بعد العاشرة ليلا تجوب سيارة صغيرة بيضاء اللون شوارع مستوطنة بيزكات زائيف شبه الخالية من المارة فى ضواحى مدينة القدسالشرقيةالمحتلة. هذا المشهد يتكرر كل يوم منذ عشرة أعوام، فتلك السيارة تقل مجموعة من الشباب اليهود المتعصبين تبحث عن شباب عرب وفتيات يهوديات فى «موعد غرامى». أحد هؤلاء المستوطنين المتعصبين، والذى قدم نفسه باسم ديفيد (31 عاما)، رافضا الإعلان عن اسمه الحقيقى، يقول فى تقرير نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية أمس: «عندما نجد شابا وفتاة نتوقف، فإذا عرفنا أنهما يهوديان نواصل جولتنا اليومية، أما إذا كان الشاب عربيا فإننا نشرح للفتيات اليهوديات لماذا يجب أن يبقى العرب عربا واليهود يهودا، فنحن نريد أن نحمى الشعب اليهودى والتقاليد والتراث اليهودى». ويمضى ديفيد، الذى يعتبر هذه المهمة عمله غير الرسمى، قائلا: «المشكلة هى دائما بين يهوديات وعرب، فالعربى يتودد إلى الفتيات اليهوديات بشراء الهدايا وتدليلهن بالسلوك الناعم اللطيف، وهن يستجبن لذلك بدون وعى بما يفعلن». إلا أن سارة (ليس اسمها الحقيقى)، وهى فتاة يهودية، تقول إن «أشخاصا مثل ديفيد هم المشكلة، وليس صديقها العربى.. أنا لست غبية أو متهورة أبحث عن المشاكل، فأنا فتاة يهودية حدث أننى التقيت مع شاب أحببته، وهذا الشاب عربى. هذا شأنى أنا، ونحن نستطيع أن نتواعد فى أمكان أخرى، أماكن لا يستطيع هؤلاء أن يعثروا علينا فيها». ولمجموعة ديفيد، التى تعمل بالتنسيق مع الشرطة الإسرائيلية، أسماء عدة، منها «النار من أجل اليهودية»، وهى مكونة من 45 رجلا، ومدعومة ماليا من تبرعات خاصة، ويردد هؤلاء أنهم يحاربون «الوباء المتزايد» المتمثل حسب اعتقادهم فى اختلاط اليهوديات بالشباب العرب ومصادقتهم. هذا الوضع لا يقتصر على مستوطنة بيزكات زائيف، إذ جرى تشكيل دوريات مماثلة فى أرجاء الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1948، ومنها مدينة بئر السبع قرب النقب جنوبا، وفى مدينة حيفا شمالا. أما فى بيتاح تكفا وسط إسرائيل فقد شكلت البلدية بنفسها وحدة مناهضة للعلاقات بين الشباب العربى والفتيات اليهوديات. وعن الاتهام لهم بممارسة التمييز العنصرى، يردد القائمون على تلك الوحدة أن ما يفعلونه ليس أمرا عنصريا، فكل ما يريدونه هو توفير المساعدة الاجتماعية للفتيات اليهوديات، خاصة صغيرات السن منهن، مشددين على أنهم لا يستخدمون العنف مطلقا. ومن المرجح تشكيل المزيد من هذه الدوريات فى ظل تزايد العلاقات «الغرامية» العربية اليهودية، خاصة مع ارتفاع عدد العرب داخل الخط الأخضر (إسرائيل) إلى مليون وخمسمائة وثلاثة عشر ألفا ومائتى عربى من أصل سبعة ملايين وأربعمائة وستة وخمسين ألفا وخمسمائة نسمة، بحسب ما أعلنته اللجنة المركزية للإحصاء فى إسرائيل عشية رأس السنة العبرية قبل أقل من أسبوعين.