حديث الساعة والدقيقة فى أوساط الرياضة المصرية هو الإعلام، ودوره، وكيف أنه أصبح إعلاما شخصيا، وعصبيا، يتناول قضايا لا علاقة لها بالرياضة، وكنت تحدثت كثيرا عن الإعلام والحالة التى وصل إليها، وحذرت منذ أعوام، من البرامج الشخصية، والبرامج التى تهاجم برامج، والبرامج التى تفتش عن أخطاء المدربين والاتحادات كأنها تفتش عن كنز. وتحدثت عن الزملاء الذين يبنون برامجهم على أنقاض وأخطاء برامج زملاء.. ويدهشنى أن دعاة هذا كله فى الإعلام الرياضى، هم من يتحدثون عن اليوم عن خطر الشخصنة، وعن البرامج الشخصية وعن البرامج التى تهاجم برامج.. يدهشنى أن الذين فتحوا باب «الردح والقدح» ينعون لنا اليوم زمن الإعلام الجميل. كيف ينسى القلم اليوم ما سطره بالأمس، وكيف ينفى اللسان اليوم ما يقول به كل يوم.. هل تلك هى الشيزوفرنيا؟! لكن لماذا وصل حال الإعلام الرياضى إلى ما وصل إليه؟! سببان لا ثالث لهما.. الأول هو غياب الضمير المهنى، ومنهم من يسأل الآن يعنى إيه ضمير ويعنى إيه مهنى؟!. والواقع أن كل إنسان يقوم بعمل ما يحكمه فى هذا العمل الضمير.. ويحاسبه هذا الضمير على صدقه وجديته وعدله ومساواته بين الناس، وقدرته على أداء رسالته.. وصاحب الضمير الإعلامى يسعده أن تصل رسالته ويسعى بكل ما يملك إلى إيصالها.. أما الذين لا يعرفون الضمير المهنى ويرون الشاشة مراية.. فإنهم يقدحون ويردحون، لأنهم أصحاب جماجم فارغة! السبب الثانى لتلك الفوضى والبلطجة الإعلامية هو غياب الحساب العسير لكل من يخرج عن حدود اللياقة الإعلامية.. لكن كم مرة خرج من خرج عن تلك اللياقة وظل فى موقعه بلا حساب. كم مرة سب وشتم إعلاميا وهاجم وجرح بسكين شخصيات ومدربين وحكاما ولم يحاسبه أحد؟. كم مرة ردح أحد الإعلاميين لزميله وطرحه أرضا أمام المشاهدين بكلمات مسيئة ومثيرة؟. كم مرة حدث ذلك ولم يحدث فى أية مرة أى شكل من اشكال الحساب أو العقاب؟! هناك تفسير ثالث لا أقبله شخصيا.. وهو أن «الجمهور عاوز كده».. عاوز يتفرج على خناقات ومعارك وتجاوزات وفوضى، لأن كل ما يحيط به هو الفوضى.. الجمهور يستمتع بتلك البرامج، يسعده أن يتناقل ما فعله فلان بفلان.. يحب أن يتسلى.. ولعلكم تذكرون أن ذروة الضحك عند الأطفال فى عروض الأراجوز كانت حين يضرب زوجته بعصاه الخشبية.. والضرب اليوم فى الإعلام بالقلم وباللسان.. والمضروب هو المدرب والفريق واللاعب والمسئول والحكم والزميل.. والضارب هو غالبا الأراجوز.. العب يا.. أراجوز وفرج الناس!