تنفيذ 6 حالات إزالة لتعديات على أرض زراعية بمدينة أرمنت في الأقصر    وزارة التموين تفتح غدا صرف الخبز المدعم للمصطافين بالمحافظات الساحلية    قتل خلال معركة بالفاشر، معلومات عن علي يعقوب أحد أذرع حميدتي    أهداف مباراة الزمالك وسيراميكا فى الدورى    الإنقاذ النهرى يتمكن من انتشال طفل غرق فى مياه إحدى الترع بالدقهلية    الثالثة علمي علوم 2023 تنصح الطلاب: مراجعة وحل الامتحان حتى آخر دقيقة    مدير المسرح القومي: عروضنا في عيد الأضحى كاملة العدد وشباك التذاكر مفتوح    ابنة نور الشريف تكشف عن موقف إنساني لمنة شلبي تجاه والدها الراحل    ملك الأردن يؤكد ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة    غدا.. ضيوف الرحمن يتوجهون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    وزير الإسكان: إيقاف وإزالة عدة مخالفات بناء بمدن 6 أكتوبر والشروق والشيخ زايد وبني سويف الجديدة    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    ويزو: 'ممنوع الأكل في لوكيشن شريف عرفة بس أنا كنت مبسوطة'    شاهد| مراحل صناعة كسوة الكعبة بخيوط ذهبية وفضية.. والقرموطي: "شيء مبهر ومبتكر"    رابط التسجيل في منحة العمالة الغير منتظمة 2024 عبر موقع وزارة القوى العاملة    فيديو.. المفتي يوضح فضل العبادة في العشر الأوائل من ذي الحجة    اجتماع مشترك بين سيدات الأعمال باتحادي الغرف التجارية والصناعات    أمن القليوبية يكشف تفاصيل جديدة في واقعة قتل طفل القناطر على يد زوجة أبيه    غارات صهيونية على قطاع غزة مع استمرار فشل محادثات الهدنة.. بايدن يتهم حماس بأنها العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.. والاحتلال يستولى على أموال السلطة الفلسطينية    بيربوك: يجب على الاتحاد الأوروبي الحفاظ على ضغط العقوبات على روسيا    الأمير سعود بن مشعل يستقبل الرئيس السيسي في مطار الملك عبدالعزيز    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    هل تشغيل محطات الضبعة النووية يساعد في توفير الغاز لمصر؟ الوكيل يجيب    مودريتش يخالف رأي مبابي    الجيش الروسى ينفذ 19 ضربة مشتركة على منشآت استراتيجية أوكرانية    الخيار الاستراتيجي لبيزنس "بن سلمان".. الحجاج بين الترحيل أو مطاردين من شرطة مكة    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    كيف تساعد مريض الزهايمر للحفاظ على نظام غذائي صحي؟    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    قصف مستمر وانتشار للأمراض الخطيرة.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    في اليوم العالمي للتبرع بالدم، نصائح مهمة من هيئة الدواء للمتبرعين    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة مصلحة الشهر العقاري    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب50 مليار جنيه.. خبير يشرح التفاصيل    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    لاعب بيراميدز ينفى بكائه بعد التسجيل في مرمى سموحة    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديلات قانون رعاية المريض النفسي: تقهقر إلى الوراء
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 12 - 2019

تقدمت الحكومة فى نوفمبر الماضى بمشروع لتعديل قانون رعاية المريض النفسى رقم 71 لسنة 2009 إلى مجلس الشعب وتقوم لجنة الصحة فى المجلس حاليا بمناقشة هذه التعديلات، ورغم ما نصَت عليه المذكرة الإيضاحية المصاحبة للمشروع من أن تعديلات القانون «توفر مزيدا من الضمانات لحقوق المريض النفسى بتوفير حماية كافية للمريض ضد سوء المعاملة والاستغلال» فإنها فى الواقع تنتقص من هذه الحماية وتنتهك حقوق المريض النفسى فى العلاج وفى السلامة الجسدية وتعيد التشريعات المصرية القهقرى.
ولقد أقلقت هذه التعديلات بالفعل عددا من جمعيات وخبراء الطب النفسى الدوليين والمشهود لهم بالكفاءة، حيث أرسلت الجمعية العالمية للطب النفسى، الممثلة فى 120 دولة فى أنحاء العالم، والفدرالية الدولية للطب النفسى، ومستشارة منظمة الصحة العالمية وعدد آخر من الأساتذة البارزين خطابات إلى الأمانة العامة للصحة النفسية وإلى أعضاء مجلس الشعب يعربون فيها عن انزعاجهم من هذه التعديلات، خصوصا المتعلقة منها بالعلاج الكهربائى، والتى تعارض الاتفاقيات والمبادئ الدولية وتوصيات منظمة الصحة العالمية وكذلك التقاليد الطبية المستقرة فى علاج المرضى النفسيين.
