وصفته وسائل الإعلام ب«وزير خارجية الإخوان».. فهو ليس مجرد رجل أعمال مشهور أو رئيسا لبنك التقوى، ولكنه لعب طوال العقود الثلاثة الماضية دورا مهما فى جماعة الإخوان المسلمين.. فهو الذى رتب العلاقة بين الإخوان والثورة الإيرانية، وتوسط بين السعودية واليمن، والسعودية وإيران، وبذل مجهودا كبيرا فى حل الأزمة بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ. كان يوسف ندا عضوا فى معهد «بينمنزو» أحد المؤسسات العلمية التابعة للأمم المتحدة، والذى يضم فى عضويته شخصيات مهمة من بينها رؤساء دول وسياسيون كبار وهناك حدثت مشادة كلامية بينه وبين الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب، فى أبريل عام 1997 وفى أواخر عام 2001 استصدرت الإدارة الأمريكية قائمة من الأممالمتحدة، وضعت فيها أسماء مسلمين من جنسيات مختلفة، تتهمهم بدعم الإرهاب، بعد هجمات 11 سبتمبر ضمت القائمة يوسف ندا وشريكه غالب همت وعلى إثرها تم استهداف «مؤسسة ندا للإدارة» المعروفة أيضا باسم «بنك التقوى»، ووضعت أموال ندا وبعض أعضاء مجلس الإدارة والمقربين منهم تحت الحراسة، وفرضت عليهما الإقامة الجبرية وفى 29 سبتمبر 2009 أكدت وزارة الخارجية السويسرية أن مجلس الأمن الدولى شطب اسم ندا بعد أن تدخلت الإدارة الامريكية نفسها لحذف اسمه من قائمة هيئة الأمم الخاصة بداعمى الإرهاب. حول هذه القضية وتدخل أمريكا وعلاقته بالإخوان فى الداخل والخارج وفضايا كثيرة متنوعة يتحدث يوسف ندا ل«الشروق» فى حوار جرى عبر الهاتف من مقر إقامته فى سويسرا قبل أسبوع. وإلى نص الحوار: الشروق: هل تعتبر تدخل الإدارة الأمريكية لحذف اسمك من قائمة هيئة الأمم الخاصة بالداعمين للإرهاب بادرة لتفاهمات بين الإخوان وأمريكا؟ يوسف: هذا موضوع مستقل تماما وأمريكا اضطرت للتدخل لحذف اسمى بعد ضغوط مورست عليها من بعض الدول التى طلبت منها ذلك مهددين بالانسحاب من الأممالمتحدة فى حالة عدم استبعادى من هذه القوائم فوجدت أمريكا نفسها فى مأزق إما أن تقوم بطلب حذف اسمى لأنها الدولة التى وضعته، وإما أن تواجه بحالة من العصيان من الدول الرافضة لذلك. الشروق: هل تعتبتر أن الموقف الذى حدث بينك وبين بوش الأب فى معهد «بينمنزو» هو السبب فى موقف بوش الابن منك؟ يوسف: لا أعتقد أن السياسة فيها هذا الكلام.. السبب فى ما فعلته أمريكا ضدى هو ورود تقارير من الأردن وتقرير أعده مندوب لصحيفة إيطالية فى تل أبيب، وكذلك تقرير من مصر يفيد بأننى ممول جماعة الإخوان. وللأسف فى الغرب لديهم قصور فى المعلومات حيث يعتبرون أن كل الحركات الإرهابية خرجت من عباءة الإخوان المسلمين ولا يعرفون أن الإخوان يطردون أصحاب الفكر المتطرف، وكثير من أعضاء الحركات الإرهابية هم من مطاريد الإخوان. الشروق: هل تفكر فى مقاضاة النظام المصرى على ما فعله بك؟ يوسف: من الغبى الذى يقول ذلك.. يا سيدى الفاضل «بلادى وإن جارت عليا عزيزة» بالإضافة إلى أنه لا يوجد شىء اسمه النظام المصرى كما أن الرئيس لا يمثل وحده مصر.. ومصر عندى أغلى مما خسرته. الشروق: تعامل النظام اختلف معك من حقبة إلى أخرى فأنت اعتقلت فى عهد عبدالناصر ثم طلبوا منك العودة فى عهد السادات للاستثمار فى مصر ثم حكم عسكرى ضدك فى عهد مبارك فكيف تقدر ذلك؟ يوسف: سأتكلم عن أهم مرحلة فى هذه المراحل، وهى عندما أتيت إلى مصر لإنهاء إجراءات إنشاء بنك فيصل الإسلامى وكنت ثانى أكبر شريك أو مساهم وكذلك كانت هناك لدى مصر مشكلة فى كميات الأسمنت فطلب منى النبوى إسماعيل وقتها أن أظل بمصر وأنقل استثماراتى إليها، وكان ذلك بعد أن عزمنى على الغداء فى حضور حسب الله الكفراوى وعثمان أحمد عثمان وحسين عثمان وعبدالعظيم لقمة. ولكن بعد ذلك اتخذت قرارا نهائيا بترك مصر وانسحبت من بنك فيصل لأنى أشعر حتى الآن أن مصر قد اختطفت.. وقررت عدم العودة وظللت يومها أبكى وأنا فى الطائرة. أما فيما يخص العهد الأخير فكنت فى مقابلة مع التليفزيون السويسرى وسألونى عن الحكم الصادر ب10سنوات ضدى عن محكمة عسكرية فى مصر فقلت لهم إن مبارك ليس ديمقراطيا والغريب أنه فى الفترة التى اتهمونى فيها بأنى قمت بتمويل جماعة الإخوان بمليار دولار كنت موضوعا على قوائم الإرهاب ولايجوز لى أن أتحرك إلا فى مسافة كيلو ونصف متر فقط وكانت كل أملاكى مصادرة وتم منع البنوك من أن تتعامل معى وعلى الرغم من ذلك لم تستح الحكومة المصرية أن تتهمنى بتمويل الإخوان. الشروق: هل تفكر فى العودة إلى مصر والاستثمار بها عندما ترد لك أموالك؟ يوسف: لا فأنا أتمنى أن أدفن فى مصر ولكن لن أذهب إليها حيا لأنى لن لا أصلح أن أحيا فى ظل نظام ديكتاتورى. الشروق: بماذا تفسر الحملة على الجناح المالى للإخوان سواء فى الداخل (خيرت الشاطر وحسن مالك) وفى الخارج أنت وغالب همت؟ يوسف: هم يقولون إنه تجفيف منابع ولكنى أقول لهم إن كان ذلك فأنتم أخطأتم فى تحديد هذه المنابع وذلك لأن تمويل الإخوان هو من كل جيوب الإخوان مع فارق بسيط أن لكل منهم نسبة وفق دخله وهو ما لا يستطيعون إدراكه وأقول لهم إنه لا يوجد أحد يستطيع أن يجوع الإخوان فبوش وقف أمام العالم أجمع وقال إنه سيجوعنى ولكن بفضل الله لم يستطع أن يفعل ذلك ورأسى مازالت مرفوعة ولم تنزل أبدا. أما السبب الثانى فهم يحاولون فى مصر القضاء على الجماعة وإقصائها، حيث أخطأوا عندما حددوا قيادات الجماعة بأنها 1000 أو أكثر وأرادوا أن يضعوهم فى السجون ظنا منهم أن ذلك سوف ينهى الجماعة وهو ما فعله عبدالناصر فى السابق ولكنه فشل. الشروق: هل أنت مع خوض الإخوان للانتخابات البرلمانية المقبلة فى مصر أم تراها خطوة استفزازية للنظام؟ يوسف: مجرد اسم الإخوان هو استفزاز للنظام فى مصر، وحتى لو كانت الانتخابات مزيفة سنشارك لنثبت للعالم أنها كانت مزيفة.. ولأنها حق لا نستطيع أن نفرط فيه. الشروق: وماذا لو عرض التنازل عنها مقابل امتيازات أخرى كما فى عرض الأستاذ أحمد رائف؟ يوسف: بداية أحب أن أوضح أن كلام رائف كله غير صحيح... فرائف لا علاقة له بالإخوان ولم يكن قياديا أو إخوانيا سابقا فهو تم القبض عليه بشكل خطأ فى وسط مجموعة من الإخوان وأتحدى من يقول أو يثبت أنه فى يوم من الأيام كان عضوا فى الجماعة وهو يعرفنى وأعرفه جيدا. أما فيما يخص العرض فكان بشكل مختلف وجاء به شخص آخر، وقال إنه على استعداد للتدخل لدى قيادات بالحزب الوطنى وقال له عاكف وقتها ليس عندنا باب مقفول ونحن نتحاور مع الجميع. وإذا كان ربنا ولله المثل الأعلى تحاور مع إبليس مش عاوزين المرشد يتحاور مع النظام. الشروق: وما رأيك فى الخلاف فى مكتب الإرشاد حول تصعيد الدكتور عصام العريان لعضوية المكتب بعد وفاة محمد هلال؟ يوسف: فى تقديرى السبب فى ذلك هو إما أن يكون العريان نفسه اعتذر عن عدم تولى المنصب وأنا أعهده رجل لا تهمه المناصب وإما أن يكون الإخوان يريدون توليه منصبا آخر. الشروق: ما رأيك فيما يقال عن صراع بين مجموعة الدكتور محمود عزت ومجموعة الإصلاحيين فى الجماعة؟ يوسف: أقسم بالله أنى لم أسمع عن مثل هذا الكلام قبل ذلك والإخوان لا يكرهون فأنا مثلا أعتبر مبارك مخطئا ولكن لا أكرهه. الشروق: ما هى مواصفات المرشد المقبل بعد إعلان عاكف أنه لم يترشح مرة أخرى؟ يوسف: أنا قلتها قبل ذلك أن عدم تولى عاكف مرة أخرى خطأ زمنى وتكتيكى كبير والمرشد المقبل يجب أن يكون بمواصفات الأستاذ عاكف وأنا أريد أن يستمر عاكف مرشدا. الشروق: إذا قدر لك أن تختار مرشدا مقبلا للجماعة هل سيكون حبيب أم بديع أم شخص آخر؟ يوسف: أنا لا أعرف من هو بديع.. وحبيب أعرفه وأحبه وأقدره وعلى العموم لو جاء طفل عمره عشر سنوات سأضعه فوق رأسى مادام الإخوان هم الذين اختاروه فما بالك بشخصيات عملاقة مثل عاكف أو غيره؟ الشروق: كيف ترى الانشقاقات الأخيرة فى صفوف الإخوان فى الدول المختلفة مثل الأردن والجزائر؟ يوسف: يجب أن أؤكد شيئا مهما وهو أن الإخوان ليسوا ملائكة فهم بشر يخطئون كما أنهم جزء من المجتمعات التى يعيشون فيها بكل طباعها ومنهم الجيد ومنهم من هو غير ذلك وأنا لى أصدقاء غير مسلمين أفضل من أشخاص كثيرة فى الإخوان. الشروق: ماذا بقى لك من منصب مفوض العلاقات الخارجية للإخوان؟ يوسف: السياسيون والزعماء مازالوا يتوافدون على منزلى ولا أستطيع التحدث عن أشياء يتم الإعداد لها. وفى الفترة الماضية حالت الظروف ومنها المنع من السفر وتجميد أرصدتى فى البنوك بينى وبين هذا المنصب أما ما هو قادم فيسأل عنه مرشد الإخوان. الشروق: هل عاودت عملك الاقتصادى أم مايزال متوقفا؟ يوسف: عملى الاقتصادى مازال متوقفا ولكن لا أجد وقتا أتناول فيه الطعام فأنا منذ الصباح أجلس على المكتب ولا أقوم من عليه إلا من أجل الصلاة ثم أعود فالمكتب لا يخلو من الوفود فمازال سياسيون كبار وزعماء يتوافدون على منزلى. الشروق: هذا يعنى أنك مازلت تقوم بدور مفوض العلاقات الخارجية للإخوان؟ يوسف: لا أستطيع أن أوضح ذلك وما قلته من معلومات عن هذا الدور فى قناة الجزيرة كانت أحداث وقعت بالفعل أما الآن فلا أستطيع الكلام عن أشياء يتم الإعداد لها فى الفترة المقبلة.