بدأت التدريبات فى منزل منال والدة هيثم وهديل منذ أكثر من أسبوع. «غسلت ايديك» تكررها منال كل نصف ساعة، حتى إن هيثم اعترض «ماما أنا ايديا باشت من الغسيل»، فضلا عن متابعتهم بالعين طوال الوقت «شيل ايديك من على وشك». منال تشعر بأن هذه التدريبات مهمة لطفليها هيثم 10 سنوات، وهديل 8 سنوات، لأنهما لن يستوعبا مدى خطورة فيروس انفلونزا الخنازير «هما مش فاهمين تحذيرات التليفزيون، دول أطفال وبيتصرفوا بطبيعتهم». تحذير الأم أصاب الأولاد بالضيق، وعلى الرغم من ذلك تشعر هديل بالسعادة مع عودة الدراسة «أنا فرحانة علشان بلعب مع أصحابى فى الفسحة» لكن تحذير منال للطفلة «لازم تغسلى ايديكى، وما تحطيش ايديك على وشك خالص» يصيبها بالقلق «أنا مش عارفة ماما خايفة ليه؟» لأنها ترى زملاءها فى الفصل معافين «مفيش حد تعبان ولا حد بيعطس»، ولكن أكثر ما يضايقها هو رفض والدتها الأحضان والقبلات بينها وبين صديقتها. الخوف الذى يسيطر على منال جعلها تفكر ألف مرة قبل إرسال طفليها إلى المدرسة «صحتهم أهم عندى من الدراسة»، لكنها قررت أن تستعين بالمدرس الخصوصى فى المنزل، فى حال ظهرت حالة إصابة واحدة فى مدرستهم. وتكتفى منال أن تقول «ربنا يكفيكم شر المرض» وهى تقف عند باب المدرسة صباحا تودع طفليها، هذه الدعوة الجديدة التى استبدلتها منال بعبارة «ركزوا مع الشرح، وبلاش مشاغبات»، وكانت قد سلحتهم على حد قولها «بصابون مطهر ومناديل مبللة بمطهر وكمامات» التى اشترت منها كميات كبيرة خزنتها فى المنزل، وكان تعليق هيثم وهديل فى صوت هامس «إحنا مش بنلبس الكمامة فى المدرسة وماما متعرفش» لأنها تعيقهم عن الكلام والضحك على حد قولهم. يرى د. أحمد شوقى العقباوى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر أنه لا يوجد تأثير سلبى على نفسية الأطفال من التعليمات الجديدة التى توجه لهم من المدرسة والبيت بسبب إنفلونزا الخنازير، «المفروض تكون موجودة أصلا» لأنها عادات صحية وسلوكية سليمة، وتعتبر ضرورة فى حياتنا حتى بدون إنفلونزا الخنازير. ويطمئن د. شوقى الآباء من استغراب الصغار «الطفل بيتصور إن دى مجرد موضة جديدة من الأب والأم» بسبب التغير الطارئ على عاداتهم الصحية، «فى البداية الطفل هايستغرب لكن هيتعود بسرعة» ويصبح لديه وعى صحى بمخاطر نقل القبلات والأحضان والرزاز للأمراض. كما ينصح باستخدام أسلوب التطبيق مع الطفل «بلاش نكلم الطفل من غير ما يشوف عملى»، فالطفل يلتقط الصور أسهل من السمع، لأنها ترسخ فى ذاكرته، ويتعلم منها بطريقة أفضل، فمثلا دور الأب والأم فى رأى د. شوقى هو تطبيقهم للقواعد أولا حتى يشعر الطفل أن هناك تغيرا فى السلوك العام للأسرة كلها «مش هو بس»، ومنها امتناعهم عن تقبيل الأهل والجيران والأصدقاء، مع تنبيه الطفل بالعبارات عند رؤيته ذلك، ليشعر بالتغير من الجميع ومنها مثلا «شوفت بابا.. بيغسل ايده أول ما ييجى من الشغل». وفى رأيه أن الطفل سريع التعود أكثر من الكبير، لأن تعديل السلوك فى هذه السن كالنقش على الحجر.