***
لقد صدر قانون رعاية المريض النفسى، الذى تستهدفه التعديلات، عام 2009 ليستبدل بالقانون الذى كان يحمل اسم «قانون حجز المصابين بأمراض عقلية» الصادر عام 1944، عندما كان المرض النفسى يعتبر خللا دائما لا يكاد يوجد أمل فى شفائه أو السيطرة على أعراضه وحيث كان يتم احتجاز المرضى فى المستشفيات ربما مدى الحياة، وقد ظل هذا القانون ساريا فى مصر أكثر من ستين عاما رغم الانقلاب العلمى الكبير واكتشاف الأدوية والعلاجات النفسية الناجعة فى النصف الثانى من القرن الماضى ورغم تكشف العديد من القصص المروعة عمَا يحدث للمحتجزين خلف أسوار المستشفيات وتعرضهم لشتى أنواع الانتهاكات والعلاجات القسرية وخصوصا العلاج الكهربائى والتقييد الجسدى وسوء المعاملة وأيضا سوء استغلال النفوذ.
تكمن الركيزة الأساسية فى حماية المريض النفسى فى وضع ضوابط على الحجز والعلاج الإجبارى، فالطبيب النفسى يملك سلطة إصدار قرار بحجز المريض إجباريا وإعطائه علاجا رغم إرادته قد يشل قدرته على الاعتراض أو المطالبة بحقوقه، لذا تضع القوانين الحديثة ضوابط لمراجعة قرار الطبيب المعالج والحصول على وجهة نظر طبيب آخر مختص ومسجل ومن خارج المنشأة ولا تربطه صلة بالطبيب الأول (تقييم مستقل) قبل علاج المريض المحتجز، وقد اهتمت القوانين بالعلاج الكهربائى على وجه خاص ووضعت ضوابط محددة لاستخدامه سواء فى حالات موافقة المريض أو ضد إرادته، وقد سعى قانون 2009 إلى مواكبة التطورات العلمية فى هذا المجال واتباع هذه الضوابط المستقرة والمتعارف عليها.
لكن التعديلات المطروحة تضرب عرض الحائط بهذه الضوابط، وتفتح باب إساءة استخدام العلاج الكهربائى على مصراعيه وضد مصلحة المريض، حيث تنص على إمكانية إعطاء المريض جلستين من العلاج الكهربائى «عند اللزوم» دون انتظار رأى طبى مستقل! ليس مفهوما حقا ما هو اللزوم الطبى لهذا الاستثناء، أو ما وجه الاستعجال، ومن يحدد هذا اللزوم، وهل سيتبع هذا الاستعجال أيضا إغفال عرض المريض على اختصاصى الأمراض الباطنية، وإغفال استدعاء طبيب التخدير وإغفال منع المريض من الطعام لمدة 6 ساعات على الأقل كما يجب قبل الجلسات، وكيف يتوافق اللزوم والاستعجال مع كل هذا ومع السماح بجلستين يفصل بين كل جلسة وأخرى ثلاثة أيام على الأقل؟!
وإذا كانت جميع حالات الدخول الإلزامى، بطبيعتها، حالات طوارئ تتطلب علاجا عاجلا وغالبا إجباريا، فهل قد يعنى هذا أن جميع المرضى الذين تم دخولهم إجباريا معرضون لتلقى العلاج الكهربائى بدون أخذ وجهة نظر طبيب آخر.
فى كل الأحوال تنص توصيات منظمة الصحة العالمية المتعلقة على أنه لا يجوز أن يشمل العلاج الطارئ «استخدام العلاج الكهربائي… أو أيا من العلاجات التى لا يمكن الرجوع عن آثارها مثل الجراحات النفسية» فهل تضرب التعديلات عرض الحائط أيضا بتوصيات منظمة الصحة العالمية؟
العلاج الكهربائى مثل التدخل الجراحى يتم تحت تخدير كامل وباسط للعضلات، وتتضمن سجلات المستشفيات العديد من الحالات التى تعرضت لمضاعفات وأحيانا للوفاة عند استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية، ويلزم التأكد من تطبيق ضوابط استخدامه وليس التوسع فيها وفتح الثغرات لسوء الاستغلال.
***
لقد استخدمت التعديلات المطروحة مصطلحا غير متفق عليه فى الأوساط الطبية هو «ضبط إيقاع المخ» بدلا من العلاج الكهربائى أو العلاج بالصدمات الكهربائية، وهو مصطلح وصفه الخبراء بأنه زائف وبالتالى مضلل، وربما الغرض منه تمرير التعديلات بسهولة لدى غير الخبراء والمتخصصين، ومن المؤسف حقا أن تنشغل الحكومة بهذه الأساليب وبطرح تعديلات تخالف الأعراف والمبادئ والتزامات مصر الدولية، وتعيد إلى التطبيق أحكاما بالية تخطاها الزمن وتسمح بسوء استخدام النفوذ. نأمل بدلا من هذا أن تنشغل الحكومة بمشروعات تحمى حقوق المرضى النفسيين وتحسِن من خدمات الصحة النفسية وأحوال المستشفيات العامة التى تعانى بالفعل نقصا شديدا فى الأطباء والتمريض والتمويل والتجهيزات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.