رئيسا وزراء مصر ولبنان يترأسان جلسة مباحثات موسّعة لبحث سُبل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية المختلفة.. ومدبولي يؤكد أهمية تطبيق ما تم التوافق عليه خلال أعمال اللجنة العليا المصرية اللبنانية    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية يفتتحان محطة المعالجة الثلاثية للصرف الصحي بالهجارسة    محافظ أسيوط يطلق مبادرة كوب لبن لكل طفل دعما للفئات الأولى بالرعاية    مدبولي يؤكد موقف مصر الداعم للبنان والرافض للانتهاكات الإسرائيلية    سوريا: عقوبات "قيصر" انتهت دون شروط أو تهديد بإعادة فرضها    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    اتحاد تنس الطاولة يعلن عن لائحة تحفيزية وخطة فنية ل«هنا جودة»    بعد توجيه الشكر لعلاء نبيل.. كيروش الأقرب لمنصب المدير الفني لاتحاد الكرة    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية و57 متعاطيا للمخدرات خلال 24 ساعة    ضبط 3 سيدات لممارستهن أعمالا منافية للآداب بمقابل مالي في الإسكندرية    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    تعرف على خريطة ما تبقى من انتخابات مجلس النواب 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    نيجيريا الأعلى وتونس وصيفًا.. القيمة التسويقية لمنتخبات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    أحمد شيبة ينتهي من تسجيل أغنية جديدة لطرحها في رأس السنة    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    عبد الغفار يبحث مع وزير الصحة الموريتاني نقل التجربة المصرية في التأمين الشامل    رئيس الإنجيلية: ميلاد السيد المسيح يحمل رجاء يغيّر العالم ويمنح الأمل لجميع البشر    عاجل- نواف سلام يؤكد: العلاقة مع مصر تتجاوز تبادل المصالح    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    عاجل مدبولي يصل بيروت لبدء مباحثات رسمية مع الحكومة اللبنانية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 116 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    العوضى فى برومو حلقة صاحبة السعادة: ما بحترمش اللى بيتكلم عن علاقة خلصت    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    رسائل السيسي لقادة فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية تتصدر نشاط الرئيس الأسبوعي    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الأفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم سيد حنفي في دائرة الخليفة    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام التعليم الجديد: عن الخبرات الأجنبية والإيجابيات والضمانات
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 08 - 2018

تابع الكثيرون العرض الذي قام به وزير التعليم في مؤتمر الشباب عن نظام التعليم الجديد والبعض راوده الأمل في تغيير طال انتظاره لنظام التعليم في مصر. وهناك بالفعل إيجابيات هامة فيما يتم عرضه وإن أتت معها تساؤلات كثيرة أيضا بل ومقلقة. وهناك من رأى ضمانات مبشرة بالنجاح في الخطط المطروحة ولكن عدد من العوامل يدفعنا للبحث عن ضمانات ومؤشرات مختلفة. فمثلا مما يشجع البعض على الثقة فيما يتم عرضه أن لفيفا من الخبراء الدوليين والمحليين والجهات الدولية الكبرى شاركوا في وضعه. ولا شك أن هذا يمكن أن يكون جانبا إيجابيا للغاية، ولكن كأحد المشاركين في الدعم الفني للخطة الاستراتيجية للتعليم 2007-إلى 2011 يمكنني أن أعدد الجهات والخبراء الدوليين والمحليين الذين شاركوا في الخطوات المختلفة لوضع تلك الخطة أيضا. والتي كانت تبشر بنقلة نوعية في التعليم المصري من: إصلاح شامل للمناهج وأساليب التدريس إلى تعظيم استخدام التكنولوجيا لتحقيق تعليم عالي الجودة وتحديث نظام الثانوية العامة. وأظن أنه يمكننا أن نتفق أن تلك الخطة لم تحقق النقلة النوعية المنشودة. وقد يكون ذلك له علاقة بما تم تداوله عن استياء بعض كبار الخبراء لعدم الأخذ بتوصياتهم من قبل صناع القرار الذين أصروا على إدراج عدد كبير من الأهداف غير الواقعية في الخطة. والخسارة بالطبع لمصر فهم أخذوا مستحقاتهم وأدوا واجبهم ورجعوا لبلادهم. ولكن إن كانت الاستعانة بالخبراء المختصين شيء إيجابي ومعتاد، فإن اللجوء للشركات التعليمية الدولية لبناء المناهج ووضع الامتحانات هو موضوع خلافي كبير وغير مسبوق في السياق المصري. ومن يبحث مثلا عن شركة "Pearson" التي ذكرها الوزير سيجد انتقادات واسعة لها، خاصة لدورها في صناعة ثقافة الامتحانات المستمرة التي تضع الطلاب تحت ضغوط نفسية كبيرة وتدفع المعلمين “للتدريس من أجل الامتحان”. لذا يجب أن نتروى كثيرا قبل أن نمضي في هذا الاتجاه ونفتح حوارا مجتمعيا حول تفاصيل الإصلاحات، فبناء التوافق ليس رفاهية وإنما هو من أهم الضمانات التي يجب أن نبحث عنها لتقدير فرص النجاح.
