قال باحثون من الولاياتالمتحدة إن رد فعل الجهاز المناعي لدى كبار السن على التطعيم المضاد للأنفلونزا يكون متراخيا وأقل تنوعا منه لدى صغار السن. وأوضح الباحثون في دراستهم التي تنشر اليوم الثلاثاء في مجلة "سيل هوست اند مايكروب" المتخصصة في أبحاث الخلايا والبكتريا، أنه ومع تقدم السن فإن التحورات التي تراكمها الخلايا البائية التي تلعب دورا حاسما في الرد المناعي على الممرضات وما تكونه من أجسام مضادة تكون أقل فائدة للجهاز المناعي، لدى كبار السن، مما يؤدي إلى جعل الجهاز المناعي لدى المسنين أقل فعالية ضد الأشكال الجديدة من الفيروسات مما هو عليه لدى الأصغر سنا. وأوضح باتريك ويلسون، المشرف على الدراسة من جامعة شيكاغو، أن "الخلاصة الأساسية التي توصلنا إليها هو أنه عندما تنقل لكبار السن عدوى فيروسات الأنفلونزا المنتشرة وقتها فإنهم لا يمتلكون الأدوات الصحيحة لمكافحة هذه الفيروسات، وذلك لأن أجسامهم المضادة ليست واقية بالشكل المطلوب". أضاف ويلسون: "ربما كان من الممكن استخدام نتائجنا من قبل القائمين على تطوير أمصال مضادة، وذلك لصناعة تطعيمات أفضل وتحسين حماية كبار السن". يشار إلى أن فيروسات الأنفلونزا تغير شكلها بشكل دائم، وبالتحديد تتغير صفات ضئيلة على سطح هذه الفيروسات، وهذه السمات بعينها هي التي يتعرف عليها الجهاز المناعي لدى الإنسان، حيث تتكون أجسام مضادة تهاجم هذه الهياكل، وبذلك تقضي على الفيروسات. ويجتهد خبراء التطعيم من أجل تكييف الأمصال سنويا قدر المستطاع مع أنواع الفيروسات الشائعة، ذات الصفات المميزة الموجودة على سطحها. يرد الجهاز المناعي للإنسان على التغيرات المستمرة في الفيروسات، وذلك بعدة طرق، من بينها طريقة تسمى التحور الجسدي المفرط، والذي تتحور الخلايا البائية المضادة من خلاله بشكل يؤدي إلى تكوين أنواع مختلفة من الأجسام المضادة، ويتم خلال هذا التحور اختيار الخلايا الأقدر على مكافحة الفيروس، والتي تكون الأجسام المضادة المناسبة عندما تقتضي الضرورة ذلك. درس الباحثون خلال الدراسة كيفية حدوث هذه العملية، وقارنوا رد فعل الخلايا البائية لدى الأشخاص الأقل سنا (من 22 إلى 64 عاما) و الأكبر سنا (من 71 إلى 89 عاما)، عندما يتم تطعيمهم بفيروسات أنفلونزا مختلفة. تبين من خلال ذلك أن الخلايا البائية لدى الأشخاص الأقل سنا تجمع تحورات بشكل مستمر، في حين تتراجع هذه القدرة في الأكبر سنا، مما جعل مخزون الخلايا البائية المتنوعة يتراجع لدى المتطوعين. وأصبحت الأجسام المضادة لدى هؤلاء المسنين تتعامل أكثر مع السمات التقليدية للفيروسات، حيث كانت قادرة أكثر على التصدي للأنواع القديمة من الفيروسات، تلك الأنواع التي كانت منتشرة في مرحلة طفولة هؤلاء المسنين، في حين كان الرد المناعي للأنواع الجديدة من الفيروسات أضعف بكثير. وأكد الباحثون أن التطعيم يظل رغم ذلك هو أفضل حماية من الأنفلونزا، "فنحن لا نقول إنه ينبغي ألا يخضع الناس للتطعيم، ولا نقول إن التطعيمات الحالية بلا فائدة بالنسبة للناس الأكبر سنا.. ولكن الهدف هو الاستمرار في تحسين الأمصال المضادة" حسبما أوضحت كارول هينري، المشاركة في الدراسة من جامعة شيكاغو. وأكد الباحثون أن هناك بالفعل أنواعا جديدة من التطعيمات المخصصة للأشخاص الأكبر سنا، التي أصبحت متوفرة بالفعل. وأشار الباحثون إلى ضرورة دراسة رد فعل الجهاز المناعي على هذه المضادات خلال دراسات تالية، وقالوا إن مثل هذه التطعيمات تحتوي على سبيل المثال على محفزات للفعالية. ويعتبر الباحثون تراجع القوة الضاربة للجهاز المناعي للإنسان مع تقدم العمر سببا أساسيا للإصابة بالمرض والوفاة، وذلك لأن قوة مناعة الجسم ضد البكتريا والفطريات والفيروسات تتراجع. وهناك تذبذب من عام لآخر في أعداد حالات الوفيات الناتجة عن الإصابة بالأنفلونزا. ويؤكد الباحثون أن الأنفلونزا أخطر ما تكون على الأشخاص فوق 60 عاما. لذلك فإن لجنة التطعيم في معهد روبرت كوخ الصحي في ألمانيا توصي بالتطعيم ضد الأنفلونزا لفئات عمرية بعينها من بينها الأشخاص في عمر 60 عاما فأكثر. ويرى الأطباء المعنيون أن هذا التطعيم يمكن أن يخفض احتمال الإصابة بالأنفلونزا لدى كبار السن للنصف، حتى وإن كان رد الفعل المناعي لديهم أضعف منه لدى الأصغر سنا. كما أن مسار المرض لدى المطعمين يكون أخف مقارنة بالذين لم يحصلوا على التطعيم.