أعاد فوز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، برئاسة الولاياتالمتحدة في عام 2016، دور الخطب الشعبوية ونمو الأحزاب اليمينية المتطرفة ومناصريها، ويبدو أن تجربته في كسب الجماهير، التي خالفت كل التوقعات والإحصائات، لاقت استحسان نظرائه في دول أخرى. يعتبر كثيرون، أن القومية الشعبوية جاءت كرد فعل للعولمة، وللتعددية الثقافية، ولأسباب سياسية واقتصادية كثيرة، إلا أنه بالرغم من اختلاف الأسباب فهناك عوامل مشتركة كثيرة، أساسها الخوف من الركود الاقتصادي، أو من الفساد، أو الهجرة، أو الخوف على القومية، أو الخوف من الإرهاب؛ ليقابله إرهاب معاكس يستهدف الأقليات والمهاجرين، والديمقراطية. أحدث حلقات مسلسل «زحف اليمين المتطرف العالمي» هو فوز جايير بولسونارو برئاسة البرازيل، لتنضم بذلك أمريكا الجنوبية إلى أوروبا (القارة المتنامي فيها اليمين بسرعة شديدة، وإلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ترصد «الشروق» في هذا التقرير تجارب صعود اليمين المتطرف في أوروبا خلال السنوات الأخيرة. البرازيل: فاز ضابط الجيش السابق، اليميني المتطرف، جايير بولسونارو، يوم الأحد برئاسة البرازيل، رابع أكبر ديمقراطية فى العالم، متفوقًا على مرشح اليسار فرناندو حداد الذي خاض الانتخابات بديلاً عن الرئيس الأسبق إيناسيو لولا دى سيلفا، مؤسس حزب العمال اليسارى والمسجون حاليًا على ذمة قضايا فساد. وكان شعار حملة بولسونارو «البرازيل فوق كل شيء، الله فوق الجميع»، واعدًا بالقضاء على الفساد والعمل على تخفيض نسبة الجرائم المرتفعة في البرازيل؛ بعد موجة إحباط بسبب الفساد والجريمة. بولسونارو لا يخفي إعجابه بالدكتاتورية العسكرية، التي حكمت البرازيل بين 1964 و1985، ويدافع عن تعذيبها للمعارضين اليساريين، والبرازيليين المنحدرين من أصل إفريقي والنساء والأقليات والمثليين، ما دفع البعض لتلقيبه ب«ترامب البرازيل». وهو لا يختلف كثيرًا عن «ترامب» دائم الهجوم على وسائل الإعلام التقليدية وتفضيلة لوسائل التواصل الاجتماعي في توصيل خطابه الشعبوي إلى مناصريه، وهذا ظهر جليًا في بيانه الأول بعد فوزه بالرئاسة، بعدما اختار خاصية البث المباشر على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لإلقاء بيانه. ألمانيا: تمكن «حزب البديل من أجل ألمانيا» من الحصول على نسبة 25% من الأصوات في انتخابات الولايات في مارس 2016، بعد أن فشل سابقًا في الحصول في 2013 على آية مقاعد في البرلمان؛ إلا أنه حصد 94 مقعدًا في البرلمان، عام 2017 محققًا تقدمًا كبيرًا، وهو بذلك أول حزب يميني قومي يدخل البوندستاج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد أزمة كبيرة في تشكيل الحكومة الأخيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد الخسائر التي لحق بها حزبها المسيحي الديمقراطي في الانتخابات، بسبب سياسة ميركل المرحبة باللاجئين، قررت ميركل الانسحاب من الحياة السياسية بالكامل بنهاية ولايتها الحالية بحلول عام 2021، بعد 18 عامًا من توليها المنصب. فرنسا: الرئيس اليساري الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أشاد بقرار المستشارة الألمانية «ميركل» بعدم الترشح لمنصب المستشارة عام 2021، قال للصحفيين:«أذكركم بأن اليمين المتطرف يبذل ما بوسعه في فرنسا، هذا ليس جديدًا يقلقني، لكنه يحفزني كذلك». «ماكرون» فاز برئاسة فرنسا في انتخابات 2017 ضد مرشحة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان، الذي يتبنى الخطاب العدائي تجاه المهاجرين، ويسعى لتقليل إعاناتهم. بريطانيا: يعد حزب الاستقلال البريطاني، أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في بريطانيا، وقد تأسس هذا الحزب عام 1993 كحزب معارض للاتحاد الأوروبي، وتمكن في 2014 من الحصول على أول مقعد له في البرلمان، وتمكن من الحصول على أعلى الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي في بريطانيا. وبعد حصول الحزب على 