فى شارع المعز لدين الله بالنحاسين بقسم الجمالية بنى السلطان الظاهر أبو سعيد برقوق، أحد المساجد التاريخية العتيقة، والذى يعد تحفة معمارية عجز مهندسى العصر الحديث عن أن يبنوا مثله، ليكون أول منشأة معمارية تبنى فى دولة المماليك الجراكسة. يرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى عام 1286 ميلاديا، ويعتبر أول مسجد بنى فى عهد دولة المماليك حيث بناه السلطان برقوق أول حكام مصر من المماليك الجراكسة، والذى كان فى الأصل مملوكا للأمير «يلبغا» فأعتقه، وظل يتقلب فى مناصب الدولة إلى أن تولى الملك عام 1382 ميلاديا. بنى المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو مكون من صحن مكشوف تحيط به أربع إيوانات، واهتم مهندسه «ابن الطولونى» بتخطيطه وتنسيقه وتأنق فى زخرفته وتزيينه، حيث جاءت فكرة بنائه ليكون مدرسة لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة، وألحق به قبة ضريحية وخانقاه للصوفية، وكان فى موضعها مبنى سكنى يسمى خان الزكاة وأشرف على البناء الأمير جركس الخليلى أمير اخور. وقسم إيوان القبلة إلى ثلاثة أقسام وغطى القسم الأوسط منها بسقف مستوٍ حلى بنقوش مذهبة، وتم فصله عن القسمين الجانبيين بصفين من الأعمدة الضخمة وكسيت جدران هذا الإيوان بوزرة من الرخام الملون يتوسطها محراب من الرخام الدقيق المطعم بفصوص من الصدف كما فرش أرضيته بالرخام الملون برسومات متناسبة، وقد فقد المنبر الأصلى للمسجد وحل محله المنبر الحالى الذى أمر بعمله السلطان أبو سعيد جقمق فى منتصف القرن التاسع الهجرى. وغطت الإيوانات الثلاثة الأخرى قبوات معقودة أكبرها الغربى المقابل لإيوان القبلة، ويتوسط الصحن فسقية تعلوها قبة محمولة على أعمدة رخامية مكتوب بالطراز الذى يحيط بتنفيخها أنها جددت سنة 1892ميلادية. وتقع مئذنة المسجد فى الجانب البحرى من الواجهة كما يضم المسجد قبة ضريحية تعلو غرفتى دفن، الأولى دفن بها جثمانى السلطان برقوق وولده السلطان الناصر فرج بن برقوق، بينما تضم غرفة الدفن الأخرى رفات ثلاث نساء من أسرة الظاهر برقوق هم خوند شيرين زوجته، وإحدى بناته.