الموسيقار اللبنانى اكتشف فيروز وفايزة أحمد.. ورفض اتجاه ابنته ماجدة للغناء لم يكن غريبا أن يعلن مهرجان الموسيقى العربية فى دورته ال27،التى تبدأ غدا عن تكريم اسم الموسيقار اللبنانى الكبير حليم الرومى، باعتباره احد اعمدة الفن اللبنانى كما ان هذا الرجل ربما يكون ظلم كثيرا بسبب التجاهل الإعلامى العربى لمكانته الفنية خاصة فى عالم الموسيقى، الكثيرون كانوا يتوقفون عند اسمه باعتباره والد السيدة ماجدة الرومى، لكن الواقع يؤكد ان له دورا كبيرا على الساحة الغنائية العربية واللبنانية وبصماته ملموسة. فيكفى انه اكتشف صوت لبنان الاول على مر التاريخ السيدة فيروز، كما انه اكتشف ايضا المطربة الكبيرة فايزة احمد، كما ان الحكومة اللبنانية استدعته اثناء اقامته فى القاهرة لكى ينشئ الاذاعة اللبنانية وبالفعل امام نداء وطنه ترك احلامه فى القاهرة عاصمة الفن، وعاد إلى وطنه واصطحب زوجته المصرية فى اول مركب عائد إلى لبنان. وعندما وصل اليها لم يكتف بأنشاء الاذاعة اللبنانية بل كون اول فرقة لبنانية تعتمد على النوتة الموسيقية، وبالتالى يحسب له انه ساهم فى حدوث نهضة موسيقية فى لبنان. لذلك لم يكن غريبا ان يكرمة العام الماضى وزير الاعلام اللبنانى ملحم الرياشى، خلال احتفال أقيم فى مبنى إذاعة لبنان فى الصنائع، باطلاق، إسمه على استوديو رقم 5 فى الإذاعة، تقديرا لما قدمه الفنان الكبير للموسيقى العربية ول«إذاعة لبنان». وحضرت الفنانة ماجدة الرومى هذا التكريم. ووقتها قال الرياشى فى كلمته «لبنان حليم الرومى، لبنان فيروز، لبنان الاخوين الرحبانى، لبنان سعيد عقل، ولبنان هؤلاء العباقرة، كل هؤلاء الكبار يبقون وحاضرون معنا، لأننا نريد أن نتنشق هواء الحرية الحقيقية، هواء الاخلاق السامية والأصالة. نريد لهؤلاء ان يبقوا ليبقى اللحن والشعر»، وتمنى أن تعود الاذاعة مجددا. وفى كلمات الوزير اللبنانى ما يعطى حليم الرومى جزء من حقه لما قدمة لوطنه. فى حين قالت ابنته ماجدة الرومى فى هذا اليوم: «كأنها حدثت بالامس تلك الذكريات الجميلة التى عشتها هنا فى هذا المكان بالذات، وهذا البيت الاول الذى احتضننى هنا فى كنف والدى». اليوم أعود إلى الاذاعة اللبنانية وتأثرى ليس بقليل، أشعر كأننى هنا، أعود إلى بيتى بعد طول غربة واغتراب، أما المناسبة، فإطلاق اسم والدى على الاستوديو الرقم 5 فى الاذاعة اللبنانية التى ساهم والدى مساهمة كبيرة فى نهضتها. الغريب فى الامر ان حليم الرومى رفض اتجاه ابنته ماجدة إلى الغناء فى بادئ الامر إلى ان اكتشف ابن عمها قدرتها الصوتية الكبيرة فقدمها لاستوديو الفن الذى كان يقدم على شاشة التليفزيون اللبنانى، وغنت وقتها يا طيور لأسمهان وانا قلبى دليلى لليلى مراد وحققت نجاحا كبيرا،هنا قرر حليم الرومى ان يسمح لابنته