تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر. ••••••••••••
بدأ سيد درويش نشاطه الغنائي في عام 1917 بالتعاون مع فرقة جورج أبيض، ثم تعاقد مع فرقة نجيب الريحاني، وخلال هذه الفترة نشبت أحداث ثورة 1919 فتأثر الشيخ سيد بها وانتقل بشعارات الجماهير إلى المسرح، فألهب حماس المصريين بألحانه التي قدم بعضها خلال الروايات، بعد أن كان المسرح قاصرًا على ألحان الطبقات الأرستقراطية والرأسمالية. قبل سيد درويش لم يكن هناك نشيد قومي متداول بين أفراد الشعب، وقد ولد أول نشيد «قوم يا مصري» في رواية «قولوله» من كلمات بديع خيري في عام 1919. وبلغ سيد درويش الذروة في تلحين هذا القالب في عام 1921؛ مع تقديم أوبريت «شهر زاد» والذي كان مليئًا بالألحان الوطنية والأناشيد الحماسية التي تتغنى بأمجاد الوطن، أو زاد طابع عسكري لبث الشجاعة والإقدام عند الجنود والشعب. وقدم خلال سياقها الدرامي أناشيد: (أنا المصري كريم العنصرين - أحسن جيوش في الأمم جيوشنا- دقت طبول الحرب ياخيالة - الجيش رجع م الحرب - اليوم يومك ياجنود)، التي استطاع بذكاء من خلالها تمجيد الجيش المصري والاعتزاز بالجنسية المصرية، وتأييد الثورة، وحقيقة انتماء المصري إلى بلده مهما كانت الضغوط التي يعانيها. وتتميز أغلب ألحان هذه الأناشيد باستخدام سيد درويش مقام العجم والتي كانت تعد محاولة منه للتجديد في الألحان الشرقية، ولإضفاء مزيد من الحماس على كلمات بيرم التونسي.
أنا المصري: أنا المصري كريم العنصرين بنيت المجد بين الإهرمين جدودي انشأوا العلم العجيب ومجرى النيل فى الوادي الخصيب لهم فى الدنيا الاف السنين ويفنى الكون وهما موجودين وأقول لك على اللى خلاني أفوت أهلي وأوطاني حبيب أوهبت له روحي لغيره لا أميل تاني أحسن جيوش في الأمم جيوشنا: أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا وقت الشدايد تعال شوفنا ساعة مانلمح جيش الأعادي نهجم ولا أي شئ يحوشنا مستقبل الأمة بين إيديكم فى الوقت ده نعتمد عليكم ردوا آدي الشعب بيناديكم بيقول لكم احفظوا شرفنا أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا وقت الشدايد تعال شوفنا ساعة مانلمح جيش الأعادي نهجم ولا أي شئ يحوشنا آدي جنودنا وآدي بنودنا وفي الدفاع والهجوم تجدنا مالناش صناعة غير الشجاعة وللجهاد ربنا خلقنا أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا وقت الشدايد تعال شوفنا ساعة مانلمح جيش الأعادي نهجم ولا أي شئ يحوشنا ووظف سيد درويش في لحن هذا النشيد الآلات الموسيقية، والتي أخرجت موسيقى المارشات العسكرية التي تلهب الحماس، وكذلك غناء سيد درويش مع نظلي مزراحي مع مجموعة من (الكورال) والذي كان يعد شيئا جديدة في وقته. ويدور أوبريت «شهرزاد» أميرة تترية في العشرين من عمرها، يحمي مقاطعتها جيش من المرتزقة من بينهم بطل المسرحية «زعبله» المعتز بمصريته ويعمل بجيش الأميرة برتبة هُزق بزق وتعجب به الأميرة فترقيه في سلك الرتب حتى يصل إلى رتبة قائد عام لكل جيوش الأميرة. وتتحرك جيوش الأميرة بقيادة زعبله وتنتصر على جيوش الأعداء فيزداد إعجاب الأميرة بقائد الجيوش «زعبله» وتحاول استقطابه واغراءه بمحاولة الاستحواذ على مشاعره، ولكنه يفضل عليها وصيفة تدعى «حورية» المصرية الجنس والتي ترك «زعبله» بلاده مصر من أجل حبها والعمل على عودته بها إلى بلاده. وأعادت الإذاعة المصرية إنتاج الأوبريت، الذي تضمن 15 لحنا، في عام 1957، بمشاركة: فايدة كامل، إبراهيم حمودة، حورية حسن، حسين رياض، عباس فارس، وفؤاد شفيق، وإخراج محمود السباع. وغدا حلقة جديدة......