تحيي منظمة الصحة العالمية، غدا الأحد، اليوم الدولي للقابلات (الُمولدة) لعام 2019، تحت شعار "القابلة في مقدمة المدافعين عن حقوق المرأة"، حيث يهدف الاحتفال إلى إبراز أهمية الدور الحيوي الذي تلعبه القابلات في حماية حقوق النساء والفتيات. ويمثل عمل القابلات اللائي لا يزلن يحملن شعلة المساواة بين الجنسين والدفاع عن النساء والفتيات، جزءاً من العمل في أي مجتمع إلى جانب أنه مهمة إنسانية، فالقابلات يدافعن عن حقوق المرأة في الحصول على حق رعاية الأمومة، وهن اللائي يعرضن وسائل منع الحمل رغم أن مجتمعاتهن ترفضها، ويدعمن النساء الحوامل، وتعاني بعضهن من سوء المعاملة ولا يمكنهن العودة إلى ديارهن، وهن من يرفضن ختان الإناث، فما تزال القابلات في العديد من أماكن العمل يتعرضن للإساءة والتهديد وسوء المعاملة، وهناك العديد من قصص إساءة المعاملة التي لم يُسمَع بها ولم تتم معالجتها من قبل السلطات الحكومية أو الإعلام. ويسلط اليوم الدولي للقابلات الضوء على حق القابلات في التدريب في بيئة آمنة تمكنهن من أداء عملهن، حيث تنجح القابلات المدربات في توفير الأمان خلال عملية الوضع ما يسهم في تجنب نحو 200 ألف حالة وفاة للأمهات، و3 ملايين حالة وفاة لحديثي الولادة كل عام. وكانت الأممالمتحدة قد أقرت منذ عام 1992 اعتماد يوم 5 مايو من كل سنة للاحتفال باليوم الدولي للقابلات، واعترفت به أكثر من 50 دولة حول العالم. وخرجت فكرة تخصيص يوم للاعتراف بالقابلات وتكريمهن من مؤتمر الاتحاد العالمي للقابلات عام 1987 في هولندا، من أجل تسليط الضوء على أهمية دور القابلة في تحقيق الصحة الشاملة في دولهن، وكذلك للتعريف بأقدم وأنبل مهنة عبر التاريخ، وهي فرصة للعموم لاكتشاف مهنة لطالما جهلها الكثير رغم عراقتها، وهو اعتراف بالجميل للقابلات ورد الاعتبار لهن ودعمهن للمزيد من العطاء والبذل. وتعرف القابلة على أنها محترفة على قدر كبير من الكفاءة والمسؤولية تعمل في شراكة مع النساء وتقدم الدعم اللازم والرعاية والمشورة أثناء الحمل والمخاض وفترة ما بعد الولادة، وتجري الولادات على مسؤوليتها الخاصة وتوفر الرعاية للطفل، وتشمل هذه الرعاية التدابير الوقائية، وتعزيز الولادة الطبيعية، والكشف عن المضاعفات في الأم والطفل، والحصول على المساعدة الطبية المناسبة أو أي مساعدات أخرى، وتنفيذ إجراءات الطوارئ. والقابلة لديها مهمة هامة في المشورة والتعليم في مجال الصحة، ليس فقط للمرأة، ولكن أيضا داخل الأسرة والمجتمع. ووفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، يلاحظ أن حوالي 350 ألف امرأة تموت كل عام بسبب مخاطر الحمل أو أثناء الولادة، ويموت حوالي مليوني طفل حديث الولادة بعد ولادتهم مباشرة أو خلال 24 ساعة من الولادة، ويمكن تقليل معدلات الوفاة هذه عن طريق إضافة بعض الاحتياطات وتدابير السلامة إلى النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، وقد بدأت الجهود العالمية بالتحرك لمنع ما يصل إلى 60% من معدلات وفيات الأمهات والأطفال في جميع أنحاء العالم. وفي هذا الصدد، أكدت إليزابيث إيرو، رئيسة قسم التمريض في منظمة الصحة العالمية، أنه عند إطلاق أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، أصدرت منظمة الصحة العالمية استراتيجية عالمية للنساء والمراهقات لتمكينهن من تحويل مجتمعاتهن بما يضع القابلات في صميم الأمومة. ووفقا لصندوق الأممالمتحدة للسكان، يمكن للقابلات اللاتي حصلن على التدريب الجيد المساعدة في الحد من وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة بنسبة 66%، بل وأكثر من