بالغناء. لكن الاغرب ان الاعلام تناسى فيما بعد اسم حليم الرومى واصبحت ماجدة احدى نجمات الغناء فى العالم العربى. ولأن مهرجان الموسيقى العربية دائما يضع رموز الفن ممن ساهموا فى اثراء الموسقى العربية نصب اعينه قرر ان يعيد حليم الرومى إلى المكانة التى يستحقها واعلن عن تكريم اسمه هذا العام، باعتباره قيمة كبيرة فى وطنه لبنان، كما أن نقطة الانطلاق كانت من القاهرة. يعد «حليم الرومى» صوتا نادرا وموسيقارا مُجددا.. حملت ابنته «ماجدة» شعلة الفن الأصيل، وبها استمر العديد من ألحانه يتردد فى أغنيات ماجدة الرومى: عطر، سلونا، اليوم عاد حبيبى، لبنان قلبى، لا تغضبى. ومن إنجازاته: تحويل موسيقى السماعيات القديمة إلى ما يشبه الموشحات الجديدة دون المس بهيكلها الموسيقى المؤلف بها، وذلك لأول مرة فى تاريخ هذه الموسيقى التى ظهرت فى عهد حكم العثمانيين لهذه البلاد منذ أوائل القرن الخامس عشر حتى أواخر التاسع عشر. حياته فى سطور ولد بمدينة صور فى جنوبلبنان عام 1918، وانتقل فى صغره إلى فلسطين مع والده عوض الرومى الذى كان يرسم الأيقونات فى كنائس حيفا ويافا والقدس.. بدأ حياته الفنية سنة 1935 حين شارك فى حفلات ومهرجانات بحيفا، وغنى للمرة الأولى فى لبنان سنة 1936 فى مصيف برمانا إلى جانب كبار المطربين.. سافر حليم إلى مصر ودخل معهد فؤاد الأول للموسيقى؛ حيث تتلمذ على يد كبار الموسيقيين أمثال مصطفى بك رضا ودرويش الحريرى وعبده قطر، ودرس أصول قراءة النوتة، واستطاع أن يختزل مدة الدراسة من ست سنوات إلى سنتين فأصبح يمتلك ناصية التلحين والأداء المتمكن، وفاز بالدبلوم الموسيقى سنة 1939.. أفسحت له الإذاعة المصرية مكانا ومكانة، وقدم أولى وصلاته الغنائية تحت اسم «المغنى المجهول». ثم ما لبث أن عرفت مصر اسمه، وبدأ الغناء فى حديقة الأزبكية، وغنى إلى جانب نجوم الطرب فى ذلك الوقت. كما انه دخل عالم السينما فى مصر، ومثل عدة أفلام مثل «أول الشهر» و«قمر 14». بدأ عمله فى إذاعة الشرق كمطرب وملحن وعازف عود، واعتمدته الإدارة «الفنان الأول» فى المناسبات والاحتفالات، إلى جانب عمله الإدارى فى الإذاعة بقبرص. أسس أول فرقة موسيقية تعزف على النوتة، واكتشف أهم الأصوات التى صنعت مجد الأغنية، أمثال: فيروز، وفايزة أحمد. وغنى من ألحانه: صباح، فيروز، فايزة أحمد، وديع الصافى، سعاد محمد، نصرى شمس الدين وغيرهم. كان حليم الرومى غزير الإنتاج؛ إذ بلغ ما لحنه نحو ثلاثة آلاف أغنية، وله بصمات ذهبية على الألحان والأغنيات، لا سيما الموشح الذى أعطى فيه للكورس أدوارا لم يعرفها هذا النوع من الغناء من قبل. له ألحان عظيمة أذيعت على الهواء مباشرة وبعضها حفظ مسجلا؛ منها: قصيدة إرادة الشعب، عطر، موشحات يرنو بطرف، يا أصيل الحى، وجب الشكر، أوبريت «مجنون ليلى».