18 ألف طالب يسجلون لاختبارات القدرات بتنسيق الثانوية العامة    برلماني: مجلس الشيوخ يُسهم في دعم العمل التشريعي    «الباقيات الصالحات» تطلق التشغيل التجريبي لمبادرتها الجديدة «احنا السند»    10 توجيهات لوزير الري بشأن توزيع المياه وتوفير التصرفات المائية بكل ترعة    مركز التجارة الدولي: مصر تجتل المركز الأول عربيا في تصدير المانجو    عمرو أحمد: إيران ترى أن التصعيد الأوروبي يتناقض مع المعاهدات الدولية    غارات إسرائيلية تستهدف المدنيين في حي التفاح ومناطق أخرى بغزة.. تفاصيل    وزير خارجية إيطاليا: الاتحاد الأوروبي مستعد لفرض رسوم جمركية على بضائع أمريكية    لجان التفتيش بوزارة الشباب والرياضة تصل السويس و الإسماعيلية    عماد المندوه يعتذر عن عدم الاستمرار في الزمالك    مصرع شاب في تصادم دراجة نارية مع سيارة بالقليوبية    بورسعيد تؤكد توافر أعداد كافية من المنفذين المؤهلين بطول الشاطئ - صور    بعد ضبطه ب40 لفافة.. قرار عاجل من النيابة ضد تاجر كوكايين بالشيخ زايد    "المهن التمثيلية" تكشف تطورات حالة لطفي لبيب الصحية وحقيقة تدهورها (خاص)    "خبر عاجل" .. تعرف على صناع أول أغاني ألبوم آمال ماهر    مدبولي يتفقد مشروع تطوير مركز القسطرة وجراحة القلب بالإسكندرية - صور    مدبولي: عيادات بالذكاء الاصطناعى لدعم التأمين الصحي بالإسكندرية    لفت الأنظار في المونديال.. بالميراس يرفض 3 عروض أوروبية لريتشارد ريوس    وكيله: الهلال استفسر عن التعاقد مع إيدرسون    النقل: التسجيل المنسوب ل كامل الوزير حول هشاشة البنية التحتية كاذب ومدلس    «الوطنية للتدريب» تواصل تنفيذ برنامج «المرأة تقود في المحافظات المصرية»    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    الأولى بدبلوم المدارس الثانوية الصناعية: اخترت التعليم الفنى لتخفيف العبء عن أسرتي    انقسام داخل الكابينت الإسرائيلي حول مصير "المدينة الإنسانية" في رفح    طهران: قواتنا مستعدة لتوجيه الرد المزلزل إذا كرر الأعداء ارتكاب الخطأ    مهرجان للفنون والحرف التراثية في قنا    مسرحية «يمين فى أول شمال» .. رحلة تتحول إلى حالة فنية استثنائية    «مستقبل الرواية العربية» ندوة في مكتبة الإسكندرية    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    وفاة لاعب «فلاي بورد» محمود عبدالغني أثناء عرض استعراضي بالغردقة    محافظ المنوفية: ترخيص 22 مشروعا زراعيا.. وتنظيم 33 ندوة توعوية للفلاحين    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات «كوبري 45» بالإسكندرية    وزير الشئون النيابية يلتقي عددا من صحفيين بعد فض دور الانعقاد الخامس للبرلمان    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    ندى ثابت: كلمة السيسي بقمة الاتحاد الأفريقي عكست التزام مصر بدعم منظومة الأمن في القارة    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    الطعون الانتخابية تتصدر مشهد انتخابات الشيوخ بدمياط    رمضان عبد المعز: النبي غرس العقيدة في سنوات مكة.. والتشريعات نزلت في المدينة    موعد صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بعد تطبيق الزيادة الأخيرة (احسب معاشك)    تفاصيل ضبط قائد سيارة اعتدى على فتاة وصديقتها بالتجمع    «الصحة»: دعم وتدريب مجاني لأسر الأطفال حديثي الولادة ضمن «الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية»    ضبط 10 أطنان من الدقيق في حملات لشرطة التموين خلال 24 ساعة    عمر مرعي.. من صراع الأهلي والزمالك لدوري الدرجة الثانية    ضبط 9 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملات بالقاهرة    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    جيش الاحتلال: أكثر من 100 هجوم على مواقع مختلفة في غزة خلال الساعات الماضية    بتكلفة 350 مليون جنيه.. محطة معالجة الصرف الصحي بدهب تصبح ثلاثية المعالجة    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    الصحة توزع 977 جهاز أكسجين منزلي لمرضى التليف الرئوي    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 14-7-2025 للمستهلك الآن    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    على النضارة.. أفضل صورة لترامب وزوجته من نهائي كأس العالم للأندية 2025    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المذيعة.. و«طفل بورسعيد»!
