مرة أخرى تتصدر فيها الهندوباكستان عناوين الصحف العالمية، بعدما أعلنت الحكومة الاتحادية الهندية، متمثلة في وزير الداخلية الهندي أميت شاه، اليوم الاثنين، عن إلغاء الحكم الذاتي للشطر الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير المتنازع عليه وسبب العداء المستمر بين الجارتين النوويتين، منذ أربعينيات القرن الماضي. تعود خلفية الموضوع لتوترات تصاعدت على جانبي الحدود في كشمير منذ 10 أيام، بعد أن اتخذت السلطات الهندية إجراءات أمنية مشددة في كشمير، بدأت بتعليق خدمات الهاتف، وإرسال نحو 70 ألف جندي إضافي للولاية، وإغلاق المدارس والجامعات في كبرى مدن الإقليم والمناطق المحيطة بها، فضلًا عن وضع زعماء الولاية قيد الإقامة الجبرية في المنزل، وذلك بزعم معلومات عن تهديدات إرهابية من الدولة الباكستانية، وسط نفي السلطات في إسلام آباد.
السلطات الهندية اتخذت جميع القرارات، بينما يؤدي وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، مناسك الحج في مكةالمكرمة، والذي ندد بالقرار الهندي من موقعه، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تنتهك القرار الصادر عن الأممالمتحدة، وأن إسلام آباد ستكثف جهودها الدبلوماسية للحيلولة دون تنفيذ القرار. - 2019.. نزاع طويل بفبراير الأسود جاء قرار الحكومة الاتحادية الهندية بعد تصاعد حدة التوتر بين الجارتين النوويتين، في العام الحالي، بدأت حينما نفذت عناصر تابعة لجماعة جيش محمد، التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، عملية انتحارية في 14 فبراير، بالشطر الهندي من ولاية كشمير، أسفرت عن مقتل 40 جنديًا هنديًا على الأقل، في هجوم وصف بأنه الأكثر دموية ضد القوات الهندية بالولاية منذ عام 1989. القوات الهندية ردت بضربات جوية، في 26 فبراير، عن طريق 12 طائرة شنّت غارة جوية داخل الأراضي الباكستانية، استهدفت معسكرًا لجماعة جيش محمد، لتسفر عن مقتل 360 شخصًا، وفق ما ذكر الجانب الهندي، وسط نفي من باكستان بسقوط قتلى أو مصابين. تعاملت قوات الجيش الباكستاني مع الطائرات الهندية، واعتراضت الهجوم، وأسقطت طائرتين قبيل مغادرتهم البلاد، وأسرت أحد الطيارين الهنود، قبل أن تفرج عنه، لترد الهند بإسقاط طائرة باكستانية في اشتباكات جوية في 27 فبراير.
بعد ذلك، هدأت النزاعات بين البلدين قليلًا خلال الشهور الماضية، قبل أن تصدر الهند قرارها، الذي حذر الزعماء السياسيون في كشمير من عواقبه، مشيرين إلى احتمالية تصعيد كبير في أعمال العنف داخل الإقليم الذي يشهد تمردًا انفصاليًا، وفقًا لصحيفة «فرانس 24» الفرنسية. - الهندوباكستان.. تاريخ من الصراع النزاع والتوتر في العلاقات بين الجارتين النوويتين في تصعيد دائم، بسبب إقليم كشمير، فخلال 70 عامًا من الخلافات والصراعات، شهدت الجارتين عدة حروب، بخلاف المناوشات وتبادل إطلاق النار المستمر إلى الآن بين قوات البلدين، على الرغم من اتفاقات التهدئة. - صراع كشمير.. سببه حاكم الإقليم بدأ الصراع بين الجارتين النوويتين على الإقليم الواقع على الحدود المشتركة بينهما، في أربعينيات القرن الماضي، تحديدًا منذ إعلان انفصال باكستان عن الهند، ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية وتزامنًا مع اعتزام بريطانيا منح الاستقلال للهند، التي كانت تعتبر من أكبر مستعمراتها في العالم، وافقت الإمبراطورية التي كانت تلملم أطرافها في تلك الفترة، على طلبات المسلمين بالانفصال عن الهند، وإنشاء دولة مستقلة لهم، ليعلن بذلك قيام باكستان عام 1947.
