لعلك تدرك سر أهميتها حينما تعلم أنها تشكل نسبة قد تتجاوز الخمسين إلى السبعين بالمائة من جسمك. لذا فإن صيامك عن الطعام بصورة مطلقة قد يبقيك على قيد الحياة أياما طويلة لكن الهلاك من العطش أمر محتوم إذا تعدى أياما قليلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة. كل المواد التى عرفتها الطبيعة إلا القليل تذوب فى الماء مما يسهل حمله إلى جميع أنسجة الجسم وأعضائه فكيف يستغل الجسم الماء ليدير عجلة الحياة ولماذا يحتاجه؟ فى عمليات هضم الطعام فى الأمعاء تذوب المواد الغذائية فى الماء الذى يعبر بها جدران الأمعاء لينفذ إلى الشعيرات الدموية التى تحملها بدورها للشرايين الأكبر التى تنتشر بها إلى كل أنسجة الجسم وعضلاته وأعضائه الحيوية المختلفة. يعود الماء بمخلفات العمليات الحيوية كلها ليخرجها بأمان عبر عمل الكلى. يوفر الماء البيئة المناسبة لكل عمليات البناء والهدم الأساسية فى الجسم أيضا لعمليات توليد الطاقة وبناء الأنسجة المختلفة. الماء هو الموصل الجيد والحيوى للوسائل الكهربية التى تتبادلها الخلايا لتنسيق ما بينها من مهام تتيح التوافق فى الحركة وتوازن الأفعال وردود الأفعال فتبصر العين ما يتعرف عليه العقل. ويعبر المخ عن رد فعل ملائم فى مواجهة فعل ما كالابتعاد عن طريق سيارة مسرعة أو الابتسام لصديق مقبل. محتوى الجسم من الماء هو الذى يحفظ عليك حرارة ملائمة طبيعية، فالعرق يهبط درجات بحرارة الإنسان فى الأجواء الحارة حينما يتبخر من على سطح الجلد. الماء أيضا هو الذى يحافظ على مرونة المفاصل حينما تنزلق عليه نهايات النظام عن التقائها فى المفاصل. الماء هو المكون الأساسى للدم فى الشرايين والأوردة. ثلاثة أرباع محتوى الجسم من الماء داخل خلايا الجسم والربع الباقى خارجها بين الخلايا وبعضها فى بلازما الدم فى الشرايين والأوردة فى السائل الليمفاوى وما يفرزه الجسم من عرق أو سائل منوى أو فى النهاية بول. لذا فالماء داخل الخلايا يحمل كل أسرار الحياة ونشاطها ينعكس على صحة الإنسان وحيويته ولأن الخلايا تستعمل الماء ولا تعمل على تخزينه وإن حاجتها له مستمرة وإلا ذبلت وهددها الجفاف. يحتاج الإنسان عادة لترا ونصف إلى ثلاثة من الماء العذب لتنفس الحياة فى شرايينه وتواصل الخلايا عملها فى دأب وحيوية.