«فقدت حديقة الأسماك بريقها الذى ميزها فى ذهن العشاق الذين يذهبون إليها»، هذا الشعور الذى راود حنان بعد جولتها فى الحديقة التى لم تذهب إليها منذ أكثر من عشرين عاما «من ساعة ما خلفت ابنى الأول». أكثر مشهد تذكرته حنان وهى تزور الحديقة مع أسرتها اليوم كان من فيلم «القلب له أحكام» عندما اعترفت فاتن حمامة للفنان أحمد رمزى بحبها داخل أحد الكهوف، كانت الحديقة وقتها تصلح للعشاق على حد وصفها، لكن الحديقة أصبحت تشبه أبناء هذا الجيل فى رأى حنان خاصة بتلك الكتابات التذكارية التى شوهت الجدران داخل الأكواخ. أحواض الأسماك فارغة، و«الزبالة» منتشرة على أرض الحديقة، فضلا عن الرائحة الكريهة التى جعلت أسرة حنان تغادر فورا «الريحة فى الكهوف وحشة أوى»، وعبر وهبى زوجها عن استيائه الشديد من عدم وجود لوحات إرشادية بجانب الأحواض، توضح معلومات عن الأسماك الموجودة بداخله «الإهمال فى كل حاجة، هى وقفت على جنينة الأسماك». وعندما علم وهبى وزوجته بمناقشة قرار تسجيل حديقة الأسماك فى قائمة الآثار شعر بحزن «يعنى التذكرة هاتغلى»، لأن الأسباب المبررة لارتفاع الأسعار هو التطوير الذى سوف يحدث «بيلموا الفلوس الأول»، ولكنه تمنى أن تعود الحديقة إلى عهدها الأول «أيام خطوبتى أنا والمدام من 25 سنة». يرى سمارات حافظ مدير الإدارة العامة للتسجيل والتوثيق الأثرى أن الاهتمام بالأسماك داخل الحديقة من اختصاص الهيئة العامة لشئون الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة «ده مش اختصاصنا»، حاصرا مهمة المجلس الأعلى للآثار فى المبانى الأثرية الموجودة داخل الحديقة، والتى يشترط مرور أكثر من مائة عام على وجودها. ويضيف أنه حتى الآن لم يتم وضع مشروع لتطوير وترميم الحديقة «نحن ننتظر قرار تسجيل الحديقة بالآثار» الذى تناقشه اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، فى اجتماعها المقبل يوم الاثنين المقبل، وبعد تسجيلها سيتم إرسال مفتشى الآثار لرصد ما تحتاجه مبانى الحديقة من ترميم وتطوير. وتقع حديقة الأسماك فى منطقة الزمالك التى كانت فى الأصل جزيرتين منفصلتين ظهرتا فى وسط النيل فى القرن الخامس عشر الميلادى، وقد تم اتصال الجزيرتين فى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى، حيث تأثر شكل وحجم الجزيرة بالتغيرات التى نتجت عن تحويل مجرى النيل هندسيا من الضفة الغربية إلى الشرقية، وكانت تعرف بجزيرة بولاق. واهتم الخديو إسماعيل بهذه الجزيرة ضمن مشروعه باريس الشرق، فقام بإنشاء كوبرى قصر النيل ليربط الزمالك بالقاهرة، وكوبرى الجلاء لربطها بالجيزة، وأصبحت فى عهده من الأحياء الراقية ومقرا للصفوة والأجانب. وعندما التقى «المسيو الفاند» مدير منتزهات باريس طلب منه إنشاء حدائق بالقاهرة على غرار حدائق باريس، وتم إنشاء حديقة الأسماك على مساحة ثمانية أفدنة عام 1867 بشارع الجبلاية، وأطلق عليها الناس فى البداية اسم حديقة الجبلاية. تتخذ الحديقة شكل السمكة بداية من فتحتى الخياشيم عند المدخل وخلفهما يوجد البهو وخلف الزعانف على الجانبين توجد أربعة ممرات، وهناك فى الجانب الشرقى للحديقة شكل دائرة وهى من الداخل على شكل ممرات أو تجاويف داخل شعاب مرجانية، وعند مرور الهواء داخل هذه الممرات يصنع أصواتا تشبه صوت خرير الماء. تضم الحديقة التى تطل واجهتها على النيل 49 حوضا للأسماك مابين النيلية والبحرية والزينة، بعضها ما زال يعمل، وأخرى للأسماك المحنطة، ومناطق تضم أنواعا من السلاحف والزواحف التى تعيش فى المستنقعات والأنهار، وتوجد بالحديقة أشجار نادرة من مدغشقر واستراليا وتايلاند. وكان المجلس الأعلى للآثار قد ضم حديقة الحيوان بالجيزة وحديقة الأندلس بالقاهرة إلى قائمة الآثار الإسلامية والقبطية.