ذلك، فالتقديرات تشير إلى أن النساء اللواتي يتلقين رعاية مستمرة من القابلات يشهدن انخفاضا بنسبة 24% في الولادات المبكرة ويصبحن أقل عرضة لفقدان أطفالهن بنسبة 16%، ومع ذلك، لا تتمكن العديد من القابلات من توفير رعاية ذات جودة بسبب نقص خدمات المياه والصرف الصحي الأساسية، إذ تفتقر 38% من المرافق الصحية من الوصول حتى إلى مستويات بدائية من الماء، و19% إلى الصرف الصحي، و35% لا يوجد بها الماء والصابون لغسل اليدين، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن صندوق الأممالمتحدة للسكان يعمل على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية من أجل توسيع نطاق خدمات القابلات ودعم جهود تدريبهن وتوفير الإمدادات والمواد لمؤسسات القبالة، ولمجابهة النقص الكبير في عددهم حول العالم. ويذكر صندوق الأممالمتحدة للسكان أنه يجب أن يكون الحمل والولادة وقتا للعاطفة والتأمل، إلا أنه بالنسبة للعديد من النساء فترة من القلق أيضا، وتساعد القابلات على تخفيف وطمأنة الحوامل، ونظراً لوجود نقص كبير في القابلات الماهرات والناشطات على أساس عالمي فمن الضروري للغاية تلبية احتياجات النظم الصحية. وتواجه جميع البلدان نقصاً في القابلات الماهرات لأسباب كثيرة مثل عدم كفاية مرفق التدريب، وضعف تخطيط القوى العاملة وإدارتها، ونظام تعليمي منخفض الجودة، وعدم اتخاذ تدابير وقائية للقابلات من فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز وغيرها الكثير. ويقدر عدد القابلات لضمان التغطية الشاملة لرعاية الأمومة عن طريق تلبية الحاجة إلى ما يقدر بنحو 350 ألف قابلة في جميع أنحاء العالم، وقد اتخذ الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد (FIGO) خطوة كبيرة لتعزيز التعاون بين أطباء التوليد وأمراض النساء والقابلات من أجل تعزيز القبالة في جميع أنحاء العالم من خلال الجمع بين القابلات والمستهلكين والطلاب وغيرهم من المهتمين بالولادة في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الصحي العالمي حثيثاً صوب تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول العام 2030، فمن الضروري سد الفجوات في الموارد البشرية الصحية، وتحسين جودة الرعاية المقدمة للنساء والمواليد وضمان استفادة النساء من خدمات القبالة. وما فتئت منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء فيها تعمل عن كثب من أجل تحسين جودة رعاية، كما وضعت المنظمة إطار عمل لتقديم الدعم إلى الدول الأعضاء كي تتمكن من تحقيق هذا الهدف، وعلى الرغم من التقدم المحرز في خفض عدد الوفيات التي يمكن تجنبها وترتبط بالحمل والولادة وما بعدها، فإن استمرار النجاح في تحقيق الغايات العالمية وفي مواجهة التحديات الجديدة يتطلب استثماراً كبيراً في تعليم القابلات وتدريبهن. وتؤكد منظمة الصحة العالمية التزامها بدعم أدوار القابلات في قيادة الطريق لضمان أن تخوض المرأة ووليدها رحلة الحمل والولادة بأمان، وأن يحصلوا أيضاً على رعاية أمومة تتسم بالاحترام وتتوفر لها موارد جيدة، الأمر الذي يضمن أن تتمتع الأم ووليدها بالصحة والعافية طوال العمر، وينبغي ألا ننسى أن القابلات بطلات مجهولات في تلبية الاحتياجات الصحية للمجتمعات المحلية المتضررة من حالات الطوارئ في إقليمنا وهن خط الاتصال الأول بالنساء وأسرهن، كما تدعو المنظمة جميع الحكومات وأصحاب المصلحة في القطاع الصحي إلى الاستثمار في القابلات وتعليمهن وتنظيم مهنة القبالة وبيئة عملهن وإدارتهن، وهذه خطوة عالية المردود يمكن أن تحسن جودة الرعاية بالأمهات في جميع البلدان.