وسط حضور كبير من الفنانين والمبدعين نظم قصر الثقافة في الشارقة، محاضرة تحت عنوان "كيف أصبح الخط العربي هو فن الإسلام الأول"، للفنان المصري العالمي أحمد مصطفى، ضمن فعاليات الدورة ال21 من مهرجان الفنون الإسلامية "أفق"، بحضور عدد كبير من الخطاطين والفنانين المشاركين في المهرجان. وتناولت المحاضرة نشأة الخط العربي، واستعرض الفنان المصري شكل الحرف العربي في بداية الإسلام، وصفحة من القرآن الكريم مكتوبة بالخط الكوفي، كما أبرز عدداً من الأعمال الخطية لمحمد بن الحسن الطيبي، وابن بواب، موضحاً مدى أهمية تجربتهما، لا سيما ابن بواب في خط المحقق. وأشار إلى أن وعي الخطاط وعي كوني في الدرجة الأولى، في حين أوضح البعد الثاني للحرف، مبيناً أن أصله نقطة، واستشهد في ذلك بحديثٍ نبوي شريف. وعرج مصطفى للحديث عن القلم في قوله: "إذا أخذنا في الاعتبار تلك الأهمية الموكولة بدور ومكانة القلم، فإن السؤال الي سيبرز هو: كيف يمكن التعرف على الزاوية المثلى التي يقطّ عليها سن القلم، لكي يصبح بمثابة أداة متكافئة لتحقيق الإظهار النموذجي لأشكال الحروف العربية في الخط المنسوب". وأشار إلى أن القلم مصمم ليخلع على نظام الكتابة المنسوبة أمثل تعبير ممكن، فيبدو من المنطقي أن تكون هناك علاقة بين النسب التي تحكم هذا النظام وتلك التي تحكم الزاوية التي عليها قطّة سن القلم. إن إصدار مصطفى الحديث ”الخط الكوني"، الذي ألَّفه في معيَّة صديقه د. اشتفان شپرل، أستاذ اللغة العربية بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS، بجامعة لندن، استطاع لأول مرَّة أن يوفِّر تحليلاً شاملاً لنظرية ابن مقلة ومدى أهمية دورها ومعناها في فنِّ الإسلام. أما الإصدار الذي ألَّفه مصطفى فيما سبق تحت عنوان "اكتشاف النماذج الأصلية لأشكال الأرقام العربية - Discovering the Archetypal Shapes of Arabic Numerals" فيمكن اعتباره بمثابة مقدِّمة افتتاحية لذلك الإنجاز الباهر في كتاب "الخط الكوني" لإثبات أن أشكال الحروف العربية والأرقام محكومين بنفس القوانين الهندسية. عاش مصطفى في لندن منذ 1974، وفي 1983 أنشأ "فنون أحمد مصطفى" كمركز في أبحاث الفن العربي والتصميم. يتضمَّن نشاطه إعداد المحاضرات وورش العمل في أنحاء العالم بجانب قبول العمل على بعض التكليفات التي كان من ضمنها التكليف الملكي الذي نتج عنه تكوين "حيث يلتقي البحران" الذي قدَّمته صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث الثانية كهدية لدولة باكستان سنة 1997 بمناسبة الاحتفال بعيد تأسيسها الخمسين. وفي 1998 تلقَّى دعوة من الفاتيكان لعرض أعماله في الجامعة الباباوية في روما. وحمل المعرض نفس عنوان عمل التكليف الملكي "حيث يلتقي البحران"، وانتشرت إصداء هذا المعرض في بقاع كثيرة من العالم باعتباره أول تحقيق من نوعه في تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية. واحتفالاً بمساهمته في حقل الإبداع والثقافة، منحه الاستطلاع الذي يهدف إلى اختيار مائة شخصية مسلمة مؤثِّرة في بريطانيا (2007) أسمى تشريف باختياره ممثِّلاً لحقل الإبداع الفني.