نتيجة للاحتباس الحراري، يبدو أن العالم على موعد مع كارثة وشيكة، فبحسب تقرير نشره المركز النرويجي للخدمات المناخية (NCCS)، فبراير الماضي، فإن جزر أرخبيل سفالبارد في النرويج تعاني من ارتفاع مطرد في درجات الحرارة، والتي يتواجد بداخل إحدى هذه الجزر قبو سالفارد العالمي للبذور، أو ما يعرف ب «قبو يوم القيامة». وفي العام 2003، سعى الخبير الزراعي كارى فاولر للعثور على منشأة لتأمين عينات من البذور التي تحتفظ بها بنوك البذور العالمية، البالغ عددها نحو 1700 بنك في مختلف أنحاء العالم، لحمايتها من أخطار الكوارث الطبيعية والحروب. وتحققت الفكرة بافتتاح قبو سالفارد العالمي في 26 فبراير 2008، وكان في الأصل منجم مهجور للفحم استخدمه بنك الجينات في بلدان الشمال الأوروبي، منذ العام 1984 لتخزين احتياطي للمادة الوراثية النباتية. والقبو هو مبنى من الخرسانة، يتواجد بداخل أحد الجبال في جزيرة سبيتسبيرجين الثلجية، يحتوي على ما يقارب المليون عينة من البذور، لإعادة زراعة المحاصيل حال داهمت الكوكب أخطار كارثية. وكشف تقرير لشبكة "سي إن إن"، الأربعاء، أن المنازل في تلك المنطقة أصبحت غير مستقرة وتمتلئ بالشقوق الكبيرة، ومعرضة للانهيار، بسبب الزيادة في درجات الحرارة، التي بدأت في تذويب التربة الجليدية التي بنيت عليها المنطقة، بما في ذلك قبو البذور. وبحسب تقرير المركز النرويجي فإن درجات الحرارة في سفالبارد ترتفع بمعدل من 4 إلى 7.3 درجة مئوية عما كانت علية قبل خمسين عامًا، وطبقا لهذا المعدل يتوقع أن تزيد إلى 10 درجات بحلول عام 2100. ووفقا لصحيفة Icepeople المحلية، غمرت المياه في عام 2017 مدخل النفق المؤدي إلى القبو، نتيجة ذوبان التربة الجليدية وعدم تجددها إضافة إلى الأمطار الغزيرة، ما تسبب في تلفت المعدات الكهربائية في المدخل. وتكلف تجديد النفق ليكون عازلا للماء نحو 13 مليون دولار، ولحسن الحظ لم يؤدي التسرب إلى تعرض البذور لأي خطر، لوجودها في الداخل خلف باب سميك وآمن، على بعد 130 مترًا من المدخل. وبحسب الصحيفة قالت إلين هامبرو، مديرة وكالة البيئة النرويجية، في بيان حول تقرير المركز في فبراير الماضي، "إن درجات الحرارة هنا في القطب الشمالي ترتفع أسرع من أي مكان آخر في العالم،... من النادر أن أستخدم كلمات كهذه، لكن ما يحدث في سفالبارد أمر بالغ القسوة، لقد كانت عواقب تغير المناخ وخيمة على الطبيعة والحيوانات والمجتمع في هذه الجزر"، تغير المناخ يهدد قدرة العلماء على القيام بذلك خلال الكوارث المستقبلية و لا تكمن أهمية قبو سفالبارد كونه الأكبر ضمن بنوك البذور حول العالم فحسب، بل في احتوائه على جميع نسخ البذور الموجودة في كل البنوك حول العالم؛ وقد يدل وصف بنك البذور العالمي ب«قبو يوم القيامة»، أنه سيفيد فقط في حال وقوع كارثة بعيدة، إلا أن تداعيات الحرب في سوريا أدت إلى تضرر بنك بذور مدينة حلب السورية، واضطر العلماء لأول مرة إلى فتح قبو سفالبارد، بحسب تقرير لموقع inverse)). وووفقا لتقرير لموقع (scidev.net)، عام 2014، أتم المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة «إيكاردا»، تأمين محتوى بنك الجينات التابع له في مدينة حلب السورية، بإيداع نسخ مطابقة من موارده الوراثية ببنوك جينات خارج سوريا؛ استوعب قبو سفالبارد العالمي للبذور في النرويج ما يربو على 80% منها. وفي أكتوبر من العام 2015، تم استعادة أولى شحنات عينات بنك حلب، والتي تم إرسالها مسبقا لتأمينها في قبو سفالبارد، من قبل مركز ايكاردا. وبحسب موقع الصندوق العالمي لتنوع المحاصيل «Crop Trust»، الشريك مع حكومة النرويج في إدارة القبو، فالصخور السميكة والبيئة المحيطة دائمة التجمد ستضمن أنه حتى بدون كهرباء؛ فإن العينات سوف تبقى مجمدة، مما يجعل من القبو المكان النهائي لتأمين إمدادات الغذاء في العالم، ويوفر للأجيال القادمة خيارات للتغلب على تحديات تغير المناخ والنمو السكاني لعدة قرون، لما يحتويه من نسخ احتياطية نهائية لملايين البذور لكل أنواع المحاصيل الهامة المتوفرة في عالم اليوم. إلا أنه وبحسب ما كشف إنجر هانسن باور، كبير الباحثين في المعهد النرويجي للأرصاد الجوية، لشبكة CNN، فإن التربة الجلدية ليست دائمة التجمد، حيث يعاني القطب الشمالي من تسارع في ارتفاع درجات الحرارة، بسبب انخفاض المساحة البيضاء من الجليد التي تعكس ضوء الشمس، ونتيجة لذلك تمتص الأسطح الداكنة الحرارة التي تسهم في ذوبان الجليد بصورة أسرع.