل مكان؟ والمؤسسات غير الهادفة للربح كالتى قدمت مئات الملايين من الدولارات لتطوير لقاح أو لتعويض الموارد التى اقتطعها الرئيس الأمريكى من تمويل منظمة الصحة العالمية، كيف يمكن أن تشترك فى متابعة إنفاق منحها وفى صياغة سياسات المنظمة؟ والتفاوتات فى الدخول وعدم المساواة المتزايدة بين الناس فى كل مكان، المقوِّضة للتعايش السلمى الخالى من القهر والقمع، كيف يمكن علاجها فى العالم أجمع؟ ورأس المال المتنقل بين بقاع العالم بحثا عن أعلى عائد له، كيف يمكن مراقبته وإشراكه فى الاضطلاع بأدوار كانت تلعبها الدول من قبل وأصبحت عاجزة عنها بعد أن انتقل إليه منها ومن عنصر العمل فيها نسبا متزايدة الارتفاع من دخولها القومية؟ وحريات الناس ومشاركتهم فى إدارة الشئون العامة فى بلدانهم، كيف يمكن كفالتها فى وجود التكنولوجيا المستخدمة فى التحكم فى عقولهم ووجودهم؟ هل تترك شركات المعلومات والاتصالات بغير ضبط على المستوى العالمى؟ وعمليات التصنيع المنتشرة فى سلاسل للقيمة بين أكثر من بلد، كيف يمكن مراقبة شروط العمل وظروفه فيها، وما السبيل إلى ضمان انسياب منتجاتها فى أوقات الأزمات الصحية وغيرها؟ والتغيرات البيئية التى لا يجدى تصدى البلدان كل على حدة لها، كيف يمكن التعامل معها؟
الأسئلة السابقة تحيلنا إلى بداية المقال. هى وغيرها تكشف عن أن القضايا عالمية ولا يمكن لأى دولة ولا حتى لكل الدول مجتمعةً وحدها أن تتصدى لها. لن يكون سهلا التحول من النظام الدولى إلى النظام العالمى كما أنه لن يكون يسيرا على الدول قبول مشاركة فاعلين غيرها فى بناء نظام جديد يكون عالميا بحق. ولكن الضرورة ستهدى العقل البشرى إلى صيغة تقبل بها الدول هذه المشاركة.
يبقى الأهم وهو أن تنظم القوى الاجتماعية فى كل مكان نفسها وأن تتآلف فيما بينها لكى تشارك هى الأخرى وتفرض على النظام العالمى الجديد مراعاة مصالحها واحترام حقوقها.
مازال كورونا يشحذ التفكير فى النظام الذى يحكم تعايش البشر ونشاطاتهم.
أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.