غيب الموت الفنان عزت أبو عوف -فجر اليوم الاثنين- عن عمر ناهز 70 عاما، عقب صراعه مع المرض، داخل أحد المستشفيات الخاصة بمنطقة المهندسين، التي مكث بها قرابة الشهر ونصف الشهر، على إثر مضاعفات صحية بالقلب والكبد. وعقب رحيله تستعرض الشروق الوجه الفني الآخر للراحل أبو عوف والذي قد لا يعرفه الكثيرين من أبناء الألفية الجديدة كان وراء الوجه السينمائي الأنيق، الملقب ب«جنتلمان السينما العربية»، عزت أبو عوف قصة عشق للموسيقى التي أثرت في وجدانه منذ طفولته محاكيًا لوالده الذي ترك الحياة السياسية ليتفرغ للفن، فنصف عزت أبو الآخر كعازف وموسيقي ربما لا يعرفه الكثيرين من أبناء اللالفية الجديدة. على غرار والده.. عاشق للموسيقى ! فمحمد عزت أحمد شفيق أبو عوف، الشهير بعزت أبو عوف، ولد في 21 أغسطس 1948، بعد عامين إثنين من قدوم والده من مدينة بنى مزار بالمنيا إلى القاهرة، تاركًا الحياة السياسية وقاصدًا الفن، تعلم العزف منذ نعومة أظافره، بعدما انتقل برفقة أسرته إلى فيلا رجل الأعمال الشهير، شيكوريل، بالزمالك عام 1957 ثم سلك طريقه مع الموسيقى وعالم الاستعراضات كعازف على البيانو والأرج، بالإضافة إلى موهبته في التوزيع والتلحين التي ورثها من والده، مؤلف موسيقى فيلم «عروس النيل» المعروض عام 1963، ومصمم استعراضات فيلم «القاهرة 30» عام 1966، ثم رئيس اللجنة الموسيقية العليا. تجديد انتقده التيار الكلاسيكي! نشا أبو عوف في بيئة فنية؛ فبرع في علوم الموسيقى، إلى جانب تفوقه الدراسي الأمر الذي دفع والده لإجباره على الالتحاق بكلية الطب، رغم التحاقه بمعهد الكونسرفتوار بعد انتهائه من المرحلة الثانوية. الأرج.. بوابة مروره إلى عالم الفن! وبدأ مسيرته الفنية كعازف للأورج متثائرًا بوالده المحب للموسيقى، ففي سن التاسعة عشر، وفي أولى أعوام دراسته للطب انضم إلى فرقة « les petites chats » «لوبوتيشاه» برفقة أصدقائه طلعت زين وعمر خورشيد وعمر خيرت ووجدي فرانسيس وطلعت زين وهاني شنودة محاكيين بذلك حركة«الهيبيز» الأمريكية ذات الطابع اليساري التي نشأت في خمسينات القرن الماضي لتثور على عادات المجتمع الأمريكي. كانت الفرقة في بداية ظهورها معتمدة على تقديم الفن الغربي للمجتمع المصري، إذ يمكن اعتبارها من أوائل الفرق التي رسخت لوجود «الباند» في عالمنا العربي، وحققت نجاحًا كبيرًا في أوساط الشباب المصري، حتى أنها أصبحت تشكل هوسًا لهم، الأمر الذي عرضها لانتقادات لاذعة من التيار الكلاسيكي حتى أنها لقبت ب«فرقة الخنافس» جراء سيطرتها على عقول الشباب ومحبي التجديد آنذاك، تطورت فرقة لوبوتيشا وأضحت تقدم أعمالها الخاصة، قبل أن يسلك كل عضو بها طريقه الخاص بين موزع وملحن وعازف، ليشتهروا جميعًا في عالم الموسيقى. انضم أبو عوف أيضًا أثناء دراسته للطب إلى فرقة «Black Coats» التي أسسها الفنان "إسماعيل الحكيم" نجل الكاتب الكبير توفيق الحكيم، عام 1968، التي اشتهرت في أوساط الشباب لتقديمها موسيقي "الروك آند رول" الشعبية السائدة في أمريكا وبريطانيا في ستينات القرن الماضي. الموسيقى