محللون ل "الشروق": المردود الفعلي للمسيرات "محدود" بسبب التعنت الإسرائيلي.. و نشهد حالة جمود معقدة للغاية يستعد الفلسطينيون في قطاع غزة لتنظيم "مسيرة مليونية"، بعد غد السبت، وذلك بعد عام على إطلاق حركة احتجاجات وتظاهرات واعتصامات واسعة على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل عرفت باسم "مسيرات العودة". وتتزامن هذه الذكرى مع "يوم الأرض"، وتأتي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وبعد أيام قليلة من مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية بدأت بإطلاق صواريخ من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل، وطال أحدها تل أبيب، ما دفع إسرائيل الى الرد بعنف بقصف وغارات تسببت بدمار واسع. وانطلقت مسيرات العودة، التي جذبت انتباه العالم، للمرة الأولى قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس من العام الماضي وتواصلت على مدى عام لاسيما ايام الجمعة. إلا أن الفلسطينيين ومحللين يتساءلون بعد عام قتل فيه 258 فلسطينيا وجرح نحو سبعة عشر ألفا آخرين، حول ما إذا كانت هذه المسيرات حققت أهدافها، وحول الاستراتيجية التي ينبغي اتباعها مع بدء العام الثاني. وتجرى استعدادات كبيرة لمشاركة واسعة في "مليونية الأرض والعودة"، بعد غد السبت في مخيمات العودة شرقي قطاع غزة، بالتزامن مع دعوات لمسيرات باتجاه أماكن الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي كافة في الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة، والتي تتزامن مع الذكرى ال43 ليوم الأرض، والذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة وكسر الحصار في غزة. ودعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار لأوسع مشاركة في "مليونية الأرض والعودة" بعد غد السبت. وقالت الهيئة، خلال مؤتمر صحفي بمخيم العودة شرق غزة، اليوم الخميس: "إن شعبنا الفلسطيني قد قرر السير نحو الحرية مهما كلف ذلك من ثمن وتضحيات". ودعت أبناء الشعب الفلسطيني للتركيز في فعالياتهم وأنشطتهم على إحياء التراث الوطني والإبداعات المختلفة، ليعلم العالم إصرار الفلسطينيين على ممارسة حقهم في الحياة رغم الحصار والعدوان، وفقا لوكالة الصحافة الفلسطينية "صفا". ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم لدى قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948. وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو الماضي بعدما نقلت الولاياتالمتحدة سفارتها إلى القدسالمحتلة، وقتل يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص الاحتلال الإسرائيلي وأصيب المئات. وفي بدايتها، حددت الهيئة العليا لمسيرات العودة التي تضم حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى الموجودة في القطاع ومؤسسات مدنية وأهلية، خمسة مواقع رئيسية لتجمع المحتجين أقامت فيها مخيمات قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل. وشكل إشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة والطائرات الورقية، أبرز أدوات المسيرات في أشهرها الأولى، قبل أن تتطور الى استخدام بالونات حارقة، فيما رد جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع. وانتقد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان إسرائيل بسبب عنف ردها على الاحتجاجات، معتبرين أن قوات الاحتلال تطلق النار على متظاهرين لا يشكلون تهديدا كبيرا. في حين تتهم إسرائيل، حماس بالوقوف وراء التظاهرات واستخدام العنف. وقال تقرير للأمم المتحدة "إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عمداً على المدنيين فيما يمكن أن يشكل جرائم حرب". وبسؤاله هل حققت مسيرات العودة اهدافها بعد عام على انطلاقها، قال غسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية ووزير التخطيط الفلسطينى السابق، فى تصريحات ل "الشروق"، اليوم، إن مسيرات العودة بدأت بيوم الأرض وللتعبير عن رغبة الشعب الفلسطيني بالعودة لأرضه، واستمرت للفت الانتباه لمعاناة الفلسطينيين في غزة. و أوضح الخطيب انه "وبالرغم من البسالة وكثرة التضحيات، الا ان المردود الفعلي محدود بسبب التعنت الاسرائيلي". من جانبه، قال جوزيبي دينتشي، الباحث في برنامج الشرق الأوسط لدى معهد الدراسات السياسية بميلانو في ايطاليا: "لقد مر عام ولكن الوضع لا يزال حرجًا خاصة في غزة بسبب الانقسامات العديدة بين الفصائل المختلفة". و أضاف دينتشي، في تصريحات ل "الشروق"، اليوم، أن "هناك مشاكلات تتعلق بالتقدم في اعادة الإعمار الذي توقف منذ عام 2014 تقريبًا، أيضًا بسبب التوترات مع السلطة الفلسطينية، والتي تضاف إلى التوترات مع إسرائيل". وأشار الخبير إلى وجود حالة جمود معقدة للغاية وواضحة بشكل عام، موضحا أن ماحققته المسيرات كان قليلا و أن الأمر الأكثر إيجابية هو موقف "حماس" ذاته الذي تمسكت به في الأشهر الأخيرة.