كان قرار التقسيم الذي سنه البرلمان البريطاني يعتمد في الأساس على تقسيم الولايات تبعًا للمذهب الديني، على أن تنضم الولايات ذات الغالبية الهندوسية إلى الهند، والغالبية المسلمة إلى باكستان، لكن حاكم الإقليم الكشميري آنذاك «هاري سينج»، اختار انضمام ولايته للهند متجاهلًا رغبة السكان المسلمين، قبل أن يتردد في حسم موقفه، ما دفع البلدين إلى خوض حرب استمرت لمدة عامين، وواصلت تداعياتها في النشوب حتى الآن. - حروب متعددة.. بسبب الإقليم منذ استقلال باكستان عن الهند، دارت بين الجارتين مناوشات على فترات متقطعة؛ حيث يرى كل منهما في إقليم كشمير حقًا له، وتبرر الهند ذلك بأنها في حال انفصال الإقليم عنها قد تصبح مهددة بمطالب محتملة في ولايات أخرى بالانفصال، وبالنسبة لباكستان فإن «كشمير» موقع استراتيجي لأسباب عدة، أحدها كونه منبع 3 أنهار تجري في أراضيها، لهذا كانت حروب الطرفين في سبيل ضمه خيارًا قريبًا دائمًا، لذلك شهدت الهندوباكستان ثلاثة حروب شاملة حول تلك المنطقة الاستراتيجية المهمة. - 1947.. تقسيم كشمير اندلعت الحرب الهنديةالباكستانية الأولى، عام 1947، واستمرت لمدة عام و4 أشهر، حتى تدخلت الأممالمتحدة في النزاع، وأصدر مجلس الأمن قرارًا في 13 أغسطس 1948، ينص على وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، قبل أن يتم تقسيمه بين البلدين، بشطر هندي يبلغ 48٪ من الإقليم، معروف باسم "جامو وكشمير"، وأخر باكستاني يصل ل 35٪ معروف باسم "آزاد كشمير"، وال 17٪ المتبقية خاضعة لإدارة الصين.
- 1965.. الهند تلغي التقسيم بعد تقسيم الإقليم بدأ يسود المجتمع الدولي اقتناع بأن القضية المتنازع عليها قد تم حلها، قبل أن يتوتر الموقف بين الهندوباكستان بصورة خطيرة، بعد عدة سنوات، إثر اضطرابات طائفية بين المسلمين والهندوس في كشمير، حتى وصلت الأزمة إلى حافة الحرب بعدما أعلنت الهند إغلاق باب التسوية السياسية وإلغاء الوضع الخاص بكشمير؛ ما ساعد في شن الحرب الثانية عام 1965، التي توقفت بتوقيع الدولتين على اتفاقية (طشقند) في 23 سبتمبر عام 1965، التي تنص على وقف إطلاق النار بين الجانبين، بقرار من مجلس الأمن.
- 1971.. قيام بنجلاديش ورغم توقف القتال بعد اتفاقية (طشقند) فإن مشكلة كشمير التي فجرت الحرب بينهما للمرة الثانية لم تحل، الأمر الذي مهد الطريق أمام الحرب الثالثة عام 1971، والتي عرفت بحرب الأسبوعين أو الحرب الخاطفة التي وضعت أوزارها بانتصار الهند، حيث أدت إلى فصل باكستانالشرقية عن الغربية وقيام جمهورية بنجلاديش، والتي يعتبرها بعض الخبراء العسكريين أهم وأخطر الحروب المندلعة بين الدولتين.
- مناوشات وتبادل إطلاق النار.. رغم الاتفاقيات منذ عام 1989 وحتى الآن، حافظت الهندوباكستان على اتفاقيات وقف إطلاق النار وفقًا لمجلس العلاقات الخارجية، بالرغم من تبادل الجارتين النار بانتظام عبر الحدود، مع استمرار أعمال العنف داخل كشمير والعمليات المسلحة ضد الهند، التي تزيد من احتمالات وقوع الصدام مجددًا بين الدولتين النوويتين، الأمر الذي يهدد استمراره بتفجر حرب رابعة، بين الدولتين تثير مخاوف المجتمع الدولي، وستكون هي الأولى بعد دخولهما النادي النووي في تسعينيات القرن الماضي.