كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أمس الأربعاء، عن تعثر الجهود الخاصة بالبحث عن خليفة لوزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، بشكل يرضي كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومجلس الشيوخ، الذي لابد من موافقته على مرشح الرئيس لتعيينه في المنصب. وأوضحت المجلة، في تقرير لها نقلا عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، أن الأشهر الأخيرة شهدت عزوف 4 مرشحين للمنصب، من أبرزهم: السيناتور ليندسي جراهام، والسيناتور توم كوتون، والسيناتور السابق جون كيل، وجميعهم من الجمهوريين، فضلا عن الجنرال المتقاعد جاك كين، نائب رئيس أركان الجيش الأمريكي الأسبق، لافتة إلى أنه لدى كل منهم سببه الخاص لرفض العرض. ونقلت المجلة عن مصادر (لم تسمها) القول إن ذلك يعود جزئيا إلى مشقة الوظيفة، كما يبدو أن الأمر مرتبطا أيضًا بشخصية الشخص الذي سيعمل معه وزير الدفاع، في إشارة إلى ترامب. وقال لورين تومبسون مدير معهد ليكسينجتون للأبحاث، إن "التضحيات المرتبطة بتولي منصب وزير الدفاع تثني معظم المرشحين المؤهلين عن قبول المنصب"، مشيرا إلى تدني الأجر كما أن البقاء لمدة طويلة غير مؤكد. وتابع تومبسون: "بكل بساطة لقد زاد تقلب مزاج الرئيس من عيوب (المنصب)". وأوضح أن السيناتور كوتون لا يريد التخلي عن مقعده بمجلس الشيوخ، للعمل مع رئيس قد لا يفوز بفترة رئاسية ثانية، كما أنه ربما يشعر أيضًا أن تولي المنصب قد يتعارض مع طموحاته في الرئاسة. من جهته، قال متحدث باسم السيناتور جراهام إنه يفضل أن يكون في الكونجرس وأكد مرارا على أنه لا يرغب أبدا في أي عمل تنفيذي. ونقلت "فورين بوليسي" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع حاليا والذي عمل كنائب للوزير السابق ماتيس هو الخيار الأول لترامب لشغل المنصب. وأضافت المصادر أن شاناهان يمتلك الصفات الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس ومستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو وهي الولاء والخضوع. وقال مسؤول أمريكي سابق رفيع المستوى، إن "بومبيو وبولتون وكبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني يفضلون شاناهان، لأنه لا يمتلك أي خبرة سياسية ولن يتحداهم". وأضاف المسؤول السابق أن "البيت الأبيض سعيد بإبقاء شاناهان قائما بعمل الوزير، إذ لا توجد أي فرصة لأي مقاومة من وزارة الدفاع". وتابع: "أنهم لا يبحثون عن ماتيس آخر"، في إشارة لخلافات الوزير السابق مع الإدارة الأمريكية في عدد من الملفات أبرزها قرار الانسحاب من سوريا. لكن المصادر رجحت أن يواجه ترشيح شاناهان لشغل المنصب بصفة دائمة، مقاومة من جانب مجلس الشيوخ. وبحسب مسؤول أمريكي سابق، انتقد عدد من المشرعين شاناهان خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، الأسبوع الماضي، بعدما أكد شاناهان لجراهام أنه سيمضي قدما في خطة سحب القوات الأمريكية من سوريا، فرد جراهام قائلا: "كنت مؤيدًا. الآن أنا خصمًا". وأضاف المسؤول أن جراهام أخبر عدد من الحضور بأنه سيحاول مرة أخرى إقناع الجنرال المتقاعد جاك كين بقبول المنصب. ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها المشرعون شاناهان، موضحة أن السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة، سخر من شاناهان وكاد أن يعيق تأكيد تعيينه نائبا لماتيس. كما أن خلفه فى رئاسة اللجنة، السيناتور جيمس اينهوف، انتقد شاناهان ووصفه بأنه يفتقر إلى تواضع سلفه ماتيس، مرجحا ألا يرشحه ترامب لتولى الوزارة بشكل دائم. وتكهنت بعض المصادر بأن ترامب سيبقي على شاناهان قائمًا بأعمال الوزير لأطول فترة ممكنة قبل الدفع بترشيحه للمنصب. وقال مسؤول سابق بالكونجرس إن ترامب لديه شخص مثالي (شاناهان)، فهو لن يواجهه وليس لديه حلفاء. ووفقا لمسؤولين سابقين، فإن دان كوتس، مدير المخابرات الوطنية رفض أيضا المنصب. وقد اشتبك كوتس مؤخرا مع ترامب، بعدما ناقض توجهات الرئيس أمام الكونجرس حول التهديدات النابعة من كوريا الشمالية وإيران وتنظيم "داعش" الإرهابي. من جانبه، قال مسؤول سابق رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية إن كوتس لا يتفق مع قرار الرئيس بسحب القوات من سوريا وأفغانستان. كما أفادت العديد من التقارير الاخبارية مؤخرا بتوتر العلاقة بين ترامب وكوتس، وعزم الرئيس الإطاحة به، الأمر الذي سارع ترامب لنفيه. في المقابل، نفى المتحدث باسم مكتب كوتس، تلقي الأخير عرضا بتولي منصب وزير الدفاع. ورأت "فورين بوليسي" أن وزيرة القوات الجوية الأمريكية هيذر ويلسون تطمح في شغل المنصب، حيث تضغط أصوات داخل الإدارة الأمريكية للدفع بترشيحها، مشيرين إلى تمتعها بعلاقات طيبة في الكونجرس بصفتها عضوة جمهورية سابقة ما يسهل من عملية تعيينها وموافقة مجلس الشيوخ، وفقا لمسؤول كبير سابق في الإدارة الأمريكية. وستكون ويلسون أول امرأة تتولى منصب وزير الدفاع في البلاد. وقال لورين تومبسون مدير معهد ليكسينجتون للأبحاث إن "ويلسون ليست قريبة من ترامب، الذي يهتم بوجود كيمياء شخصية تربطه بمن يختاره لتولي أي منصب"، مضيفا: "يمكن أن تستفيد ويلسون من صداقتها الوثيقة مع نائب الرئيس مايك بنس، الذي يقود عملية البحث عن وزير للدفاع". من جهته، قال المتحدث باسم القوات الجوية، العميد إيد توماس إن "الوزيرة ويلسون تركز على بناء سلاح جوي أكثر فتكا وجهوزية". ونقلت المجلة عن مصادر (لم تسمها) القول إن ترامب حال عدم نجاحه في تعيين شاناهان سيدفع بترشيح ديفيد ماكورميك، الرئيس التنفيذي المشارك ل"بريدجووتر أسوشيتس" للاستثمارات، وهو زوج دينا باول، نائبة مستشار الأمن القومي السابق لترامب وأحد المرشحين لخلافة نيكي هايلي في منصب المندوب الأمريكي الدائم في الأممالمتحدة.