التصويرية .. بوابة فنية جديدة ! اقتحم أبو عوف عالم الموسيقى التصويرية، محاكيًا مسيرة والده،فعقب انتهاء فرقتي "لوبوتيشا" و "بلاك كوتس " في نهاية السبعينات ألف موسيقى مسلسل «حكاية ميزو» أحد أشهرالمسلسلات آنذاك، والذي شارك في بطولته كل سمير غانم، وفردوس عبد الحميد، وإسعاد يونس، ثم لحن سكتش مسرحي في مسرحية «الدخول بالملابس الرسمية» للفنانين القديرين، أبوبكر عزت، وسهير البابلي، كما ألف الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام والمسلسلات ك"حساب السنين"، "حكاية رجل سعيد" "رحلة هادئة" ، و"عاد الماضي" بحسبما أورده الكاتب محمد قابيل في موسوعة الغناء في مصر، الصادرة عام 2006. فور أم .. فن عائلي يقدم الماضي بعيون الغد! لم يكتف بتأليف وتوزيع الموسيقى؛ فعقب تخرجه من كلية الطب كون فرقته الموسيقية الخاصة، ففي 1979 كون ال”فور إم" مستعينًا بأخواته الأربعة مها ومنى وميرفت ومنال، لتصبح أول فرقة عائلية في مصر والوطن العربي، حقق بو عوف برفقة أخواته نجاحًا كبيرًا في عالم الغناء الاستعراضي المعتمد على خفة الأداء، وعلى غرار " لوبوتيشا " فضل أبو عوف البدء بأغنيات يعرفها الجماهير، لكن مع إجراء تحديث على ألحانها وتوزيعها للتناسب مع اللون الذي تقمدمه فرقته. فنالت فرقته إعجاب الشباب لكنها أزعجت محبي الكلاسيكية، فبعدما قدمت "الفور أم " أوبريت الليلة الكبيرة بلحنها الجديد وأداءها الخاص انزعج الموسيقار الكبير سيد مكاوي واتهم عائلة أبو عوف بافساد اللحن، الأمر الذي اعتذر عنه أبو عوف، قبل أن يعيد الأغنية إلى لحنها الأصلي. ابتعد عزت من مهنة الطب وتفرغ لل"الفور إم"، واصل أبو عوف مسيرته مع " الفور أم" لنحو 12 عامًا،قدم خلالها أغنيات الأمس يصبغة اليوم والغد مستهدفًت شريحة الشباب، وترك مهنة الطب ليعيرفرقته كل وقته فانطلقت بخطى متسارعة نحو النجاح بعدما جاء أول عروضها في مهرجان الإسكندرية السينمائي الأول مطلع الثمانينات، قدمت الفور أمأغنيات الأمس ولكن مع مراعتها متطلبات اليوم، فأعادوا تلحين «وانا كل ما أقول التوبة» لعبد الحليم حافظ، وسكتش «عيني بترف»، و«قولي ولا تخبيش يا زين» «حبيبي يا عيني » و «يا عوازل فلفلوا» وأدوها بلونهم الخاص، كما قدموا سلسلة من الأغاني المصورة للأطفال نقلها التلفزيون المصري ك"ليلة العيد اشتقنالك" و"مغنواتي" و"الولا دا" و"دبدوبة التخينة" حققت فرقة أبو عوف نجاحًا كبيرًا مطلع الثمانينات قبل أن تنفصل في نهاتيتها بسبب زواج الأخوات واحدة تلو الأخرى لينتهي مشوارها بعد حصيلة ثمان ألبومات غنائية هي: "جنون الديسكو"، "الليلة الكبيرة"، "مغنواتي"، "لا عجبك كده ولا كده"، "ليالي زمان"، "خلي الستارة، متغربين"، "دبدوبة التخينة، وفضلًا عن الحفلات الخاصة ومشاركتها في فيلم «ابني وحيدي حبيبي». لم يسع أبو عوف للتمثيل لكن القدر اختاره له مصادفة بعدما اختاره منتج فيلم آيس كريم في جليم، لدور لدور ثانوي عام 1992 ليصبح عقبه أحد ألمع نجوم السينما والتلفزيون، عقب انتهاب مسيرته الموسيقية تماما في مطلع تسعينات القرن الماضي.