مر وقت طويل على صفارات الاستهجان ضد لاعبين بالمنتخب الألماني لكرة القدم في صيف عام 2010. لم يكن هناك حديث آنذاك عن صور للاعبي المنتخب الألماني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو عن متطرفين يمينيين في ألمانيا يطالبون باستبعاد اللاعبين ذوي الاعتقادات المختلفة من المنتخب. بدلا من ذلك، ساد الإعجاب عالميا خلال البطولة بنوعية اللعب الجديدة للمنتخب الوطني ، سواء فيما تعلق بثقافة اللعب أو دور المدرب أو تركيبة المنتخب التي تعكس تعددا في ثقافة المجتمع. هذه محاولة لتقفي صورة المنتخب الألماني على مستوى العالم والتي عكستها عناوين الصحف آنذاك والتي عكست صورة المنتخب الألماني على مستوى العالم عام 2010: "البرونزية للفريق الذي تمنى له العالم الذهبية" (صحيفة أفتون بلاديت السويدية).و لم ينجح المنتخب الألماني في تحقيق ضربته الكبيرة عندما استضافت بلاده كأس العالم عام 2006 وفوجئ العالم بمنتخب يلعب بأريحية رغم الضغوط عليه من قبل جماهيره التي كانت تأمل في حصول الفريق المضيف على الكأس هذه المرة. ولكن هذا الفريق الأكثر شبابا في تاريخ الكرة الألمانية منذ عام 1934 تربع في قلوب مشجعيه خاصة عندما فاز على المنتخب الإنجليزي بأربعة أهداف مقابل هدف واحد في الدور ربع النهائي وفاز 4-0 على الفريق الأرجنتيني في دور الثمانية، محققا بذلك عدد أهداف لم يحرزها منتخب غيره في هذه البطولة. ورغم أن المنتخب الألماني لم يتوج بكأس العالم الذي أقيم بعد عامين من نهائي بطولة كأس الأمم الأوروبية وذلك بعد أن مني بخسارة 0-1 أمام نظيره الاسباني الذي حصل على الكأس في تلك البطولة إلا أن ذلك حسن سمعة المنتخب الألماني ولم يضرها "حيث أصبح الألمان يراهنون على الهجمة المرتدة التي استغلوها في هذه البطولة بمستوى أصبح يرقى إلى الشعر الكروي" ،حسبما رأت صحيفة بولسكا البولندية. يضاف إلى ذلك الفلسفة الكروية التي استمر المدير الفني يواخيم لوف في تطويرها خلال البطولة الثانية، التي تولى فيها المسؤولية الرئيسية عن المنتخب والتي تتمثل من مزيد من الكثير التمريرات والتحول السريع من الدفاع للهجوم. وأصبحت هذه الاستراتيجية من المميزات الجوهرية للمنتخب الألماني والتي ساعدته على تسيد المباريات إلى أن قادته للفوز بالبطولة عام 2014 في البرازيل، لتتجاوز الكرة الألمانية التي تفور قوة والتي عرف في الخارج بكرة الماكينات وأصبحت السمة الغالبة على أسلوب اللعب الألماني. رأت صحيفة "دي بريسه" النمساوية أنه "من الضروري أن يدرس رجال السياسة و بشكل ملح سلوك مدرب المنتخب القومي الألماني يواخيم لوف، الذي تخلى رغم معارضة الكثير من وسائل الإعلام ،عمن يعرفون بالنجوم ولم يأخذ بوصفات قالت هذه الوسائل إنها مجربة بل راهن على فريق شاب أذهل جميع العالم ب "كرة قدم غير ألمانية"". تحرر المدير الفني يواخيم لوف اللطيف منذ فترة طويلة من صورته كمساعد للمدرب السابق يورجن كلينسمان واستبعد اللاعب الروتيني تورستن فرينجس قبل وقت قصير من الخوض في البطولة ،وتبين أن استبعاد اللاعب ميشائيل بالاك من الفريق لم يكن على الأقل ذا آثار سلبية على المنتخب. حشد لوف العديد من المساعدين حوله، خبراء تكتيك وخبراء في اللعب الجماعي وخبراء في الكرة الجميلة. تحدثت صحيفة "نيو يورك تايمز" الأمريكية عن منتخب لوف قائلة آنذاك: "شعب ألماني جديد، فريق متعدد الأصول ومشجعوه، إنه فريق أسفر عنه تغلب ناجح على الماضي". سواء من خلال مسعود أوزيل أو جيروم بواتينج أو سامي خضيرة، لقد أصبح المنتخب الألماني نموذجا للاندماج الناجح "فهو مثال على أنه من الممكن أن يصبح هذا التعدد قدوة يحتذى بها في مجالات أخرى.." حسبما رأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ورأى الرئيس الألماني آنذاك كريستيان فولف أن المنتخب الألماني ذو الرجال الشباب ذوي الأصول المختلفة يعكس ألمانيا كبلد للهجرة، ذلك البلد الذي تحولت إليه ألمانيا منذ زمن بعيد". لم يعد هذا البعد الاجتماعي هو محط الأنظار الآن بعد الصور المثيرة للجدل للاعبين الألمانيين إيلكاي جوندوجان و أوزيل وهما من اصول تركية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وما أعقبه من إعلان المشجعين الألمان للمنتخب عن امتعاضهم.