***
فإذا أردنا أن تنجح خطط التغيير هذه المرة فالضمانات لا علاقة لها بالاستعانة بالخبراء الأجانب والشركات الكبرى. الضمان الذي يجب أن نبحث عنه هو وضع أهداف واقعية وخطوات إجرائية محددة مبنية على تقديرات واضحة للموارد المطلوبة، وللمعوقات وكيفية تخطيها، وللأثر المتوقع وكيفية قياسه. والأهم من هذا كله وجود تمويل مضمون ومخصصات واضحة لكل بنود الخطة. والثابت من التجارب العالمية أن دعم المعلمين والمجتمع بشكل عام لإصلاح تعليمي كبير كهذا هو ضروري لضمان نجاحه واستمراريته. ولا يزال الحديث عن النظام الجديد حتى الآن يدور حول الرؤى الجميلة والأهداف الكبيرة ولا يتطرق في معظم الأحيان للمعوقات وكيفية تخطيها أو للموارد المطلوبة وكيفية توفيرها وسط غياب للحوار المجتمعي وما يبدو أنه تجاهل للمعلمين. ومجرد الإعلان عن صياغة “نظام تعليمي جديد” وإدخاله حيز التنفيذ في عدة أشهر هو في حد ذاته مدعاة للقلق الشديد. وكمثال فإن إنجلترا بدأت في التخطيط لتغيير مناهجها الوطنية في 2010 وتضمنت هذه العملية مختلف المشاورات لمقترحات التطوير تم بناء عليها تعديل العديد من النقاط وتم البدء في الانتقال للمنهج الجديد في 2014. ومع ذلك يجدر التنويه أنه كانت هناك انتقادات شديدة من أطراف مختصة أن الإصلاحات كانت سريعة ولم يتم التحضير لتطبيقها بتأني ولهذا تأخر إدخال بعض المناهج والامتحانات الجديدة إلى 2016، وأن هذا في بلد لا يعاني ربع ما نعانيه من مشاكل هيكلية وفي حالة تجديد مناهجه وليس تغيير النظام التعليمي ككل.
