قال الكاتب والروائي نعيم صبري، أنه لا يؤمن بفكرة نزول الوحي على الكاتب، بل أن الكتابة عمل منظم يحتاج إلى إعداد ومذاكرة ودراسة، وأن الرواية في أساسها عمل بحثي، مشيرًا إلى أن أستخدام كلمة «الوحي» قد تتعلق بالفكرة فقط، حين تخطر بذهن المؤلف، ثم يبدأ العمل عليها وينظم حولها خبراته السابقة. وأضاف خلال ندوة مناقشة رواية "صافيني مرة" الصادرة عن دار الشروق، والتي نظمها نادي إينرويل بمدينة نصر، أن مشروعه الأدبي قائم بالأساس على فكرة التوثيق المجتمعي، وهو الأمر الذي بدأه مع كتابه الأول «يوميات طفل قديم»، واستكمله في رواية «شبر» وما تلاها من أعمال كان أحدثها «صافيني مرة»، موضحًا أن معرفة التاريخ، لا تعتمد على قراءة الكتب التاريخية فقط، بل بقراءة المؤلفات الأخرى في الفنون والأدب أيضًا، مستشهدً بثلاثية نجيب محفوظ، التي تناولت تاريخ ثورة 1919. وعن استخدامه بعض الصور في الرواية مثل «وابوار الجاز» و«الطربوش»، قال أن هذا جزء أخر للتوثيق الذي يحرص عليه، وبخاصة أن الرواية ممكن أن يقرأها جيل لا يعرف هذه الأشياء. وفى سؤال حول خروج الرواية بشكل متصل دون فصول، قال «صبري» أنه تعمد استخدام هذا الشكل الأدبي لأنه أقرب إلى الروح التى أرادها للرواية، فتصبح جرعة أدبية واحدة، مشيرًا إلى أن هذا النمط موجود في الكثير من الأعمال الأدبية ومنها: «باقي من الزمن ساعة» لنجيب محفوظ، والعديد من أعمال «سارماجو». و«صافيني مرة» رواية تحكي عن جيل كامل بدأ وعيه مع هذه الأغنية، ومع صعود عبد الحليم حافظ، جيل بدأ يتفتح على الحياة مع ثورة يوليو، ويغنى لها مع عبد الحليم، جيل عاش أزهى عصورها وانتصاراتها، «جلاء الإنجليز، وتأميم قناة السويس وحرب 1956، ووحدة مصر وسوريا، وبناء السد العالي والتصنيع الثقيل»، ثم بدأ يعاني مع انكسارتها، حتى كانت الضربة القاصمة بهزيمة يونيو 1967، وضياع كل الآمال التي عاش عليها. جيل دمرته الصدمة وما تلاها من أحداث، عاش بعدها في حالة من الضياع، وبرغم حرب 1973، فإن ما تلاها من تطورات التفسخ السياسي والاجتماعي أجهز عليه، ولهذا فأن «صافيني مرة» رواية تحكي عن جيل الثورة والهزيمة. ونعيم صبري؛ روائي وشاعر مصري، تخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1968، وعمل في المجال الهندسي، قبل أن يتفرغ للأدب منذ عام 1995، صدر له ديواني شعر، «يوميات طابع بريد عام» و«تأملات في الأحوال»، ومسرحية «بئر التوتة»؛ وهي مسرحية شعرية موسيقية، كتب بعد ذلك مسرحيته الشعرية «الزعيم»، ثم عاد فأصدر ديوان شعر «حديث الكائنات»، وبدأ كتاباته النثرية بكتاب عن سيرة طفولته بعنوان «يوميات طفل قديم»، ثم واصل كتاباته النثرية فأصدر 12 رواية حتى الآن، منها «أمواج الخريف»، و«شبرا»، و«المهرج»، و«وتظل تحلم إيزيس»، و«دوامات الحنين».