أحيانا تزعجنا الرغبة في حك جلد منطقة منتصف الظهر من حين لآخر، وعادة ما تكون تلك الرغبة مجرد "وهم"، فلا تستطيع تحديد المنطقة المراد حكها من الجلد، ولا يوجد سبب واضح لتلك الرغبة، فليس هناك إحمرار، أو تهيج، أو حتى تشخيص باضطراب جلدي، بالرغم من كونه أمرًا مزعجًا، لكنه لا يعطل حياتنا. بحسب صحيفة الواشنطن بوست، فإن هذا ليس هو الحال دائما، بالنسبة لكل من يعاني الحكة. وفقًا لبرايان كيم، المدير المشارك بمركز دراسة الحكة بكلية الطب جامعة واشنطن، فإن نحو 15% من سكان الولاياتالمتحدة يعانون من الحكة المزمنة، وأظهرت الدراسات أن تأثيرها على نوعية الحياة يعادل الألم المزمن. ووفقًا لتوماس إم كاهي، طبيب الأمراض الجلدية، فإن الحكة هي الشكوى الرئيسية لحوالي 20% من مرضاه الجدد، وكثيرا ما يثير مرضاه من كبار السن هذه الشكوى خلال فحوصات سرطان الجلد السنوية، والتي غالبا ما تتعلق بمشكلات بسيطة، إلا أنه أحيانا ما تكون تلك الشكوى طلبًا جادًا للمساعدة. هناك المئات من الأسباب التي تدعو الناس لحك جلدهم، من بينها جفاف الجلد، واضطربات الجلد الناجمة عن "الصدفية"، والتهاب الجلد نتيجة ملامسة الملابس الخشنة، والحساسية من وبر الحيوانات الأليفة، والصابون، ومنظفات الملابس، والعطور، كل تلك الأسباب تعرف باسم الإكزيما إضافة إلى حالات شائعة مثل لدغ الحشرات والتعرض للبلاب السام. يشير كيم، إلى أن هناك أيضًا أسباب غير متوقعة، بعضها خطير، وتشمل مرض السكري وأمراض الكلى وبعض أنواع السرطان، موضحًا: "قد يفاجئ الناس أن ما قد يسبب الحكة هو التلف في الأعصاب المتفرعة من النخاع الشوكي بسبب وجود مشاكل بالرقبة أو الظهر، وهناك شيء آخر قد لا يعرفه الناس وهو أنه في حالات نادرة، يمكن للسرطان - وخاصة الأورام الليمفاوية وسرطان الدم - أن تصاحبها الحكة". ويضيف كاهي، أن الحكة الشاملة على سبيل المثال يمكن أن تكون علامة على سرطان البنكرياس نتيجة انسداد القنوات الصفراوية. وفي سرطان الغدد الليمفاوية (اللاهودجكينية)، يبدأ السرطان في خلايا الدم البيضاء ويهاجم الجلد ، مسببًا طفحًا مزمنًا وحكة "يخلط في كثير من الأحيان مع أشكال حميدة من الأكزيما"، مشيرًا إلى أن حوالي ثلث مرضى الكلى يعانون في المراحل المتقدمة من الحكة "بسبب تراكم السموم". يعتقد كيم وآخرون، أن الجهاز المناعي للجسم لاعب أساسي، وربما نعتقد أن استجاباتنا المناعية تنتهي في نظام المناعة لدينا، لكن دورة حكة الخدش تشرك الجهاز المناعي بالجسم كله، وتتفاعل مع السلوك والبيئة أيضًا". وتشير الأبحاث الحديثة التي أجريت على الفئران إلى وجود صلة بين الحكة والحساسية الغذائية، وهي أيضًا استجابة مناعية. وفي الحيوانات، أدى خدش الجلد إلى زيادة عدد خلايا (mast) المناعية – وهي الخلايا المناعية التي تشارك في تفاعلات الحساسية - في الأمعاء الدقيقة ، مما يشير إلى وجود علاقة محتملة بين الحساسية الغذائية والتهاب الجلد، وفقًا لدراسة من قبل العلماء في مستشفى بوسطن للأطفال. أما بالنسبة للرغبة "الوهمية" في حك الجلد، يعتقد كل من كاهي وكيم، أنه من المحتمل إصابة من يعاني منها بمرض شائع يسمى (notalgia paresthetica )، والذي تكون أعراضه رغبه في حك الجلد، ولكنه يتعلق بالأعصاب. يقول كيم: "نعتقد أن الأعصاب التي تنقل الإحساس من الظهر أصبحت تالفة أو مختلة وظيفيًا؛ ما يسبب الحكة، إنه نوع من الحكة الوهمية لأنه لا يوجد تحفيز أساسي في الجلد.