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 08 - 2018

ينبغى التوقف جيدا أمام هذا التعاطف الكبير، مع حالة الطفل الذى ضبط متلبسا بتهريب البضائع الأجنبية غير خالصة الرسوم عبر المنافذ الجمركية بمحافظة بورسعيد، لانها تحمل دلالات وإشارات ورسائل غاية فى الخطورة لما هو قادم، وتدق أجراس الإنذار بشأن تداعيات الوضع الاقتصادى الصعب الذى وضع قطاعات عريضة من المواطنين على «حافة اليأس والإحباط».
القصة بدأت عندما نشرت الصفحة الرسمية لمحافظة بورسعيد على موقع التواصل «فيس بوك»، فيديو لاحدى المذيعات تقوم بإجراء لقاءات مع عدد من الأطفال الذين جرى ضبطهم أثناء قيامهم بتهريب البضائع الأجنبية، لكنه بدا وكأنها تستجوبهم بحدة بالغة ومنطق ضعيف مغلف بمبادئ ونصائح قد يراها البعض زائفة، خصوصا مع طفل يدعى محفوظ دياب، القادم من محافظة سوهاج، وهو ما أدى إلى حدوث حالة من التعاطف مع هؤلاء الأطفال الذين اعتبرهم الكثيرون ضحايا لا مجرمين.
أحد النشطاء على مواقع التواصل، وجه رسالة إلى رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، قال فيها «الأولاد دول رجالة.. لو تقدر توفر لهم أى وظيفة يأكلوا منها لقمة عيش حلال يصرفوا بيها على أنفسهم وعلى أهاليهم يبقى حاجة محترمة منك»، ليرد عليه ساويرس: «بالضبط كده.. بيحصل دلوقتى وبعتلهم محامى للتصالح مع الجمارك والإفراج إن أمكن علشان نوظفهم».
لماذا تعاطف الكثيرون مع هؤلاء الاطفال رغم انهم كانوا يقومون بعمل غير شرعى ومجرم قانونيا؟ هناك اسباب كثيرة تقف وراء ذلك، أهمها ان المذيعة التى قامت باجراء لقاءات مع هؤلاء الاطفال، تخلت تماما عن الدور الحقيقى الذى ينبغى ان يقوم به الإعلام، وهو البحث عن الحقيقة والوقائع والملابسات، التى دفعتهم إلى سلوك هذا الطريق الخطأ، واكتفت بان تكون جلادا للجهة التى تمثلها وحكمت عليهم بالادانة حتى قبل ان تعرف الاسباب التى وضعتهم فى مثل هذا المأزق.
كذلك ما ولد هذا الاحساس بالتعاطف مع هؤلاء الاطفال، هو شعور الجميع تقريبا، بأن قدرتهم على تحمل تفاقم الأوضاع المعيشية والارتفاع الرهيب فى أسعار جميع أنواع السلع الاساسية والخدمات، قد شارفت على النفاد تقريبا، وبالتالى اذا لجأ البعض منهم إلى مثل هذه الوسائل غير القانونية لكى يظل حيا ويتمكن من اطعام اسرته فلا تثريب عليه.
ايضا يكشف هذا التعاطف عن أن خوف المواطنين من «القبضة الأمنية»، التى تلاحق كل من يخرج عن النص، قد بدأ فى التلاشى مع زيادة الضغوط الاقتصادية التى تدهس فئات كبيرة جدا فى المجتمع، ولم تعد الاتهامات الجاهزة بالانتماء ل«أهل الشر» الذين يريدون تخريب المسيرة وهز استقرار البلد، تقف حائلا أمام قيام البعض بالتعبير عن رفضهم للتدهور الحاد فى مستوى المعيشة، ومحاولة الحصول على ما يعتقدون انه «حق لهم»، حتى لو تم ذلك بطريقة مخالفة للقانون.
يضاف إلى ذلك ان هذا التعاطف اثبت ان المحاولات الحكومية اليومية للرهان على قدرة الشعب على التحمل والصبر، حتى يتم عبور هذه المرحلة الصعبة، لم تعد تجد تفهما أو تلقى قبولا كبيرا من قبل العديد من المواطنين، الذين يعتقدون انهم هم من يدفعون وحدهم فاتورة هذه السياسات الاقتصادية المؤلمة، فى ظل غياب عدالة حقيقية فى توزيع الأعباء على الجميع، خصوصا القادرين والميسورين وأصحاب الثروات الضخمة.
واقعة طفل بورسعيد يجب ان تدق ناقوس الخطر للحكومة وللإعلام.. فالأولى مطالبة بضرورة إجراء تغيير جذرى فى بوصلة توجهاتها وسياساتها الحالية، وأن تعلن بوضوح عن انحيازها للطقبات الكبيرة التى مسها خط الفقر، وتؤكد استعدادها لتطبيق سياسات اقتصادية جديدة أكثر عدلا فى توزيع أعباء الإصلاح الاقتصادى.. والثانى وهو الإعلام ينبغى عليه الا يتحول تدريجيا إلى مجرد بوق يردد كلاما أجوف عن الحلال والحرام.. الصح والخطأ.. أو يردد نغمات الوطنية الزائفة، التى لا تجد آذانا صاغية عند من مسهم الجوع والفقر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.