ولاحظنا أن التأكيد على أن الامتحانات الجديدة ستقيس الفهم والمهارات وليس الحفظ وجد صدى لدى بعض من تابعوا العرض، ولكن إشكاليات التقويم في مصر أعقد من ذلك بكثير. ويجب علينا أن نناقش ونسأل عن كل تفاصيل نظام التقويم الجديد، وأبسطها لماذا يمر الطالب ب12 امتحان في الثانوية العامة وليس اثنان أو ثلاثة وكم سيتكلف ذلك وكيف سيتم إعداد المدارس والمعلمين له؟ أما ما لا نفهمه حقا فهو ربط تغيير طرق التقويم بالتابلت الذي سيتم توزيعه على الطلاب. وكما أوضحنا في مقال سابق فإن الدراسات المتاحة لا تؤيد مثل هذا الاستثمار المادي والبشري الضخم في التكنولوجيا كحل لمشاكل مصر الأساسية في الإتاحة والجودة وتكافؤ الفرص. ولا زال الحديث متمركزا على كيفية علاج إشكاليات التطبيق وكيف أننا سنقوي الشبكات ونوصل التابلتات بالإنترنت ونعد مراكز للصيانة ونوفر مئات المهندسين للدعم الفني، وسنكلف وزارة الداخلية بمتابعة محاولات بيع وشراء وسرقة التابلت، والمفترض أننا سنوفر الموارد اللازمة لتدريب آلاف المعلمين والإداريين ليتمكنوا من استخدام هذه التكنولوجيات بفعالية. ولا زلنا لا نجيب على السؤال الأساسي: لماذا نلجأ لكل هذا الاعتماد على التكنولوجيا في التعليم وأكثر الدول تقدما لا تلجأ لمثله وما هو مردوده المتوقع على مشاكلنا الأساسية؟
أما إذا كنا نضخ كل هذا الإنفاق على التابلت لكي نمنع الغش في امتحانات الثانوية العامة، كما بدا من بعض التصريحات الرسمية، فهو ثمن باهظ حقا وله بدائل أخرى له حتما. فحتى إذا أصبح الامتحان إلكترونيا مثل الامتحانات الدولية كالIGCSE فلا يوجد أي داعي لتسليم كل شخص في المنظومة جهاز إلكتروني، ولا تفعل ذلك أية دولة تتطبق مثل هذه الامتحانات. فيكفي أن يتم تسجيل الدخول عن طريق بيانات الطالب على جهاز كمبيوتر داخل لجنة مخصصة لهذه الامتحانات. ولا نفهم ما يقال عن توفير تكاليف الامتحانات والمكافآت والمراقبة، فالامتحانات المفترض أن عددها سيتضاعف ولم نسمع من قبل عن امتحان بلا تحقق من الهوية وملاحظة للممتحنين. وإذا كنا نزعم أو نظن أن أي من هذا قد يوقف أو يحد من الدروس الخصوصية، فلا أعرف علام نبني هذه المزاعم. فمجرد الانتقال للامتحانات الإلكترونية لا ينفي الدروس بأية حال والتابلت لا يمكن أن يستبدل المعلم مهما وضعنا عليه من محتوى علمي. ولا نفهم حقيقة ما يقال عن "التعلم الذاتي" الذي سيقضي على الدروس، إلا إذا كنا سنصبح الدولة الوحيدة في العالم التي تقول لطلابها: تفضلوا هذه هي المادة العلمية المتوفرة في العالم، تعلموا تعلما ذاتيا ونراكم في الامتحانات.
***
وأخيرا من الإيجابيات التي لفتت نظر البعض أن هناك اتجاه نحو المصارحة والاعتراف بأن الوضع القائم شديد السلبية. وفي هذا الإطار يتم التأكيد على أن بلدا كمصر لا يليق بها أن يكون مركزها الأخير بين دول العالم في التعليم. ولن نناقش هنا منهجية الدراسة التي تشير لمصر كأسوأ دولة في العالم، ولكن يجب علينا أن نقول بوضوح أن الكلام الذي يتم تداوله من قبيل أنه “ليس هناك أسوأ من المركز الأخير وماذا ستخسرون إذا وثقتم في الإصلاحات المعلنة” لا يستقيم. والرد عليه بسيط. سنخسر المال العام والوقت والجهد الذي لا يؤدي لأي تحسن ونكون قد أضعنا مواردنا ودمرنا أعصاب معلمينا وطلابنا وأهاليهم دون أن نتحرك خطوة إلى الأمام. وحتما بالإمكان أسوأ مما كان وإلا كيف وصلنا لمستوانا الحالي من سنة لأخرى؟ ونحسب أنه من الأفضل أن يكون الرد على تساؤلات الآباء والمعلمين والباحثين بحجج مقنعة ومعلومات دقيقة لا أن يقال لهم جربوا فليس لديكم أصلا ما تخسرونه.
باحثة متخصصة في مجال تطوير التعليم
الاقتباس
إذا أردنا أن تنجح خطط التغيير هذه المرة فالضمانات لا علاقة لها بالاستعانة بالخبراء الأجانب والشركات الكبرى. الضمان الذي يجب أن نبحث عنه هو وضع أهداف واقعية وخطوات إجرائية محددة مبنية على تقديرات واضحة للموارد المطلوبة، وللمعوقات وكيفية تخطيها، وللأثر المتوقع وكيفية قياسه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.