خلال السنوات الماضية أثارت تقنيات الذكاء الاصطناعي الكثير من الجدل، لاسيما في استخداماتها المتعلقة بتعديل الصور ومقاطع الفيديو، حيث أتاحت لغير المتخصصين امكانيات التعديل السريع والمتقن للصور، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول خصوصية الأفراد مع الانتشار الواسع لمشاركة الصور الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي وإمكانية التلاعب بها من قبل أي شخص. مؤخرا وتحديدا في 23 يونيو الجاري، قام أحد المبرمجين المجهولين ويدعى «ألبرتو» بإطلاق تطبيق مخصص للكمبيوتر النظامي لينكس وويندوز، تحت اسم "ديب نود"، يمكن من خلاله تعرية صور النساء وإظهارهن بدون ملابس، حسبما أدعى عبر حساب باسم التطبيق على موقع تويتر. وخلال الأيام الماضية كثر الحديث عن التطبيق الذي يستخدم خوارزمية تعلم آلي، وشبكات عصبية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وصار محل اهتمام وانتقاد واسع حول العالم، بعد ما نشر موقع "VICE" تقريرا عن تطبيق "DeepNude" الذي يسمح عن طريق إدخال صور عادية لأشخاص يرتدون ملابسهم إليه، بتكوين صورة أخرى بدون ملابس، خلال 30 ثانية باستخدام نحو 10 آلاف صورة عارية متوافرة على الانترنت تقوم خوارزمية البرنامج بتوفيقها ودمج ما يتناسب مع الصورة الأصلية لتبدو الصورة المستخرجة عارية، ولكنها بالطبع مزيفة. إلا أن هذا التسلسل لا يعمل دوما فبحسب "VICE" الذي اختبر "ديب نود"، فقد عمل البرنامج الذي لم يتطلب استخدامه الكثير من الخبرات، بمستويات نجاح متفاوتة على صور نساء يرتدين كامل ملابسهن، ولكنه فشل كليًا مع الصور الفوتوغرافية التي تستخدم إضاءة أو زوايا غير معتادة، بينما يعمل بشكل أفضل على الصور ذات الدقة العالية التي يظهر فيها مساحة أكبر من جلد الشخص. وتم تغطية الصور الناتجة عن الإصدار المجاني بعلامة مائية كبيرة، بينما تمت إزالتها ووضع علامة مزيف "FAKE" أعلى الصورة في النسخة المدفوعة، قد يكون من السهل إزالتها باستخدام فوتوشوب. وقالت كاتيلين بودن، مؤسسة حملة لمناهضة الانتقام الجنسي ل"VICE": "هذا أمر مرعب، الآن يمكن لأي أي شخص أن يجد نفسه ضحية للانتقام الإباحي دون أن يكون له أي صورة عارية، يجب ألا تتاح هذه التقنية للجمهور". ووصفت دانييل سترون، أستاذة القانون بكلية الحقوق بجامعة ماريلاند، والتي أدلت بشهادتها مؤخرًا أمام الكونجرس الأمريكي، عن تهديد تقنية deepfake، التقنية بأنها "غزو للخصوصية الجنسية"، وأضافت ما أخبرتها إياه إحدى ضحايا تلك التقنيات بأنها شعرت أن الآلاف رأوها عارية، وأن جسدها لم يعد ملكًا لها". وبحلول ظهر ال27 من يونيو، أعلن حساب التطبيق في بيان على موقع تويتر إيقاف البرنامج وأنه لن يتم إصدار أي إصدارات أخرى منه، وقال: "تم انشاء هذا التطبيق قبل بضعة أشهر لغرض ترفيه المستخدمين، وكنا نعتقد أننا سوف نجني بعض المبيعات كل شهر، ولم نتصور أبدًا أنه سينتشر بهذا الشكل الفيروسي، واحتمالات إساءة استغلال التطبيق واردة، ولا نريد أن نجني المال بهذه الطريقة"، مشيرا إلى أن التطبيق ليس عظيما فهو يعمل مع نمط خاص من الصور، داعيا من حصلوا على نسخة عدم نشرها مجددا. ورغم تعطيل المطور لخادم تحميل التطبيق من الموقع الرسمي له، فقد انتشرت نسخ البرنامج على نطاق واسع عبر الانترنت، وبات بإمكان كل من استطاع تحميل التطبيق استخدامه. ووفقا ل"VICE"، فإنه مقارنة بالتطبيق الجديد الذي يستغرق 30 ثانية لإنتاج صورة مزيفة، تستغرق مقاطع الفيديو المعدلة بتقنية Deepfake، ساعات أو أيام لإنتاج مقطع فيديو مقنع. ويقول مطور التطبيق الذي استخدم الاسم المستعار "البرتو"، في رسالة عبر البريد الإلكتروني مع الموقع إن البرنامج قائم على خوارزمية "pix2pix" مفتوحة المصدر، التي طورها باحثون من جامعة كاليفورنيا، عام 2017، حيث تستخدم الخاصية شبكات خصومات توليدية (GANs)، لتدريب الخوارزمية على العمل على مجموعة ضخمة من البيانات، وفي حالة تطبيق DeepNude، تم استخدام أكثر من 10 آلاف صورة لنساء عرايا متوفرة على الإنترنت، مشيرا إلى أنها تشبه الخوارزمية التي يتم استخدامها في مقاطع فيديو deepfake، وأيضا المستخدمة في نظم السيارات ذاتية القيادة لتحديد سيناريوهات المسار على الطريق. وأشار المطور أيضا إلى أن الخوارزمية تعمل فقط على صور النساء، لكثرة وسهولة العثور على صورهن عارية عبر الإنترنت، لكنه يأمل في انشاء نسخة للذكور أيضًا. وقال: "منذ حوالي عامين اكتشفت امكانات الذكاء الاصطناعي وبدأت في دراسة الأساسيات، عندما اكتشفت أن شبكات GAN، كانت قادرة على تحويل صورة نهارية إلى صورة ليلية، وادركت أنه من الممكن تحويل صورة بملابس إلى صورة عارية، مدفوعًا بالمرح والحماس لهذا الاكتشاف، قمت بإجراء اختبار أولى وحصلت على نتائج مثيرة للاهتمام". ونفى أن يكون متلصصًا، قائلا: أنا متحمس للتكنولوجيا، واستمر في تحسين الخوارزمية، وفي الآونة الأخيرة، بسبب المشاكل الاقتصادية، سألت نفسي عما إذا كان بامكاني الحصول على عائد من التطبيق، لهذا السبب طورت DeepNude". وقال "البرتو" إن فكرة الاستخدام الأخلاقي للتطبيق دارت بذهنه وقد سأل نفسه عما إذا كان يجب أن يتم إعداد البرنامج، وهل يمكن أن يؤذي شخصًا؟، موضحًا أنه اعتقد أن ما يقوم به التطبيق يمكن القيام به بشكل جيد للغاية بواسطة برامج "فوتوشوب". وأضاف: "قلت لنفسي أيضا: التكنولوجيا في متناول الجميع، وإذا كان لدى شخص ما نوايا سيئة، فإن وجود "ديب نود" لن يغير كثيرًا، وإذا لم أفعل ذلك، سيقوم شخص آخر بفعله". pic.twitter.com/8uJKBQTZ0o — deepnudeapp (@deepnudeapp) June 27, 2019