13% في الانتخابات التشريعية في 2015، دفع ذلك رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون، إلى الدعوة لاستفتاء يونيو 2016، الذي انتهى باختيار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتشير العديد من التقارير إلى ارتفاع نجم الحزب، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع حصده المزيد من المقاعد في الانتخابات المقبلة. المجر: سيطر فيكتور أوربان، ورئيسه «فيدز» اليمينيين على آخر أربعة انتخابات، وفي عام 2014، تمكن حزب «جوبيك» اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين من الحصول على 20% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية ما جعله ثالث أكبر الأحزاب في المجر. يتمتع «فيدز» بأغلبية الثلثين في البرلمان المجري، ويعتبر «أوربان» أن بلاده تمثل آخر معاقل أوروبا في مواجهة ما وصفه بظاهرة "الأسلمة"، وتحدث عن فوزه الأخير في 2018 بأنه «نصرٍ تاريخي» وقدّم نفسه كمدافع عن السيادة الوطنية وأوروبا المسيحية. إيطاليا: أصبح المحامي جوزيبي كونتي، رئيسًا للحكومة الإيطالية، في مايو الماضي وكلفته بتشكيلها، و«كونتي» هو مرشح حزب «الرابطة» اليميني المتطرف وحركة خمس نجوم المناهضة للمؤسسات. وكان وزير الداخلية الإيطالي، وزعيم حزب «الرابطة» ماتيو سالفينى، أول من أشادوا «باختيار المواطنين البرازيليين لجايير بولسونارو، المنتمى لليمين المتطرف أيضًا، رئيسًا للبلاد خلال جولة الإعادة بالإنتخابات الرئاسية التى جرت أمس الأحد». النمسا: حصد حزب حرية النمسا اليميني القومي، صاحب شعار«النمسا أولاً» على 3 حقائب أساسية في الحكومة النمساوية المؤلفة من 13 وزيرًا. وحصل هذا الحزب اليميني المتطرف، الذي حل ثالثا في الانتخابات، على ثلاث وزارات سيادية هي الداخلية والدفاع والخارجية، فيما عين رئيسه هاينز كريستيان شتراخه (48 عاما) نائبا للمستشار، وهو الذي شبه الهجرة ب"اجتياح جماعي"، واعتبر أن "الإسلام لا مكانة له في النمسا". اليونان: يعد «حزب الفجر الذهبي» أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في اليونان، دخل البرلمان ب18 مقعدًا عام 2012، وصفه المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان في 2013 بالنازي الجديد، حيث له نظرة متشددة تجاه المهاجرين. السويد: حقق اليمين المتطرف في السويد، تقدمًا في الانتخابات التي جرت في سبتمبر الماضي، وفي المقابل تراجعت قوى اليسار ويمين الوسط، رغم احتفاظها بالصدارة وحصول كل منها على أكثر من 40% من الأصوات. وحصد حزب «ديمقراطي السويد» اليميني المتطرف 18% من الأصوات، وأضاف إلى مقاعده 13 مقعداً ليصل عددها في البرلمان الحالي إلى 62 مقعداً. ويشعر اللاجئون بالقلق خاصة، بعد أن ارتفعت نسبة المؤيدين لقوى اليمين التي تدعو إلى ترحيل اللاجئين غير الشرعيين، وغلق الأبواب في وجه المهاجرين الجدد. بولندا: استطاع حزب "القانون والعدالة" اليميني، الحزب الحاكم، فى بولندا، الفوز ب46% من المقاعد فى الانتخابات المحلية التى شهدتها البلاد، قبل أيام، مقابل حصول ائتلاف المعارضة على 35%. وكان الحزب اليمين، حصل على 39% في الانتخابات البرلمانية التي عقدت في 2015، جعلته يشارك في تشكيل الحكومة بقوة، وهو حزب معروف بمعاداته للمهاجرين. الدنمارك: حصل حزب «الشّعب الدنماركي»، أكثر الأحزاب تطرفًا في الدانمارك، على 21.1% من الأصوات في الانتخابات العامّة عام 2015، ليصبح بذلك ثاني أكبر حزب في البرلمان، ويرفض هذا الحزب تأسيس مجتمع من المهاجرين في الدانمارك، وهو يسعى بقوّة القانون للحدّ من تدفّق اللاجئين. هولندا: يعرف حزب «من أجل الحريّة» الهولندي بمعادته للمسلمين، ومناهضته للهجرة، وحصل الحزب على 20 مقعدا في البرلمان بالانتخابات الأخيرة. ويمثل هذا الحزب بزعامة خيرت فيلدرز ضغطا دائمًا في هولندا؛ إذا يشكل تظاهرات دائمة احتجاجًا على ما وصفوه ب"التمييز الممارس ضد المواطنين الهولنديين العاديين" لمصلحة المهاجرين والمسلمين.